الحياة الطيبة " 5 -7 "

  •        بقلم : د . ياسر بهاء

    سنتعرض فى هذه المقال ، ضمن سلسلة مقالات بعنوان " الحية الطيبة "  " عن كيفية" مراقبة  أفكارك " .

    فالعادات السيئة يصعب التغلب عليها وذلك لسرعة اكتسابها وفي حالة ما كانت جزء من الروتين اليومي لفترة طويلة فإن الرغبة وحدها لن تكفي للتغلب عليها وذلك لأن العادات السيئة غالباً ما تشغل التفكير دائماً بمزايا الاستمرار فيها وصعوبة التخلي عنها مع التأكيد على تأثيرها البسيط في عدم الوصول لأية أهداف مستقبلية ومن ثم لا تدع لك تلك العادات فترة للتفكير في أي شيء سوى الاستمرار فيها والاستمتاع بالراحة والمتع المؤقتة لها.

    فمع انتشار المشتتات ومواقع التواصل الاجتماعي لن تستطيع بسهولة تذكر أنك تسعى مثلاً لقراءة كتاب في أسبوع وبالتالي قد تمر ساعات وساعات يومياً في تصفح تلك المواقع ولكن عند تذكر فكرة القراءة يكون العذر الأول عدم وجود الوقت الكافي أو تذكر أمور أخرى أكثر أهمية من القراءة وهنا يأتي دور مراقبة أفكارك بشكل أكثر عمقاً وفعالية.

    على سبيل المثال فإن من يقوم بالتسوق بدون قائمة بما يجب شراؤه غالباً ما ينتهي بشراء أكثر مما يحتاجه بمعنى أن عدم وجود رقابة على ما يجب فعله وترك الأمور لما يطرأ من ظروف يعتبر من الأسباب الرئيسية في سيطرة العادات السلبية وعدم القدرة على التغلب عليها في كثير من الأحيان.

    إذاً يجب مراعاة ما يجب التفكير فيه والتركيز عليه بشكل مستمر قدر المستطاع فكلما قلت المشتتات التي تؤثر على تقييمك للأمور كلما زادت القدرة على التذكر والتركيز على العادات الجيدة والرؤية والهدف المراد الوصول إليه. من أهم أدوات زيادة التركيز ومراقبة الأفكار وتذكر ما يجب القيام به هي عادة التأمل بشكل منتظم – يومياً على الأقل – من أجل ترسيخ وتقوية مشاعر الرغبة في تحقيق الأهداف التي نسعى إليها وقد نصل في بعض الأحيان إلى عدم ملاحظة تلك المشتتات بالرغم من وجودها وذلك لأن بسبب التأمل وكثافة التدريب على التركيز على الأفعال والمحفزات التي تتماشى وتؤيد الوصول للأهداف المرجوة، أصبح الأوضح في نطاق ما نراه هو المقويات وليس المشتتات.

    كلما تم تدريب الدماغ على التركيز كلما زادت القدرة على التحكم الذاتي في كل مانقوم به. وبالتالي يمكن اتباع الخطوات التالية البسيطة للقيام بالتأمل بدون التطرق إلى الطرق المعقدة والتي يمكن اللجوء إليها في مراحل متطورة لاحقة:

    1-   الجلوس في وضع مريح مناسب لك وليس بالضرورة الجلوس بوضع اللوتس أو الوقوف بوضعية معينة وللتبسيط فهناك أوضاع للجلوس يمكن اتباع أحدها كما يلي:

    a.   الجلوس على كرسي مع الاحتفاظ بالظهر مستقيماً.

    b.   الجلوس على الأرض في وضع القرفصاء.

    2-   اغمض عينيك وركز فقط على التنفس بحيث تقوم بالعد؛ واحد (شهيق) إثنان (زفير) ثلاثة (شهيق) أربعة (زفير) وهكذا حتى نصل للرقم 100 أو على خمسة مجموعات كل مجموعة حتى الرقم 20. في البداية قد تفقد التركيز في العد ولكن بعد عدة مرات يمكن التخلي عن العد تماماً وبالبدء في التركيز على التنفس فقط.

    3-   قم بالتركيز على ما تشعر به في جسدك كنتيجة للتركيز على التنفس وعدم التأثر بأي ضوضاء أو مشتتات خارجية وذلك عن طريق التركيز بداية على القدمين والاتجاه لأعلى الجسد مع محاولة إضفاء الاسترخاء على كل عضلة تمر بها بعد التركيز عليها وستتفاجأ بكمية الضغط والتوتر الموجودة في عضلات جسدك المختلفة والراحة بعد التخلص من ذلك الضغط في نهاية الجلسة مثل عضلات الرقبة والبطن وعضلات آخرى لم تتخيلها سابقاً كعضلات الفك مثلاً.

    4-   في البدايات يجب أن تبدأ بفترة قصيرة لا تتعدى خمسة دقائق وفي حالة فقد التركيز، لا تقلق فذلك جزء من عملية التأمل وعليك فقط العودة إلى التركيز على التنفس واسترخاء الجسد بشكل هادئ ومتسق مما سيزيد قدرتك على التحكم الذاتي.

    5-   يمكن استخدام منبه لمتابعة وقت الجلسة والتي يمكن أن تكون صباحية أو مسائية بما يتناسب معك وإن كان الكثير يفضل أن تكون في الصباح لبداية يوم مليء بالطاقة والتركيز والأهم هو أن تكون الجلسة جزء أساسي من الروتين اليومي.

    6-   من الأفضل الزيادة التدريجية في مدة الجلسة. فعلى سبيل المثال يمكن إضافة دقيقة كل أسبوع بدلاً من الانتقال فجأة من خمسة دقائق إلى خمسة عشر دقيقة حتى لا تشعر بالتعب فتفقد الحافزية والاستمرارية.

    7-   يمكن إضافة بعض التحديات اليومية ومنها التركيز على الاحتفاظ بالظهر مستقيماً طوال اليوم سواء كنت جالساً أو قائماً. أيضاً التحكم في أعصابك عند الغضب من أي موقف وحاول التركيز على التفكير الإيجابي كلما أمكن. يمكنك أيضاً التقليل وربما التوقف عن الشكوى مما لا يمكن تغييره مثل الجو والمواصلات وغيرها من الأشياء التي لن تفيد بل ستشعر عند التوقف عن تلك السلوكيات بتقوية عادة الانضباط الذاتي يوماً بعد يوم.

    8-   هناك العديد من التطبيقات التي تساعد على معرفة الوقت المستغرق مثلاً على المواقع الاجتماعية وتسجيل الأنشطة اليومية وبالتالي مراقبة الأعمال اليومية والتي تساعد على إظهار كفاءة المهام اليومية بما يتماشى مع الأهداف قصيرة وطويلة الأجل حيث لا يمكن إدارة ما لا يمكن قياسه ومتابعته.

    9-   يمكن البدء بمراقبة عادة وحيدة بسيطة ترغب في التخلص منها ومع القدرة على التحكم فيها يمكن زيادة التحديات بمراقبة وتعديل عادة أخرى حتى تشعر بمرور الأيام بمدى كفاءتك في مراقبة والتحكم بكل ما تفعله خلال اليوم، وهنا تبدأ في حصد نتائج الانضباط الذاتي وثمار المجهود المبذول فيما سبق.

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن