تتدفق صناديق التحوط ومكاتب المحاماة على الدول الخليجية استعداداً لواحدة من أكبر عمليات نقل الثروة بين الأجيال، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى تريليون دولار من الثروات العائلية قد ينتقل خلال سنوات قليلة إلى الجيل التالي.
انتقال الثروة في هذه المنطقة الثرية من العالم يحمل معه بعض التغيرات، حيث ركزت المكاتب العائلية على الاحتفاظ بجزء كبير من السيولة والاستثمار المكثف في العقارات، إلا أن تقريراً لوكالة "بلومبرغ" يشير إلى أن الجيل الجديد لديه رغبة في مخاطرة أكبر عبر تخصيص جزء من الاستثمارات للعملات الرقمية وصناديق التحوط.
ونقلت "بلومبرغ" عن التوأمين عبدالعزيز وعبدالله كانو، وهما من الجيل الخامس لعائلة بحرينية تمتد لأكثر من 135 عاماً، قصتهما في التحول نحو استثمارات أكثر جرأة، بعدما اقترحا على مدير مكتب العائلة الاستثمار في بيتكوين عام 2020. وكانت المرة الأولى التي يقترحان فيها صفقة مباشرة على مكتب العائلة، رغم خوضهما سابقاً تجربة الاستثمار في رأس المال المغامر.
لم يخف جيمس بيرك، المسؤول عن وحدة الأسواق العامة في مجموعة "كانو" قلقه من المخاطرة، وبدأ بكتابة ورقة تفند الفكرة. لكن مع الوقت، أدرك أن الشابين قد يكونان على حق.
وبعد عرض الفكرة على لجنة الاستثمار في المجموعة، حصلت على الموافقة رغم تحفظ بعض الأعضاء الأكبر سناً. تم ضخ مبلغ صغير في "بيتكوين"، وبيع العام الماضي بربح. أما التوأمان، فقد أسسا شركتهما الخاصة في دبي، والمتخصصة في خدمات الأصول الرقمية، وتدير استثمارات في العملات المشفرة لصالح عملاء خارجيين ومكاتب عائلية أخرى. في المقابل، واصلت مجموعة كانو انكشافها على العملات الرقمية، ولكن عبر صناديق التحوط.
هذه الخطوة الجريئة تعكس تحولاً لافتاً في واحدة من أكبر خزائن الثروات العائلية في العالم: العائلات الثرية في الشرق الأوسط، التي تستعد لتحويل ما يقدر بتريليون دولار إلى الجيل القادم خلال السنوات المقبلة، وسط توجه متزايد نحو الاستعانة بمديري ثروات محترفين.
من العقارات إلى الأصول البديلة
على مستوى العالم، يتجه الأثرياء نحو أصول جديدة، لكن التحولات داخل العائلات الخليجية تبدو أكثر وضوحاً، بعد عقود من التركيز على العقارات أو الأعمال الخاصة. واليوم، بدأت مؤسسات مالية عالمية مثل "سيتي غروب" و"باركليز" و"دويتشه بنك" بتعزيز فرقها في الخليج، لاستقطاب هذه الثروات.
بعض المكاتب العائلية، مثل مجموعة كانو، كانت سباقة في الاستثمار بصناديق التحوط والائتمان الخاص، لكن دخول المزيد من العائلات لهذا المجال يفتح الباب أمام نمو كبير في هذه الصناعات.
قال رئيس قسم الاستثمارات في بنك "باركليز" بالشرق الأوسط وسويسرا، ماتياس غونزاليس: "الثروة التي تراكمت في الشرق الأوسط تواجه الآن حدث انتقال غير مسبوق في الحجم"، مشيراً إلى أن هذا التحول يجذب اهتمام المستشارين القانونيين وخبراء تخطيط التركات.
صناديق التحوط
أصبحت دبي موطناً لأكثر من 70 صندوق تحوط، بينما تستضيف أبوظبي أسماء عالمية مثل "بريفان هوارد" و"مارشال وايس". هذا التواجد المتزايد يسهل التواصل المباشر مع العائلات، كما يقول إدوين لورانس، الرئيس التنفيذي لشركة "نيتليستون كابيتال" في دبي، التي تعمل كوسيط بين صناديق التحوط والمستثمرين الإقليميين.
لكن الفوز بثقة العائلات الخليجية ليس بالأمر السهل. فبحسب تقرير مشترك بين "إتش إس بي سي" و"كامبدن ويلث"، لا تزال محافظ المكاتب العائلية في الشرق الأوسط أكثر سيولة، وتحتفظ بحصص كبيرة في العقارات مقارنة بنظيراتها في أميركا الشمالية وأوروبا.
كما أن دخولهم إلى الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة وصناديق التحوط والائتمان الخاص لا يزال محدوداً، وسط تباين في الرؤى بين الأجيال الشابة والمحافظة الأكبر سناً، ووجود طبقات متعددة من الحوكمة قبل اتخاذ القرار.
جيل بعقلية جديدة
وقال عبدالله كانو: "كونك شركة عائلية يعني وجود طبقات متعددة من الحوكمة والمخاطر التي يجب تجاوزها".
"لونغ/شورت" و"ماكرو" ضمن أكثر الاستراتيجيات طلباً من قبل المخصصين المحليين.