مع مسؤولية التجارة الدولة عن 25% من غازات الاحتباس الحراري : " التجارة الخضراء " تتجاوز 1.3 تريليون دولار قيمة وتتيح 9.5 مليون وظيفة وتوثع تضاعفها مستقبلا

  •  

     الألواح الشمسية وتوربينات الرياح اهم الأدوات التكنولوجية تقليل التلوث الكربون والتنمية المستدامة

    مصر تضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء لتصل إلى 50% عام 2024 /2025

    كتب : باكينام خالد – أمير طه

    سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التجارة الخضراء، حيث أكد على وجود اهتمام عالمي متزايد بقضية التجارة الخضراء نتيجة التحديات الراهنة التي يمر بها العالم، وخاصة قضية تغير المناخ والتي فرضت نفسها على الواقع العالمي، وبدأ الاتجاه إلى إعادة التفكير في شبكات الإنتاج والاستهلاك واستدامة سلاسل التوريد، وهو ما أفرز الحاجة إلى تحديد الطرق العملية التي يمكن أن تدعم بها التجارة الانتقال إلى اقتصاد عالمي أكثر اخضرارًا، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الدور الذي تلعبه التجارة الخضراء في خلق وظائف، وتوفير الغذاء، والحد من الفقر، أو بمعنى آخر تحقيق التنمية المستدامة.

    ويعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) يعرف التجارة الخضراء على أنها النشاط التسويقي الذي يعمل على تعزيز الإجراءات المستدامة للانخراط في التجارة غير الملوثة للبيئة. وتركز العملية بشكل أساسي على الانخراط في التجارة في أسواق الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتُشير البيانات أنه في عام 2019، بلغت قيمة التجارة الخضراء نحو 1.3 تريليون دولار في أمريكيا فقط كما أنها خلقت هناك نحو 9.5 مليون وظيفة بدوام كامل، وأوضح صندوق النقد الدولي أنه يمكن للصين زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.7% وخلق نحو 12 مليون وظيفة بحلول عام 2027 في حالة قيام الصين بالاستثمار الأخضر وتطبيق ضرائب الكربون.

    التحديات البيئية

    وفيما يتعلق بالتجارة، ذكر التحليل أنها لا تخلو أيضًا من التحديات البيئية، فيمكن أن تزيد الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل الدولي للبضائع بنسبة تصل إلى 160٪ بحلول عام 2050، في حالة عدم اتخاذ أي إجراء، وعن كيفية مساهمة التجارة الدولية في تغير المناخ، أفاد التقرير أن السفن والطائرات والشاحنات التي تقوم بنقل البضائع في جميع أنحاء العالم تسهم في تحقيق مستويات عالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من السلع التي يتم تداولها دوليًا، مثل القمح والذرة والحديد والصلب والأسمنت، تعد أحد مصادر الانبعاثات. وتشير البيانات أن نحو 25% من غازات الاحتباس الحراري ترجع لحركة التجارة العالمية.

    تراجع الصادرات الزراعية

    وبالنظر إلى أهم القطاعات التي تعتمد عليها الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل، فنجد أنها تتمثل في قطاعي الزراعة والسياحة، وهما قطاعان يتأثران بدرجة كبيرة بالتغير المناخي. وتجدر الإشارة إلى أن التأثير المتوقع لارتفاع درجات الحرارة العالمية سيؤثر على انخفاض غلة المحاصيل وإنتاجية الأيدي العاملة الزراعية، وذلك في الدول منخفضة الدخل، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة إلى انخفاض صادراتها الزراعية بنسبة 39%، وانخفاض الصادرات في الدول مرتفعة الدخل بنحو أقل من 6%.

    وأضاف التحليل أنه من المتوقع أن يتعرض نحو 70 مليون فرد آخرين إلى مخاطر الجوع بسبب تغير المناخ عام 2030. وتتركز هذه الدول في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة جنوب آسيا.

    تكنولوجيا الطاقة المتجددة

    وذكر التحليل أن التجارة تُعد إحدى الآليات التي يمكن من خلالها التغلب على مشكلة التغير المناخي. فعلى سبيل المثال يمكن من خلال التجارة توزيع الخدمات والتكنولوجيات التي يمكن أن تحد من انبعاثات الكربون، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح بالإضافة إلى ذلك، فإن التجارة الخضراء يمكن أن تُساعد الدول النامية على التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. ويُعتبر هذا التحول ميزة للدول التي يرتفع بها عدد السكان الفقراء، ويرجع ذلك إلى أن المبادئ الجديدة من قبل منظمة التجارة العالمية تتطلب ممارسات خضراء في المستقبل. وبالتالي، يمكن أن يؤدي تنفيذ السياسات الخضراء إلى إعداد الدول النامية لأسواق تجارية مستقبلية مع منع الدول النامية من التخلف عن الركب، وعليه، فإن تعزيز الدول النامية لحصتها من التجارة العالمية، يمكن أن يسهم في توفير فرص عمل والحد من الفقر.

    كما يمكن للتجارة أن تلعب دورًا مهمًا في تحقيق الأمن الغذائي، وذلك من خلال الآتي: تعزيز الزراعة المستدامة؛ وذلك من خلال زيادة الاعتماد على التقنيات الجديدة القادرة على زيادة الإنتاجية للمحاصيل، مثل الاعتماد على البذور والأسمدة التي لديها القدرة على مقاومة تغير المناخ. كما يمكن أن يساعد تحسين جودة توافر التكنولوجيا والبيانات الرقمية في الإسهام للتقليل من الهدر والفاقد للمزارعين، وخفض وتقليل التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية على الأغذية، مثل: المعايير الصحية التعسفية والإجراءات المرهقة التي تستنفد وقتًا ومجهودًا كبيرًا في المنافذ الحدودية. والعمل على تقليل التعريفات الجمركية المطبقة على السلع والخدمات البيئية، مع ضرورة أن تمتنع الدول عن فرض قيود للحد من الصادرات في حالة وقوع الأزمات حتى لا تتفاقم مشكلة نقص الغذاء العالمية. وأن تكون التخفيضات الجمركية التي تمنحها الدول في صالح السلع الأقل كثافة في إطلاق انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

    4 مقترحات برنامج الأمم المتحدة

    وذكر التحليل أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يقترح أربع طرق يمكن للحكومات من خلالها المشاركة بنشاط في التجارة الخضراء، كالآتي: فرض قوانين وأنظمة بيئية قوية على المستويين المحلي والدولي. ووضع قواعد واتفاقيات تجارية من قبل الحكومات لتعزيز الوعي البيئي. وتعزيز التعاون الحكومي الدولي بشأن التجارة الخضراء من خلال تحسين متابعة وتمويل التجارة الخضراء وتقييمات تأثير الاستدامة. وتحديد مبادرات خاصة بالتجارة الخضراء وسلاسل التوريد لصياغة السياسات التي تكمل هذه الجهود.

    كما أبرز التحليل الجهود التي اتخذتها الحكومة المصرية التي من شأنها تحفيز الاقتصاد الأخضر، ومن ثم التجارة الخضراء، ومن هذه الجهود: "مبادرة التجارة الخضراء" حيث يهدف هذا المشروع إلى تعزيز أداء سلاسل القيمة المصرية الموجهة نحو التصدير مع التركيز على ثمانية منتجات محصولية، كما تعمل المبادرة على تطوير استراتيجية للصناعة الزراعية المصرية لزيادة الصادرات من مصر إلى الأسواق الأوروبية عبر إيطاليا، وتم تنفيذ البرنامج خلال الفترة من 2013 حتى 2017، وذلك بالشراكة مع وزارة التجارة والصناعة، ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزارة النقل. وتتكون المبادرة من 4 مكونات أو نتائج رئيسة، وهي: الجودة والإنتاج، الخدمات اللوجستية، الوصول إلى التمويل، والوصول إلى الأسواق.

    المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية

    أما "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية"؛ فقد اتضح أن تحفيز التجارة الخضراء يتطلب تبنى الدولة مسبقًا في استراتيجيتها خطة للاقتصاد الأخضر، ومن ثم تحقيق أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، وبالتالي التبادل التجاري في هذه السلع وتنفيذ التجارة الخضراء كما أشار التحليل لتوجه مصر نحو الاقتصاد الأخضر عبر إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم بمنطقة بنبان بأسوان، وتضم المحطة نحو 31 محطة وتنتج ما يصل إلى نحو 1550 ميجا وات، هذا إلى جانب إنشاء عدد 14 مدينة جديدة من المدن المصنفة لتصبح مدن الجيل الرابع والتي تعتمد بشكل أساسي وكبير على مصادر الطاقة من الطاقة الجديدة والمتجددة. وزيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة، بالإضافة إلى العمل على رفع كفاءة استخدام الطاقة والعمل على تقليل الانبعاثات من الكربون والميثان التي يتسبب بها قطاع البترول والغاز.

    كما تستهدف مصر حتى عام 2035 الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة، مقارنة بنحو 20% عام 2022. وإتاحة فرص الاستثمار للقطاع الخاص في عدة مجالات استثمارية مثل مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في المخلفات الزراعية والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية. والتعاون مع صندوق المناخ الأخضر، وذلك من أجل الاستفادة من الآليات التي يتيحها الصندوق لتمويل المشروعات الخاصة بالتخفيف والتكيف مع تغير المناخ. وإنشاء سوق للسندات الخضراء، وذلك للتصدي للتغيرات المناخيةوقامت مصر بإصدار أول سندات خضراء في المنطقة بقيمة 750 مليون دولار في سبتمبر 2020 كما استهدفت مصر مُضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء لكي تصل إلى 50% عام 2024 /2025، مقارنة بنحو 15% عام 2020 /2021. وتوطين صناعة السيارات الكهربائية وزيادة الاعتماد على وسائل النقل النظيفة. وإعداد استراتيجية شاملة للهيدروجين والتوسع في إنتاجه وتوطين هذه الصناعة.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن