"التصنيع الذكي " والانتقال لتقنيات الـ " 5G "

  •       بقلم : خالد حسن

    على الرغم جائحة فيروس " كورونا " وما أدت اليه من تراجع في معدلات نمو جميع الاقتصاديات على مستوى العالم إلا أنه من المتوقع أن تقوم الشركات المشغّلة للاتصالات المحمولة في دول منطقة الشرق الأوسط بإطلاق شبكات الجيل الخامس " 5G "  تجارياً ابتداءً من عام 2022، مما يؤدي إلى خلق  خدمات جديدة مبتكرة في أنحاء المنطقة وتحفيز النمو المستقبلي. وبحلول عام 2025، ستشكل شبكات الجيل الخامس نسبة 16 % من مجموع الاتصالات في هذه الأسواق.

     في هذا السياق يؤكد تقرير رابطة "جي إس إم إيه" أنه بفضل الدعم الحكومي الإستباقي، سارعت الشركات المشغّلة للاتصالات المحمولة، خاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى وضع الأسس للريادة العالمية في نشر تقنية الجيل الخامس والانتقال بسرعة من مرحلة التجارب إلى الترويج التجاري المبكر موضحا أنه في حين يشجعنا التقدم الذي أحرزته حكومات المنطقة حتى الآن، من الضروري أن تقوم هذه الحكومات بإنشاء بيئة تنظيمية تتيح لشبكات الجيل الخامس بالازدهار، بما في ذلك إطلاق الطيف الترددي الكافي، بحيث تتمكن الشركات والمواطنين من الاستمتاع بشكل كامل من الخدمات الجديدة المبتكرة التي ستقدمها شبكات الجيل الخامس، فضلاً عن الفوائد الاجتماعية الاقتصادية المرتبطة بها".

    وفي عام 2019 ، ساهم قطاع الهواتف المحمول بحوالي 1865 مليار دولار في اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعادل 4 % من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن تزيد هذه المساهمة إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول عام 2022 بحيث ستستفيد بلدان المنطقة من التحسينات في الإنتاجية والكفاءة الناجمة عن زيادة الإقبال على خدمات الهاتف المحمول. كما دعمت منظومة المحمول أكثر من مليون ونصف وظيفة في عام 2019، والتي تشمل العمال الذين يتم توظيفهم مباشرة في المنظومة والوظائف التي يدعمها بشكل غير مباشر النشاط الاقتصادي الناتج عن هذا القطاع. وبالإضافة إلى ذلك، قدم قطاع المحمول مساهمة كبيرة في تمويل القطاع العام، حيث تم جمع أكثر من 20 مليار دولار في عام 2019 على شكل ضرائب عامة.  

    ويؤكد الخبراء ان الصناعات ستقود ثورة الجيل الخامس ومن القطاعات الصناعية التى من المرجح أن تكون من أوائل المتبنين لشبكة الجيل الخامس ، وهي الرعاية الصحية والسيارات كما ان تطور تطبيقات الجيل الخامس سيؤدى الى تزايد الاعتماد عليها في قطاعات التصنيع والطاقة والنفط والغاز والتعدين والأعمال الزراعية والبنية التحتية خاصة أن أهم ما يميز تقنيات الجيل الخامس للمحمول هو السرعة الكبيرة جدا في نقل البيانات مما يفتح الباب على مصراعية للحديث عن تواصل الآلات مع بعضها بصورة " أون لاين"  وهو ما يعرف بتقنيات التصنيع الذكي والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الاشياء والحوسبة السحابية

    والبيانات الضخمة وتحليل البيانات وعلوم الرويوتات وكل هذه التقنيات تحتاج إلى سرعات عالية لنقل البيانات لضمان سير العملية الانتاجية وتجسين عملية التصنيع بالمؤسسات الصناعية.

    ومن ناحية أخري كشف تقرير " فيتش " ان  تقنيات 5G  بمثابة تطور أولاً ، ثم ثورة ، مع قطاع المؤسسات الصناعية المستخدم الرئيسي للتكنولوجيا "  PDE " إذ أطلقت 53 دولة هذه التكنولوجيا حتى الآن ، لكن العديد من الأسواق الناشئة لن ترى خدمات 5G بعد عام 2025 ، مع استمرار 4G في لعب دور رئيسي هذا العقد ويؤكد التقرير ان قطاع الصناعات سيقود الثورة نحو مزيد من الاعتماد على تقنيات 5G لاسيما في ظل انتشار الموجة الثالثة لفيروس  " Covid-19 " وعلى مشغلي التركيز على التكاليف والمزادات الطيف التي تم تأخيرها، وهذا يعني أن الشبكات التجارية ستنطلق في وقت لاحق مما كان متوقعا.

    وبالطبع مع تبني الحكومة المصرية لحلول التحول الرقمي لتطوير الدولة المصرية بصورة عامة مع تحديد التصنيع كركيزة أساسية لاستراتيجية التحول الاقتصادي في مصر فإنها تسعى لتوفير تكنولوجيا رقمية وميكنة على مستوى عالمؤ لرفع معايير الجودة للتصنيع المصري ورفع مهارات القوى العاملة الصناعية بالاقتصاد المصري .

    وفى هذا الاطار كشف ، مؤخرا ، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن تعاونها مع وزارة التجارة والصناعة عن إطلاق أول "مركز إبداع في الجيل الصناعي الرابع في مصر "  Industry 4.0 Innovation Center (IIC) ، وذلك بمدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة ،  حيث يستهدف المركز تعميق صناعة الالكترونيات المصرية , وفقا للمبادرة الرئاسية " مصر تصنع الإلكترونيات " من خلال التركيز التوعية بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها العملية بالمصانع الذكية، وتبني التكنولوجيا المتقدمة في التصنيع المحلي، فضلًا عن التدريب على تقنيات الميكنة والرقمنة، وتقديم الدعم اللازم في مجالات تحفيز الابتكار الصناعي وتصميم المصانع الذكية بما يسهم في  نقل المعرفة، وتطوير القطاع الصناعي .

    وفي تصوري ووفقا لما أعلن عنها من قبل الجهات المشاركة بإنشاء المركز " هيئة إيتيدا ومركز تحديث الصناعة وشركة سيمنز " سيشكل المركز نواة استراتيجية لتحفيز تبني تكنولوجيا التصنيع الذكي لتحقيق التحول الرقمي على مستوى كل القطاعات الصناعية، ومن ثم زيادة التنافسية لتصبح عنصرًا فاعلا في عصر الثورة الصناعية الرابعة وسيساهم في تسريع العمل نحو جعل مصر مركزاً اقليمياً رائداً في مجال تصميم وتصنيع الإلكترونيات .

    وفي اعتقادي أن هذا المركز الجديد سيكون له دور مهم في توفير خدمات وبرامج بناء قدرات القطاع الصناعي ورواد الأعمال وطلبة الجامعات بهدف تسهيل العمليات الإنتاجية وتطوير المنتجات من خلال تطبيق وتعزيز مفاهيم التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة وتطبيقات التكنولوجيات الحديثة بالإضافة إلى مساعدة القطاع الصناعي على مواكبة النظم الحديثة في مجال التحول الرقمي ومن بينها إتاحة البرمجيات المتخصصة في جميع القطاعات، وإتاحة أدوات إنترنت الأشياء، وتكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وأدوات التصنيع الرقمى وعمل النماذج الأولية، والهندسة العكسية، وتصميم خطوط الإنتاج والأنظمة والمحاكاة، وتقديم خدمات التقييم والاستشارات فى مجالات الثورة الصناعية الرابعة.

    ولعله من المهم الإشارة أيضا أن مركز"  IIC  " سيضم معمل تدريب خاص بتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة للطلبة ورواد الأعمال والمنشآت الصناعية ومعمل لتطوير المنتجات الذى يشتمل على برامج تصميم وماكينات تصنيع النماذج الأولية بالإضافة إلى معمل تطوير العمليات الإنتاجية كذلك سيشتمل على محاكاة لمصنع ذكي بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وأجهزة ومعدات وأدوات تطوير الأنظمة الذكية، ومعمل إبداع لتطوير تطبيقات تقنية للثورة الصناعية الرابعة، وقاعة مجهزة للتدريب على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كما يستهدف المركز عددا من الشرائح للاستفادة من خدماته ومنها المصانع، والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، والطلبة بالإضافة لرعاية ودعم مشروعات التخرج في المجالات ذات الصلة.

     

     

    في النهاية نتساءل هل تزايد اعتماد قطاع الصناعة المحلي على تقنيات الثورة الصناعية سيقود إلى تسريع خروج شبكات الجيل الخامس للمحمول " 5G "  للنور أم أننا نمتلك تقنيات بديلة يمكن الاستناد عليها لانتقال ومواكبة الصناعة المحلية لمفهوم التصنيع الذكي ؟

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن