التحول إلى العمل عن بعد: نصائح للشركات الناشئة

  • §       بقلم : نِك أوفين

    §       رئيس المبيعات والتسويق والعمليات في "دينابوك"، أوروبا الشمالية

    فرض الوضع الراهن على الشركات من مختلف الأحجام، اعتماد آليات العمل عن بُعد لمواصلة أنشطتها، وقد شهدنا في الأسابيع القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً وغير مسبوقٍ في عدد العاملين عن بُعد. واضطرت الشركات التي لم يسبق لها اعتماد هذا الأسلوب في العمل إلى إجراء قفزة نوعية ودعم موظفيها بكل ما يلزم لمزاولة مهامهم من منازلهم.

    لكن لا يمكن اعتبار العمل عن بعد مفهوماً جديداً كليّاً على الشركات الناشئة، فقد ظهر العديد من المشاريع الناشئة الجديدة والمبتكرة التي تبنت العمل عن بُعد في إطار بحثها عن أساليب جديدة لبناء ثقافة مؤسسية خاصة بها، واستقطاب واستبقاء المواهب المتميزة، وتحقيق مستويات غير مسبوقة في مرونة الأعمال. مع ذلك، فإن ازدياد العاملين عن بعد لا بدّ أن يحمل في طياته بعض العوائق، خاصةً بالنسبة للشركات الناشئة التي تفتقر للميزانيات الكافية وعدد الموظفين اللازم. ومن أبرز هذه العوائق تزويد الموظفين بالتكنولوجيا اللازمة، وتوافر شبكة إنترنت للتواصل عن بُعد، وكذلك الأمان الذي قد يشكل تحدياً كبيراً. وفيما يلي، نقدم ثلاث نصائح تساعد الشركات الناشئة على تخطي عقبات العمل عن بُعد.

    اختيار التكنولوجيا المناسبة لضمان دوام الإنتاجية .

    تعتبر الشركات الناشئة سباقة في مجالات العمل المتنقّل والعمل عن بعد، بينما تمتلك الشركات الكبيرة إرثاً من العملياتٍ وأساليب العمل المتأصّلة. لذا تتّصف الشركات الناشئة بأنها أكثر مرونة وانفتاحاً على التغيير، فهي تعتبر عمل الموظفين عن بعد بمثابة فرصة لرفع إنتاجيتهم وتعزيز دورهم، وتوفير الموارد المهدورة على تأمين مكاتب ثابتة لهم.

    وتوجد مجموعة من المتطلبات الشائعة للعاملين عن بُعد والمتنقلين لضمان إنتاجية عالية، وأهمها توفير التكنولوجيا المناسبة. وقد شهد الطلب على الحواسيب المحمولة ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي نتيجة ارتفاع عدد العاملين عن بُعد، وهو ما تجلى في زيادة مبيعات مصنّعي هذه الأجهزة بشكل واضح. ويجب أن تركز الشركات الناشئة على الاستثمار في أجهزة ملائمة لهذا النوع من العمل؛ تكون متينة وبنفس الوقت سهلة الحمل وخفيفة الوزن. كما أنّ الأداء وإمكانية الاتصال ميزتان أساسيتان في أي جهاز حاسوب، حيث يكون بمقدور الموظفين التواصل والتعاون مع زملائهم عبر وسائط متصلة بالإنترنت.

    قد يكون شراء الأجهزة الجديدة وإدارتها مكلفاً ومعقداً، إلا أن الشركات الناشئة تستطيع تجاوز هذه المشكلة في ضوء وجود العديد من خيارات الشراء. ويشير مصطلح "الحاسوب كخدمة" (PCaaS) إلى نموذج عمل قائم على الاشتراك في النفقات التشغيلية، ويشمل مجموعة من الخدمات كشراء الأجهزة، والمصادقة عليها، وإدارتها، وتحديثها، وتبديلها. ويستطيع هذا النموذج مساعدة الشركات الناشئة على الاستفادة من مزايا التقنيات الجديدة، مع إمكانية زيادة الأجهزة أو تخفيضها حسب الحاجة.

    استخدم التكنولوجيا الجديدة للتغلّب على مشكلة استيعاب الشبكة

    يواجه الكثير من الشركات عند زيادة الأجهزة والحلول المتّصلة بالشبكة، سؤال يتعلق بكيفيّة إدارة ومعالجة كميّة البيانات التي تنتجها هذه الأجهزة بشكل فعّال وآمن. وغالباً ما تتفوّق الشركات الناشئة على الشركات الكبرى في هذا المجال بفضل حداثتها واعتمادها الضئيل على البنى التحتيّة القديمة، ولكنّها تبقى بحاجة إلى استخدام التقنيات والأنظمة المناسبة لعملها. وفي الواقع، تستنذف عملية إصلاح وتحديث الشبكات بشكل كامل الكثير من الوقت والموارد، لاسيّما بالنسبة للشركات الناشئة محدودة الميزانيات. ولا تمثّل عملية "التخلص والاستبدال" خياراً موفقاً في غالب الأحيان، لذلك يجب إيجاد طريقة أخرى لتلبية الطلب المتزايد على تعزيز استيعاب الشبكة. وتمثل تقنية حوسبة الحافّة حلّاً ناجعاً لهذه المشكلة، حيث تقدم طرقاً جديدةً لجمع وتحليل البيانات والمعلومات المُستخلصة وإعادة توزيعها.

    الأمان.. جانب مهم أيضاً

    لعلّ أهم التحديات المرتبطة بالعمل عن بعد هو الأمان. فقد حذّر المركز القومي للأمن السيبراني مؤخراً من وجود مجموعات سيبرانيّة إجراميّة تستغل تفشّي فيروس كورونا عبر شنّ حملات احتيال معقّدة ونشر البرامج الضارّة وبرامج الفدية. وتعتبر الشركات الناشئة أوّل أهداف الهجمات السيبرانية بسبب ضعف أنظمة حمايتها مقارنةً بالشركات الكبرى؛ التي تستطيع الإنفاق على تأمين تقنيات حماية قوية مثل التشفير المعزّز. وحسب شركة "فيرايزون"، فإنّ 43% من الهجمات السيبرانية تستهدف الشركات الناشئة، وفقط 14% من هذه الشركات قادرة على التصدي لها. وتتسبّب الهجمات السيبرانية متوسطة القوّة بخسارات تقدّر بأكثر من 160,000 جنيه إسترليني (725,000 درهم إماراتي)، ممّا قد يدفع حوالي 60% من الشركات الصغرى إلى التوقف عن العمل خلال ستّة أشهر من استهدافها.

    ويفرض العمل عن بعد على نطاق واسع تحدياتٍ كبيرة على صعيد الأمن السيبرانيّ لم يسبق للشركات الناشئة أن اختبرتها من قبل. فمع وصول المزيد من الأجهزة من خارج مقرّ الشركة إلى بياناتها التي قد تكون حساسة، يتوفر للمجرمين السيبرانيّين ثغرات أكبر لاختراق الشبكات. وعليه، ينبغي أن تكون مسألة أمن البيانات الشغل الشاغل للشركات الناشئة، مع الحرص على مراجعة الإجراءات الأمنية وتحديثها بانتظام.

    علاوةً على ذلك، يجب أن تقدم الشركات الناشئة لموظفيها تقنيات تتمتع بميزات أمنيّة حصينة للحدّ من خطر الهجمات السيبرانيّة. وتمثل الأجهزة المزوّدة بتقنية التعرّف على الوجه أو البصمات وإمكانات تخزين بيانات الاعتماد على الأجهزة، خطّ دفاع أول مضمون للتصدّي للمجرمين السيبرانيين؛ حيث تحدّ من خطر عمليات تسجيل الدخول غير المصرح بها. أمّا وسائل الدفاع الأخرى مثل تقنية Zero Client، فيمكن أن تضمن عدم تخزين تلك الأجهزة للمعلومات الحسّاسة، بل حفظها في نظام مركزيّ سحابيّ، وبذلك تبقى آمنةً في حال ضياع الجهاز أو سرقته.

    أدخلنا الوضع العالميّ الحاليّ مرحلةً جديدةً من العمل عن بعد والعمل المتنقّل. وكما هو الحال مع أيّ تغيير في نظام العمل، يبرز عدد من التحدّيات التي يجب التعامل معها، خاصةً الشركات الناشئة. وتعد أجهزة الموظفين وتوافر الشبكة والأمن السيبرانيّ من العقبات التي قد تعيق سير العمل عن بعد بالشكل الصحيح، ولا يمكن للشركات مهما بلغ حجمها تحمّل عواقب التأخير في معالجة هذه العقبات.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن