التكنولوجيا .. والتوسع في التأمين الصحي

  •  

    §       نبضات

     

    §       بقلم : خالد حسن

    للحديث عن الواقع المؤلم لتجاهل استخدام تكنولوجيا المعلومات في تطوير الخدمات الصحية في المؤسسات العلاجية والمستشفيات " سواء التابعة لوزارة الصحة أم القطاع الخاص " يمتلئ بكثير من المأسى التي ربما تؤدي إلى فقدان حياة إنسان أو التسبب في حالة عجز مزمنة لإنسان آخر وهو أمر بات غير مقبول على ضوء ما تجريه الحكومة من استقطاع لكل أوجه الدعم ورفع الأسعار بحجة سعيها إلى تطوير وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للمواطن !

    وفي الحقيقة لا أعلم تحديدا ما هو حجم الإهدار من المال العام الذي يمكن عن طريق استخدام تكنولوجيا المعلومات توفيره في مجال الخدمات الصحية " على الرغم من تأكيد بعض الخبراء أنه يتجاوز مليارات الجنيهات سنويا " فهل يمكن أن نتخيل حجم هدا المبلغ وما يمكن أن نستفيد به في إقامة المراكز والوحدات العلاجية والمستشفيات لخدمة الآلاف من المرضى الذين لا يجدون من يمد لهم يد العون .

    مع موافقة مجلس الوزراء على قانون " التأمين الصحي الشامل " وبدء تطبيقه في عدد من المحافظات منذ سنوات ، ذات الكثافة السكانية المنخفضة ، يتساءل الكثيرون من المواطنين في ظل التزايد الكبير في أسعار الخدمات الصحية والعلاج في الغالبية العظمى من المستشفيات ما أسباب عدم التوسع في تطبيق  التأمين الصحي الشامل بشكلٍ نهائي ؟ كما قامت الحكومة بتطبيق العديد من المنظومات الإلكترونية للضرائب والجمارك ونجحت في مضاعفة إيراداتها السنوية منها  .فماذا عن دعم المنظومة الصحية ؟

    نعلم أن هناك 3 جهات مسئولة عن تنفيذ القانون أولها هيئة التأمين الصحي، ثم هيئة الرعاية الصحية، والمسئولة عن وحدات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات الثنائية والثلاثية الخدمة، والهيئة الثالثة هي هيئة الجودة والرقابة، والمسئولة عن مراقبة الوحدات والمستشفيات وجودتها لتقديم خدمة جيدة.

    وبالطبع سيشكل قانون التأمين الصحي الشامل  نقلة نوعية في تحسين الخدمات الصحية إذا ما تزامن مع تطبيق تعظيم استفادة الوحدات الصحية ،المشاركة به ، من حلول التكنولوجيا الحديثة والأنظمة والبرامج الإلكترونية الذكية  وإطلاق ما يعرف  بـ " الملف الطبي الإلكتروني الموحد " ليشكل تحولا مهما في القطاع الصحي ليس لإرتباطه بأفضل التقنيات والتجهيزات فائقة المستوى وحسب وإنما لشمولية فوائده وإيجابياته على صعيد الخدمات الطبية التي توفرها الهيئة المنفذة  لجمهور المتعاملين وامتداد ثمار المشروع لدعم اتخاذ القرار الطبي للأطباء والطواقم الطبية المساعدة والإداريين.
    وهنا تأتى أهمية ما أكده الدكتور خالد عبد الغفار ـ وزير التعليم العالي والبحث العلمي والقائم بأعمال وزير الصحة والسكان، خلال لقائه مع وفدً من شركة الـ«El sevier» المتخصصة في البحث العلمي، لبحث التعاون في توفير التطبيقات العلمية الخاصة بالتحول الرقمي والاستفادة منها في تخصيص ملف طبي لكل مواطن، بما يساهم في إتاحة كل بيانات المرضى، لمقدمي الرعاية الصحية ومعرفة التاريخ المرضي والعلاجي لكل مريض بما يضمن حصوله على الخدمة الطبية المناسبة لحالته الصحية كما بحث توفير محتوى علمي لأطقم التمريض بجميع المراكز الطبية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، على أن يتم توفير هذا المحتوى باللغتين (العربية والإنجليزية)، منوها لضرورة توافر محتوى طبي مبسط ويُقدم باللغة العربية للمواطنين، وذلك للتوعية بالأمراض السارية وغير السارية، بما يضمن نشر الثقافة الطبية والتوعية بين المواطنين.

    كما أكد الوزير، ضرورة إنشاء حسابات للأطباء على برنامج  «Clinical Key»، بالتنسيق مع بنك المعرفة المصري، وهو ما يساهم في تيسير حصول الطبيب على المعلومات البحثية وفقًا لتخصصه، بما يضمن رفع كفاءة الأطباء وتقديم أفضل خدمة طبية للمرضى مطالبا بوضع خطة للتحديث الدوري للبروتوكولات العلاجية لمختلف الأمراض، بالإضافة لتفعيل نظام مميكن لمعلومات إدارة المستشفيات والسجلات الطبية الرقمية، وتوفير الدليل الطبي لاستخدام العقار الدوائي، وكذلك توفير فيديوهات الإجراءات والعمليات الجراحية المهمة، بالإضافة لتوفير نظام كمبيوتر تصحيحي مرشد للأوامر الطبية والتسجيل الطبي.

    في تصوري تجهيز المستشفيات الحكومية بالمحافظات الجديدة التي سيطبق بها القانون ، لرفع كفاءتها حتى يتم تقديم خدمة جيدة للمواطنين فور تطبيق القانون يشكل أحد أهم التحديدات خاص مع الأزمة المالية العالمية الحالية ، بسبب الحرب الروسية _ اأوكرانية ، ومن هنا يجب بحث تشجيع وتحفيز انضمام مستشفيات القطاع الخاص، لاسيما أن القانون وضع مجموعة من الشروط  لدخولها ، بما يساعد في تخفيف أعباء الخدمات الصحية التي يعانى من ارتفاعها الغالبية أعظمى من المواطنيين وهذه هو أحد الأولويات التي يجب أن تنظر إليها الحكومة في سعيها لتخفيف الأعباء المالية لانفلات الأسعار على حياة المواطن خاصة تكاليف الرعاية الصحية والعلاج  .

    فى إعتقادى أن التكنولوجيا الحديثة يمكنها أن تلعب دورا كبيرا فى مجال تطوير الخدمات الصحية على كل المستويات بداية من عملية إرسال البيانات الخاصة بالمريض عن بعد والتى تسمح ولنا أن نتصور مدى أهمية توافر مثل هذه المعلومات " عبر بطاقة الكارت الذكي " في حالة تعرض اي منا لحادث عارض والتي يلعب عنصر الوقت دورا مهما في إنقاذ حياة إنسان خاصة إذا كان فاقد الوعى ولا يستطيع التحدث بمجرد إدخال الكود الخاص بالمريض يظهر ملف كامل بحالته الصحية العامة يتم الاعتماد عليه فى تقديم العلاج المناسب.

    كذلك فان بناء قاعدة بيانات صحية إلكترونية سيكون بمثابة خطوة أولية للتخطيط لاحتياجاتنا المستقبلية من المستشفيات والوحدات العلاجية المتخصصة من خلال حصر دقيق لأصحاب الأمراض المزمنة ومعرفة مدى تفاقم أو انحصار مرض ما علاوة على الدور المهم لهذه القاعدة من البيانات في مجال مكافحة الأمراض والأوبئة خاصة الأمراض المتعلقة بالأطفال .

    نعلم أن بناء قاعدة البيانات الصحية أمر يصعب أن تقوم به وزارة الصحة بمفردها إلا أن الحديث الدائر ظل حول إعادة الهيكلة مع تطبيق نظام "التأمين الصحي " الشامل  فإنه من الممكن أن نبدأ أولى الخطوات بمساعدة المواطن على تسجيل بياناته وتحديثها عبر الإنترنت وبمرور الوقت وزيادة وعى المواطن سوف تكون قاعدة بيانات ضخمة ـ خاصة ـ إذا قمنا بإدخال بيانات المرضى المسجلين بالتأمين الصحى-  وكان هناك إلزام من جانب المدارس بعمل قاعدة بيانات إلكترونية صحية لكل طالب  .

    في تصوري أن الخطوة التالية لبناء قاعدة بيانات قومية في مجال الصحة هو إتاحتها عبر شبكة متخصصة متصلة بكل المستشفيات والوحدات العلاجية سواء العامة والخاصة " بما يساعد هذه الوحدات على تحسين وتطوير مستوى خدماتها الصحية للمواطن  .

    في النهاية نتطلع أن يتواكب مع تزويد الوحدات الصحية باحدث المعدات والحلول التقنية أن تتم عملية تدريب وإعادة تأهيل للموارد البشرية العاملة فى هذه الوحدات على استخدام المنظومة التكنولوجية الجديد وأن يمتد التدريب إلى الإداريين والأطباء وطاقم التمريض والفئات الطبية المساندة والمراجعين بما يؤدى في النهاية التي تحسين مستويات الخدمة المقدمة من جانب هذه كل العاملين في المستشفيات التي ستشارك في خدمات التأمين الصحي الشاملة وأن يكون خدمة المريض بالنسبة لهم الهدف الرئيسي  مع تسريع إجراءات العلاج بأعلى قدر من الكفاءة والجودة.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن