بقلم أيمن صلاح
كالعادة وكما هو متوقع دائماً فاز الأهلى على الزمالك فى مبارة تحدى فيها فريق الأهلى نفسه للخروج من حالة انعدام الوزن التى يمر بها منذ بداية الموسم، ولاثبات ريادته وتفوقه على الصعيد الكروى المصرى بل والأفريقي أيضاً بعد كل حملات التشكيك التى أطلقها بعض الاعلاميين للنيل من كفاءات لاعبى الأهلى وقدرات الادارة بالنادى. وفى واقع الأمر، فان هذا الانتصار الساحق والمستحق فنياً بشهادة جماهير واعلاميي المعسكر الأبيض قبل الأحمر ليس هو ما يطرأ على الأذهان ولا يجول بالخاطر الآن خاصة بعد مرور عدة أيام على الحدث وقد هدأت نشوة الفرحة وزهوة الانتصار فى الجزيرة، وسكنت ثورة الغضب وبركان الألم فى ميت عقبة، ولكن هناك ما هو الأهم لدراسة ما يحدث بعمقٍ قليلاً وآثار ذلك على مستقبل الكرة المصرية بشكلٍ عام وعلى الناديين بشكلٍ خاص، والأهم هنا هو السؤال الذى يطرح نفسه ويجب الاجابة عليه لكى نستبصر الحاضر ونستشرق المستقبل ونعى الأحداث لندرس ونستكشف وندرك ما هو قادم لجميع الأطراف، أما عن السؤال فهو: لماذا ينتصر الأهلى فى كل مواطن التحدى التى يصادفها فى طريقه، بينما ينكسر الزمالك ويفشل فى ذات مواقع التحدى؟؟؟؟!!!!!!!!!!!
الاجابة من وجهة نظرى تتمثل فى كلمتين وهما: الثقافة والادارة.
ثقافة النادى هى التى تؤسس لاستراتيجيته، وتشكل قيمه ومبادءه وتحدد أهدافه. فاذا نظرنا الى ثقافة النادى الأهلى فانها ثقافة قد توارثتها اجياله المتعاقبة عبر التاريخ وقد بُنيت على مبادىء الانتصار والتفوق والريادة وذلك فى كل قطاعات النادى بداية من جماهيره ونهاية بلاعبيه وادارييه مرورا بكل ما هو داخل النادى من مجلس ادارة أو جهاز تنفيذى أو حتى جمعية عمومية، فعلى سبيل المثال لا الحصر فان شعار جماهير الأهلى دائماً وأبداً وتحت كل الظروف هو (أعظم نادى فى الكون) وهو شعار باعثٌ على الزهو والفخر وبه حثٌ مبطن على المطالبة بديمومة الفوز والانتصار .... فى الأهلى لن تجد فردا واحدا يعمل لمصلحة شخصية بل الكل يعمل لمصلحة النادى الأهلى حتى لو كان ذلك يتعارض مع المصلحة الشخصية وليس أدل على ذلك من شعار ادارات الأهلى المتعاقبة منذ عهد الراحل / صالح سليم وهو (الأهلى فوق الجميع) .... مجرد شعار ولكنه يبلور دستور للأهلى تعاهد عليه أجيال الأهلى منذ نشأته وحتى يومنا هذا، وهو ما تثبته انجازات الأهلى الرياضية والمجتمعية والانشائية حيث أصبح النادى الأهلى مثالاً يُحتذى به بين الأندية فى العالم بأسره وينال ثقة واحترام كل المؤسسات الرياضية والثقافية فى العالم. أما فى الجهة المقابلة .... فى الزمالك ..... فان الثقافة مختلفة تماماً فهى تعتمد على التشكيك فى انجازات الآخر والمحاولات الدائمة لسقوطه تحت شعار (مادمت لا أستطيع النجاح فليسقط الجميع)، ولطالما سمعنا عن نظريات المؤامرة والاتهامات المرسلة لكل من يعمل بالمجال سواء الاتحادات الرياضية أو المنظومة التحكيمية أو مؤسسات الدولة، حتى وصل بهم الأمر لاتهام الاتحاد الأفريقي (الكاف) والاتحاد الدولى (الفيفا) بمحاباة الأهلى على حساب الزمالك، وكأن الكون كله لم يعد يرى الا الزمالك ليظلمه ثم يمثل به. تلك الثقافة التى انتهجتها ادارات الزمالك المتعاقبة واعلام الزمالك ليبرروا الفشل الدائم والسقوط المستمر وليظهروا كالشهداء أمام جماهير الأبيض، تلك الثقافة انتقلت الى جماهير الزمالك فأصبحت جزءاً من التكوين النفسى للمشجع الزمالكاوى حتى أصبح الشعار الذى يريح النفس ويرضى العقلية (سنظل أوفياء) وهو كما نرى شعارٌ يبعث على التخاذل والتهاون وكأنهم يقولون للاعبين والمسئولين (افعلوا ما شئتم فوزوا أو انهزموا فنحن لن نلتفت الى هزائمكم ولن نحاسبكم)، وعلى عكس ما يحدث فى الأهلى من اعلاء مصلحة النادى وعدم النظر الى المصالح الشخصية فان ما يحدث فى الزمالك من صراعات داخلية وتشويه للرموز واقصاء للكفاءات أودى بالزمالك الى ما هو عليه اليوم من أزمات لا قبل لأحدٍ بها، فسادت الأنانية جنبات النادى وانتشر الفساد فى أرجائه حتى أصبح مستقبله بلا معالم ولا هوية.
أما عن الادارة فلا تسل .... حيث أن الفارق كبير بين ادارة واعية مخلصة فى النادى الأهلى وأخرى جاهلة بمفهوم الادارة الرياضية فى الزمالك. الأهلى أسس شركة الكرة بالنادى ووضع فى نظامه الأساسى ما يمنح النادى الأغلبية المرجحة لادارتها والسيطرة على قراراتها حتى لا تذهب كرة القدم فى الأهلى أدراج الرياح فى أى يوم من الأيام ولتظل ملكاً للنادى وجماهيره مهما تغيرت الظروف وتعاقبت الأجيال ويظل اسم الأهلى التاريخى رمزاً للسمو والارتقاء. أما على الجانب الآخر، فاننا نجد أن ادارة الزمالك قد بددت طواعية فريق كرة القدم فى الزمالك وذلك من خلال بيعه (افتراضياً) أو بمعنى أدق تأجيره لأحد وكلاء اللاعبين ليكون هو الحاكم بأمره وهو الآمر الناهى بالفريق دونما أدنى قدرة من مجلس الادارة على التدخل أو حتى مجرد النقاش، وكما نعلم وندرك فان السلطة المطلقة ما هى الا مفسدةٌ مطلقة، وعليه فان السلطة المطلقة التى بيد فرد واحد بفريق الكرة بالزمالك وهو ليس من أبناء النادى بالأصل لن تؤدى الا الى كوارث سيعانى منها النادى وجماهيره على مدار ثلاث سنوات هى مدة التعاقد بين النادى وذلك الوكيل. لقد ضرب مجلس ادارة نادى الزمالك بكل المبادىء الادارية عرض الحائط عندما تجاهل فى هذا التعاقد مبدأ تعادل السلطة مع المسئولية فمنح كامل السلطات لشخص واحد يفعل بفريق الكرة ما يشاء دونما سلطة من ادارة النادى بينما احتفظ لنفسه بشتى المسئوليات تجاه الفريق وعلى رأسها الانفاق على الفريق وعقود اللاعبين دون رقابة منه أو مساءلة. والغريب فى الأمر أن هذا كله يحدث بمباركة من أبناء نادى الزمالك واعلامييه وجماهيره بعدما فقدوا الأمل فى ادارة رشيدة من بين أبناء النادى فلجأوا الى وكيل لاعبين من خارج النادى عسى أن يجدوا فيه ضالتهم وهو أمر لا يمكن أن يحدث اذا أمعنوا التفكير أو أعملوا عقولاً غاب عنها الادراك والفهم.
لقد كانت مجرد مباراة ولكنها كانت مباراة كاشفةٌٌ فاضحة أظهرت الفارق بين القمة والقاع، ولايمانى بأن الأهلى والزمالك هما جناحا الرياضة المصرية فلابد من تدخل المخلصين فى هذا البلد لانقاذ الزمالك من أبنائه الذى يمكن أن يلقى على أيديهم مصير كثير من أندية مصرية عريقة أختفت من قبل نتيجة لسوء الادارة وغياب الوعى مثل الترسانة والأوليمبى وعما قريب الاسماعيلي.