نبض الحياة" ..حديث إلى القلب " 4 "

  • بقلم : د. ياسر بهاء

    بعدما أدركت أن عليك الإنصات لقلبك، فغالباً أنت تتساءل الآن، "كيف لي أن أعلم ما هو طريقي؟ كيف لي أن أنصت لصوت الكون كي أعثرعلى دوري في الخطة الربانية؟ ما هو طريقي، وماذا يتوجب عليَّ فعله لأسير على هذا الطريق؟"

    قد تكون الإجابة على تلك الأسئلة أمراً صعباً، وذلك لأنك عندما تحاول التفكير في الإجابة ستجد نفسك محاطاً بالضوضاء.

    هناك مشتتات حولك في كل مكان. الكمبيوتر بالقرب منك وهاتفك في جيبك أو يديك، هناك أشخاص حولك في كل مكان يعطوك نصائح، يخبرونك آراءهم، ويثرثرون كثيراً بحسن أو سوء نية.

    من الممكن أن يكون الإنصات إلى صوت قلبك أمراً صعباً مع كل تلك الضوضاء والمشتتات، ومع هذا فإن قلبك يحاول طوال الوقت أن يقطع هذه الضوضاء ويصل إلى مسامعك. ربما تشعر بأنك مستنزف عاطفياً وروحياً. في الأغلب أن سبب ذلك هو أن قلبك كان يصرخ لشهور ـ ربما لسنوات، ولكنك لم تكن قادراً على سماعه بسبب كل هذا الضجيج الصادر من الأشياء والأشخاص حولك.

    ومن أجل أن تتحررمن كل تلك المؤثرات الخارجية لكي تستمع إلى ما يحاول أن يخبرك قلبك به، فأنت تحتاج لبعض الهدوء. عليك أن تذهب لمكان ما، يمكنك أن تكون فيه ببساطة دون مشتتات. هناك يمكنك أن تمارس بعض التمارين المختلفة التي ستفتح لك المجال لتعلم ما الذي كان يحاول قلبك أن يخبرك به طوال الوقت.

    ستحصل علي شيء مذهل بحق عندما تمر عليك لحظة من الصفاء والهدوء. إذ ستبدأ بالنظر إلى الأمور من منظور جديد تمامًا- من منظور ما كان لك أبداً أن تراه من قبل بدون أن تعزل نفسك للحظة بعيداً عن ضجيج الحياة اليومية.

    سأستعرض فيما يلي بعض الطرق المختلفة التي ستساعدك على أن تنفتح على الكون، أن تفتح قلبك، وأن تسمح لنفسك بأن ترى ما هو مُقَدَّر لك بصورة أفضل. إذا قمت بممارسة هذه الطرق، فسيبدأ هدفك الحقيقي بالتعبيرعن نفسه، وسترى ما الذي كنت تفتقده طوال هذا الوقت.

    تدوين اليوميات

    هل تمتلك قلماً؟ رائع! فقد قطعت ربع المسافة إلى هناك. أما لو كان لديك دفتراً فقد قطعت نصف المسافة. إذا لم يكن لديك واحداً، اذهب وأحضر قلماً ودفتراً بسرعة. والآن كل ما عليك فعله أن تبدأ في الكتابة. ما الذي تكتبه؟ أي شيء يخطر على ذهنك.

    يعتبر تدوين اليوميات ممارسة قديمة ساعدت العديد من الشخصيات العظيمة في اكتشاف الحقيقة التي كانت أقرب إليهم من حبل الوريد. فتلك الممارسة، تساعدنا على تلخيص أهم الأمور التي مرت علينا، تمكننا من التأمل في مشاعرنا، وتسجيل ذكراياتنا. كما أنها تساعدنا في التعلم من ماضينا، والتعرف على أنماط حياتنا التي نتبعها لا شعورياً.

    والأهم من كل ذلك، فإن تدوين اليوميات، يسمح لنا أن نُسْكِت كل شيء من حولنا وأنا نسمح لقلبنا بأن يخرج ما فيه. فعندما تشرع بالكتابة دون وضع تصور مسبق لما ستكتبه، ستجد أن نفسك الداخلية هي من تتولى زمام الأمر. ستجد نفسك تقوم بكتابة أمور لم تكن تتخيل حتى أنك كنت تمتلكها بداخلك، وستعلم الكثيرعن نفسك أكثر بكثير مما كنت تتوقع.

    لا يتطلب الأمر أن تكون كاتباً موهوباً حتى تقوم بتدوين يومياتك، كل ما عليك فعله أن تترك الكلمات تنساب من بين أصابعك. لا تتوقف لتفكر كثيراً، لاتقلق عما كيف سيبدو الأمر. اسمح لعقلك أن يجول ويصول، دع قلبك يتولى عجلة القيادة ويأخذك في رحلة. نجح العديد من الأشخاص في اكتشاف أمورعظيمة في أنفسهم فقط عن طريق الجلوس والسماح لأقلامهم بالإقلاع في رحلة على الورق.

    إذا كنت تفضل الكتابة على الكمبيوتر، فلا مشكلة. لكنني شخصياً أفضل الكتابة بخط اليد، لأنها ترغمني على التمهل والتأمل فيما أكتبه. إذا كنت تريد فقط تدوين ما حدث خلال اليوم، رائع، الكتابة على الكمبيوتر ستكون أفضل بالنسبة لك. أما إذا أردت أن تأخذ بعض الوقت لتتأمل وتفكر في هدوء، فالأفضل أن تجرب الكتابة اليدوية وستندهش من النتائج.

    أياً كانت الوسيلة التي ستكتب بها، قم بالكتابة يومياً. بعد بضعة أسابيع، قم بقراءة ما كتبته.

    انظر ما هي الأنماط التي بدأت في الظهور، والأفكار التي لا تتوقف عن التوارد. ما هي الرغبات التي تدور في نفسك، وما هي الآلام التي تعاودك مراراً وتكراراً. فتلك طريقة رائعة في اكتشاف ما الذي تريده حقاً، وما الذي يعيقك عن تحقيقه.

    سنتعرف على طريقة أخرى في المقال القادم بعنوان "تعرف على نفسك أكثر"

    "يتبع"



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن