قالت شركة الذكاء الاصطناعي "OpenAI"، في تقرير نشرته ، إن عملاء يشتبه في أنهم تابعون للحكومة الصينية طلبوا من روبوتها للدردشة المساعدة في صياغة مقترح لأداة لإجراء رقابة واسعة النطاق، والمساعدة في الترويج لأداة أخرى يُزعم أنها تفحص حسابات مواقع التواصل الاجتماعي بحثًا عن "خطاب متطرف".
وأضافت "OpenAI" أن التقرير يدق ناقوس الخطر بشأن كيفية استخدام تقنية ذكاء اصطناعي مرغوبة للغاية لمحاولة جعل القمع أكثر فعالية.
وقال بن نيمو، الباحث الرئيسي في "OpenAI"، لشبكة سي إن إن الأميركية: "هناك دفع داخل جمهورية الصين الشعبية لتحسين استخدام الذكاء الاصطناعي في أمور واسعة النطاق مثل المراقبة والرصد"، بحسب تقرير للشبكة اطلعت عليه "العربية Business".
وأضاف نيمو: "لم يكن العام الماضي هو الذي بدأ فيه الحزب الشيوعي الصيني بمراقبة شعبه. لكن الآن، وقد سمعوا بالذكاء الاصطناعي، يفكرون: ربما يمكننا استخدامه لتحسين الأمور قليلاً".
وتخوض الولايات المتحدة والصين منافسة مفتوحة على الهيمنة في الذكاء الاصطناعي، حيث يستثمر كل منهما مليارات الدولارات في قدرات جديدة. لكن التقرير الجديد يُظهر كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي غالبًا من قِبل جهات يُشتبه في أنها تابعة للدولة لأداء مهام يومية نسبيًا، مثل معالجة البيانات أو تحسين صياغة اللغة، وليس لتحقيق إنجازات تكنولوجية.
ووفقًا لتقرير "OpenAI"، ففي إحدى الحالات طلب مستخدم شات جي بي تي "رجّح أنه مرتبط بكيان حكومي صيني" من روبوت الدردشة المساعدة في كتابة مقترح لأداة تُحلل تحركات السفر وسجلات الشرطة للأقلية الأويغورية وغيرهم من الأشخاص المصنفين على أنهم "عاليي الخطورة".
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس دونالد ترامب الأولى الحكومة الصينية بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ضد مسلمي الأويغور، وهي تهمة تنفيها بكين بشدة.
وذكر تقرير "OpenAI" أن مستخدمًا آخر ناطقًا بالصينية طلب من شات جي بي تي المساعدة في تصميم "مواد ترويجية" لأداة يُزعم أنها تفحص منصتي إكس وفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بحثًا عن محتوى سياسي وديني. وقالت "OpenAI" إنها حظرت كلا المستخدمين.
يُعد الذكاء الاصطناعي أحد أبرز مجالات المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، القوتين العظميين في العالم. وأثارت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة "ديب سيك" قلق المسؤولين والمستثمرين في الولايات المتحدة في يناير عندما قدمت نموذج ذكاء اصطناعي يُشبه شات جي بي تي يُسمى "R1"، والذي يتمتع بجميع القدرات المألوفة ولكنه يعمل بتكلفة أقل بكثير من نموذج "OpenAI".
و في الشهر نفسه، روّج الرئيس دونالد ترامب لخطة من شركات خاصة لاستثمار ما يصل إلى 500 مليون دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ضمن مشروع يُسمى "ستارغيت".
وعند سؤاله عن نتائج "OpenAI"، قال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن: "نعارض الهجمات والافتراءات التي لا أساس لها ضد الصين".
وأضاف المتحدث أن الصين "تبني بسرعة نظام حوكمة للذكاء الاصطناعي بخصائص وطنية مميزة"، وقال: "يعزز هذا النهج التوازن بين التنمية والأمن، ويتميز بالابتكار، والأمن والشمولية. الحكومة قدمت خططًا سياسية رئيسية ومبادئ توجيهية أخلاقية، بالإضافة إلى قوانين ولوائح تتعلق بالخدمات الخوارزمية والذكاء الاصطناعي التوليدي وأمن البيانات".
يتضمن تقرير "OpenAI" أمثلة أخرى عديدة على مدى شيوع استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية للقراصنة المدعومين من الدول والمجرمين، إلى جانب المحتالين الآخرين.
وقد استخدم قراصنة يشتبه في انتمائهم لروسيا وكوريا الشمالية والصين شات جي بي تي لأداء مهام مثل تحسين برمجياتهم أو جعل روابط التصيد الاحتيالي التي يرسلونها إلى الأهداف أكثر مصداقية.
وقال مايكل فلوسمان، وهو خبير أمني آخر في "OpenAI"، للصحفيين: "الخصوم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين مهاراتهم الحالية، وليس لابتكار أنواع جديدة من الهجمات السيبرانية".
لكن عددًا متزايدًا من الضحايا المحتملين يستخدمون شات جي بي تي لاكتشاف عمليات الاحتيال قبل وقوعهم ضحايا لها. وتُقدّر "OpenAI" أن شات جي بي تي يُستخدم للكشف عن عمليات الاحتيال بمعدل يصل إلى ثلاثة أضعاف استخدامه في عمليات الاحتيال نفسها.
وعندما سألت "سي إن إن" شركة "OpenAI" عما إذا كانت على علم باستخدام الجيش أو وكالات الاستخباراتية الأميركية لشات جي بي تي في عمليات القرصنة، لم تُجب الشركة مباشرةً على السؤال، بل أشارت إلى سياستها لاستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الديمقراطية.
وأوضحت القيادة السيبرانية الأميركية، وهي وحدة الجيش المعنية بالهجمات والدفاع السيبراني، أنها ستستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لدعم مهمتها.
وتتعهد "خارطة طريق الذكاء الاصطناعي" التي وافقت عليها القيادة "بتسريع اعتماد وتوسيع نطاق القدرات" في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقًا لملخص خارطة الطريق الذي قدمته القيادة لسي إن إن.
ولا تزال القيادة السيبرانية تستكشف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات الهجومية، بما في ذلك كيفية استخدامه لبناء قدرات لاستغلال الثغرات البرمجية في المعدات المستخدمة من قبل أهداف أجنبية، وفقًا لما أفاد به مسؤولون سابقون في القيادة للشبكة.