الشمول المالي والجيل الرابع للمحمول

  • بقلم / احمد محمد الدسوقي

    خبير التحول الرقمي والتخطيط الإستراتيجي لتكنولوجيا المعلومات

     

    نجحت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مؤخراً فى إطلاق وتشغيل خدمات الجيل الرابع للمحمول ، وفى نفس التوقيت تقريباً أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار الجمهوري رقم 89 لسنة 2017 بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات متضمناً اختصاصاته التي منها الفقرة (جـ) فى المادة الثانية وتنص علي " العمل علي تحقيق الشمول المالي بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين فى النظام المصرفي وضم القطاع غير الرسمي إلي القطاع الرسمي وتخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية ".

    منذ أن صدر ذلك القرار الجمهوري ودارات تساؤلا ومناقشات عدة عن ما هية الشمول المالي.

    الشمول المالي هو تدفق أكبر قدر من النقد عبر القنوات الرسمية المصرفية كالبنوك، أو بمعنى أكثر تفصيلاً هو إتاحة فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، عن طريق توفير خدمات مالية مختلفة من خلال القنوات الشرعية (المصارف والبنوك)، بأسعار مناسبة للجميع ويكون سهل الحصول عليها، بما يضمن عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التى لا تخضع لأية رقابة وإشراف، والتى من الممكن أن تعرضهم لحالات نصب أو تفرض عليهم رسوما مبالغا فيها.

    وبناءاً علي ذلك فإن تحقيق الشمول المالي يتوقف علي شقين هما ما يلي :

    1.    توافر منتجات وخدمات بنكية بأسعار مناسبة للمؤسسات والأفراد.

    2.    توافر بيئة تساعد علي التحول للشمول المالي.

    لن أتحدث كثيراً عن الشق الأول لأن بالفعل هناك منتجات وخدمات بنكية متوافرة لفئات كثيرة من فئات المجتمع؛ و ربما يحتاج القطاع المصرفي إلي اتخاذ اجراءات اضافية للمساهمة فى تحقيق الشمول المالي ومنها علي سبيل المثال تيسير إجراءات فتح حساب بنكي وتخفيض الرسوم علي المعاملات المصرفية ، تسهيل الخدمات البنكية عبر القنوات الإلكترونية ، التوسع فى نظم التحويل الإلكتروني للأموال وغيرها.

    اما عن الشق الثاني، فإنه من وجهة نظري يجب إيجاد بيئة تساعد علي تحقيق الشمول المالي هو الشق الأهم لأن مع  عدم تحقق هذا الشق لن يمكن تحقيق الشمول المالي.

    البيئة اللازمة لتحقيق الشمول المالي تعتمد بشكل رئيسي علي إحراز تطوير كبير فى 3 ملفات وهي:

    1.    ملف التجارة الإلكترونية : النجاح فى تعزيز التجارة الإلكترونية سيساهم بشكل فاعل فى دفع المواطنين إلي الاعتماد علي الخدمات المصرفية فى إنهاء معاملاتهم التجارية سواء فى حالات البيع أو الشراء أو التحويل الإلكتروني للأموال. لكن الملفت للنظر أن اختصاصات المجلس القومي للمدفوعات لم تشتمل علي أى بند يخص التجارة الإلكترونية أو حتي تشير له، كما أن كافة قرارات المجلس الصادرة حتي تاريخة لم تتعرض إلي التجارة الإلكترونية أو حتى تشير له. كما أنه ليس هناك إستراتيجية للحكومة بشأن إدارة وتطوير ملف التجارة الإلكترونية؛ برغم ان معظم معاملات المواطنين هى عمليات تجارية وتعزيز التجارة الإلكترونية سيصب فى مصلحة تحقيق الشمول المالي.

    2.    ملف الحكومة الإلكترونية : النجاح فى تعزيز الحكومة الإلكترونية علي أساس السداد الإلكتروني لرسوم الخدمات الحكومية مع إلغاء السداد الورقي لهذة الرسوم سيدفع المواطنين للاعتماد علي المنتجات والخدمات البنكية ومن ثم تعزيز التحول نحو الشمول المالي. ولهذا فلم استغرب القرارين الثاني والثالث الصادرين عن الاجتماع الأول للمجلس بشأن تعزيز الخدمات الحكومية الإلكترونية.

    3.    ملف الدفع الإلكتروني : النجاح فى تعزيز خدمات الدفع الإلكتروني سوف يعزز من تحقيق الشمول المالي ولكن يجب أن يعلم صانعي ومتخذي القرار ان عملية الدفع هى عملية من عمليات المعاملة سواء كانت هذة المعاملة ورقية أو إلكترونية، وبالتالي فإن تعزيز خدمات الدفع الإلكتروني يرتكز بالأساس علي تعزيز التحول نحو المعاملة الإلكترونية سواء كانت معاملة حكومية أو معاملة تجارية.

    السؤال الذي يطرح نفسه الآن؛ ما هي القيمة المضافة لخدمات الجيل الرابع والتى تم إطلاقها مؤخراً ؟

    فى الواقع بأنه مع التأخر  فى إحراز  تقدم فى ملفي التجارة والحكومة الإلكترونية؛ فإن إطلاق خدمات الجيل الرابع يصب فى مصلحة الخدمات الترفيهية للمستهلكين عبر شبكات التواصل الاجتماعي واستخدام الألعاب الإلكترونية لأن التقدم فى خدمات البنية التحتية مثل خدمات الجيل الرابع والخامس يلزمه التقدم فى التطبيقات الإلكترونية مثل التجارة والحكومة الإلكترونية. وبهذا فمن وجهة نظري أن إطلاق خدمات الجيل الرابع ليس له قيمة مضافة حقيقية حتي الآن وربما حتى إشعار آخر.

    فى النهاية، فإن تطوير البنية التحتية التكنولوجية يجب أن يكون بالتوازي مع تطبيقات التكنولوجيا الرقمية كما أن هناك رؤي وحلول عدة يمكن تنفيذها لتطوير تطبيقات التكنولوجيا ومنها التجارة و الحكومة الإلكترونية ليس فقط من أجل تعزيز التحول الرقمي ولكن أيضاً من أجل تعزيز التحول نحو الشمول المالي، وهناك جهود عدة بُذلت لتعزيز هذين الملفين ومنها مشروع قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الذي تقدمت به للبرلمان فى فبراير2017 كأساس قانوني للتحول الرقمي وتعزيزاً للتحول نحو الشمول المالي فى مصر.

     

    [email protected]

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن