أعلنت الولايات المتحدة إطلاق مهمة Genesis، وهي أكبر مبادرة حكومية من نوعها لإعادة تشكيل البنية العلمية الوطنية اعتماداً على الذكاء الاصطناعي.
وجاءت المبادرة عبر أمر تنفيذي صادر عن البيت الأبيض، لتجمع بين أقوى الحواسيب الخارقة، وأثمن قواعد البيانات العلمية الفيدرالية، وأحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي في منصة موحدة تهدف إلى تسريع الاكتشاف في مجالات الطاقة والمواد الحيوية والذكاء الاصطناعي والأمن القومي.
وتسعى المهمة إلى وضع الذكاء الاصطناعي في قلب العملية العلمية، بعيداً عن دوره التقليدي كأداة مساعدة، في وقت يزداد فيه الاعتقاد بأن سباق الريادة العلمية في القرن الحالي سيُحسم لصالح من يملك القدرة على دمج البيانات والحوسبة والخوارزميات في دورة مستمرة من التعلم والتجريب والابتكار، بحسب تقرير نشره موقع "interestingengineering" واطلعت عليه "العربية Business".
ماذا تبني مهمة Genesis؟
تتمحور المبادرة حول إنشاء المنصة الأميركية للعلوم والأمن، وهي بنية وطنية آمنة تربط بين حواسيب وزارة الطاقة الخارقة، وبيئات الحوسبة السحابية، والنماذج العلمية واسعة النطاق، والمختبرات التجريبية الآلية.
المنصة مصممة لتكون بيئة موحدة يملك فيها الذكاء الاصطناعي القدرة على:
- تشغيل المحاكاة فائقة التعقيد.
- تحليل البيانات التجريبية.
- اقتراح فرضيات جديدة.
- إدارة مختبرات روبوتية دون تدخل بشري.
ويعد مشروع الحوسبة فائقة الأداء في وزارة الطاقة، الذي أنتج حواسيب مثل "Frontier" و"Aurora" المجهزة بقدرات إكساسكيل، العمود الفقري لهذه المنصة.
لماذا يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير قواعد اللعبة؟
تعتمد المبادرة على نجاحات AI سابقة قلبت معادلات علمية امتدت لعقود، مثل:
- حل مشكلة طي البروتين عبر AlphaFold.
- التحكم بالاندماج النووي عبر أنظمة ذكاء اصطناعي.
- اكتشاف مضادات حيوية جديدة مثل Halicin.
هذه الإنجازات نتجت عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات وتجربة ملايين الاحتمالات بسرعة غير مسبوقة، وهو ما تسعى مهمة Genesis لتعميمه على كل المجالات العلمية.
الأولويات العلمية للمهمة
وجه البيت الأبيض وزارة الطاقة لتحديد 20 تحدياً وطنياً يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع حلها، تشمل:
- التصنيع المتقدم.
- التكنولوجيا الحيوية.
- المواد الحرجة.
- الانشطار والاندماج النووي.
- الحوسبة الكمية.
- أشباه الموصلات.
وقد أعلنت الوزارة ثلاثة أهداف رئيسية مبكرة:
1. تعزيز ريادة الولايات المتحدة في الطاقة عبر تسريع أبحاث الاندماج النووي والشبكات الكهربائية.
2. ربط الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي بالحواسيب الخارقة في منظومة علمية واحدة.
3. دعم الأمن القومي بنماذج ذكاء اصطناعي متطورة تحمي المخزون النووي وتسرّع تطوير المواد الدفاعية.
جسر جديد بين المختبرات والقطاع الخاص والجامعات
ستقوم المهمة بربط مختبرات وزارة الطاقة الـ17 بجهات أكاديمية وصناعية معتمدة، عبر اتفاقيات موحّدة، وبنى بيانات مشتركة، وقواعد جديدة لمشاركة النماذج وحماية الأسرار التجارية.
كما تتضمن خططاً لبرامج زمالة وتدريب تُرسل الطلبة إلى المختبرات الوطنية لاكتساب خبرات مباشرة في البحث العلمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
جزء من منظومة أميركية متسارعة
ورغم أن مبادرات مثل National AI Research Resource وStargate Project لا ترتبط مباشرة بالمهمة، فإنها تعكس التوسع الهائل في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بينما تحتفظ Genesis بدورها الأساسي في تعزيز الاكتشاف العلمي والأمن الوطني.
نموذج علمي جديد بالكامل
إذا نجحت المهمة، فسيولد نموذج بحثي جديد يعتمد على تفاعل دائم بين العلماء وأنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث تقوم الخوارزميات باقتراح مواد جديدة، وتصميم أنظمة طاقة، وتشغيل مختبرات آلية قادرة على اتخاذ القرارات ذاتياً.
وترى الإدارة الأميركية أن دمج الحوسبة فائقة الأداء مع أكبر قواعد البيانات العلمية والمختبرات المتقدمة سيمنح الولايات المتحدة تفوقاً طويل الأمد في المجالات التي ستحدد ملامح القرن المقبل.
وبينما يغير الذكاء الاصطناعي معظم القطاعات، يبدو أن مهمة Genesis تهدف إلى ضمان وصول هذا التغيير إلى أعمق طبقات العملية العلمية نفسها، لتدشن عصراً جديداً من الاكتشاف السريع والمترابط.








