الخبراء : اتاحة 7.1 ملايين وظيفة وفرها قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية عالميًا خلال عام 2024
"الاقتصاد الاصفر" يدور بشكل أساسي حول الابتكار من أجل تحقيق استخدام أفضل للموارد وزيادة الإنتاجية
وفقاً لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة: الطاقة الشمسية الكهروضوئية ستتجاوز طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية
كتب : وائل مجدي
يعد الاقتصاد الأصفر يُعد أحد الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يُعد قطاع الطاقة الشمسية أحد النماذج البارزة في هذا السياق؛ ويُسهم في توفير مصادر طاقة نظيفة ومتجددة؛ مما يدعم الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، كما أنه من أهم أنواع الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن تحتل الصدارة في عام 2030 من بين أنواع الطاقة المتجددة المساهمة في توليد الكهرباء على مستوى العالم؛ حيث تتوقع الوكالة الدولية للطاقة (IEA) أن تبلغ نسبة مساهمة الطاقة الشمسية في إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر الطاقة المتجددة نحو 16% في عام 2030 مقارنة بنحو 5% عام 2023.
ويؤكد الخبراء أن الطاقة بشكل عام هي المحرك الأساسي للأنشطة الاقتصادية، وأنه في ظل التوجه العالمي نحو التحول الأخضر، فإن الطاقة الشمسية ستأتي في صدارة مصادر الطاقة المُتجددة كأكبر مُساهم في توليد الكهرباء من الطاقة المُتجددة عام 2030، وعليه كمساهم أكبر في تشغيل الأنشطة الاقتصادية ضمن مصادر الطاقة المتجددة، ومن ثم الناتج المحلى الإجمالي العالمي.
ومن الشائع اليوم استخدام الألوان بشكل متزايد لوصف الاقتصاد، فهناك الاقتصاد الأخضر والأزرق والفضي والبرتقالي والأسود، ولكل لون من تلك الألوان دلالة ونشاط اقتصادي معين، ومن بين تلك الألوان الاقتصادية الاقتصاد الأصفر الذي تعددت وجهات النظر حول مفهومه حيث يتم النظر إليه من قبِل البعض على أنه "الاقتصاد الذي يدور بشكل أساسي حول الابتكار من أجل تحقيق استخدام أفضل للموارد وزيادة الإنتاجية"، وذلك وفقًا لبنك Santander بإسبانيا، في حين ينظر إليه الاتحاد الأوروبي باعتباره الاقتصاد الذي يصف "الأنشطة الاقتصادية التي تتم في سياق التصحر انطلاقًا من كون الرمال مرتبطة باللون الأصفر وارتباط هذا اللون أيضًا بالشمس الحارقة وهي سمة من سمات الحياة في الصحراء"، وبشكل عام يرى الاتحاد الأوروبي أنه يمكن استخدام الاقتصاد الأصفر لوصف مجموعة متنوعة من التقنيات والعمليات التي تخفف من ظروف الجفاف المستمر أو الطاقة الشمسية التي يمكن الحصول عليها وتزيد ظروف المناخ القاسية أهمية ذلك النوع من الاقتصاد، وبحسب مركز التدريب الدولي فإن الاقتصاد الأصفر هو: "نماذج وفرص التنمية الجديدة في الصحراء كاستخدام الطاقة المتجددة المرتبط بالصحراء وذلك كالطاقة الشمسية.
الطاقة الشمسية في تحقيق أبعاد التنمية المستدامة
من ناحية اخرى كشف تقرير أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحت عنوان " الاقتصاد الأصفر.. لون اقتصادي داعم للتنمية المستدامة والمناخ"، تضمن عدداً من الأقسام تناولت ملامح الاقتصاد الأصفر (الطاقة الشمسية) في الاقتصاد العالمي، وأفاقها المستقبلية، وتأثير الطاقة الشمسية في تحقيق أبعاد التنمية المستدامة، وأبرز التجارب الدولية الرائدة في قطاع الطاقة الشمسية.
وأوضح المركز مفهوم الاقتصاد الأصفر وعلاقته بالطاقة الشمسية، وعليه، يركز تقرير المركز على الطاقة الشمسية باعتبارها جزءًا أساسيًا من مكونات الاقتصاد الأصفر والتي تعتبر من بين أكثر الحلول كفاءة لتقليل البصمة الاقتصادية والبيئية للطاقة وأفضل الحلول لاستغلال البيئات الصحراوية والجافة.
النماذج البارزة للاقتصاد الأصفر
تناول التقرير آليات توليد الطاقة الشمسية كأحد النماذج البارزة للاقتصاد الأصفر وتتم من خلال إحدى الطرق أولها " الطاقة الشمسية الكهروضوئية (PV)" ، تستخدم الأجهزة الإلكترونية والتي تعُرف باسم الخلايا الشمسية وتعمل على تحويل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، وهي واحدة من أسرع تقنيات الطاقة المتجددة نموًا، وتلعب دورًا متزايد الأهمية في تحول الطاقة العالمي؛ حيث انخفضت تكلفة تصنيع الألواح الشمسية بشكل كبير في العقد الماضي؛ مما يجعلها ليست ميسورة التكلفة فحسب، بل أرخص شكل من أشكال توليد الكهرباء، حيث انخفضت أسعار وحدات الطاقة الشمسية بنسبة تصل إلى 93% بين عامي 2010 و 2020، وخلال الفترة نفسها انخفضت تكلفة الكهرباء على مستوى العالم ذات (LCOE) المتوسط المرجح لمشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق المرافق بنسبة 85%.
ثانيا" الطاقة الشمسية المركز (CSP)"، تستخدم المرايا لتركيز الأشعة الشمسية فتتولد الحرارة مما ينتج عنه بخار لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء، وتتمثل إحدى المزايا الرئيسة لمحطات توليد الطاقة الشمسية المُركزة مقارنةً بمحطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في أنه يمكن تزويدها بأملاح منصهرة يمكن تخزين الحرارة فيها مما يسمح بتوليد الكهرباء بعد غروب الشمس، ومع النمو السريع لسوق الطاقة الشمسية وتطور عمليات الإنتاج انخفضت تكلفة تخزين الطاقة الحرارية مما جعل مدة التخزين تبلغ 12 ساعة وهو ما أدى إلى زيادة مدة التخزين في أنظمة الطاقة الشمسية المركزة مما يعني أنه على الرغم من عدم تقديرها في كثير من الأحيان يمكن أن تلعب الطاقة الشمسية المركزة دوراً متزايد الأهمية في المستقبل.
سعة التكنولوجيا الكهروضوئية
وبلغ حجم السعة الإجمالية للطاقة الشمسية 1418 ألف ميجاوات في عام 2023، مقارنةً بـ 103 آلاف ميجاوات في عام 2012 وذلك بنسبة نمو بلغت نحو 1277%، وكان التركيز الأكبر في السعة الكهربائية للطاقة الشمسية للعالم للتكنولوجيا الكهروضوئية مقارنة بالطاقة الشمسية المُركزة حيث تجاوزت سعة التكنولوجيا الكهروضوئية نظيرتها من التكنولوجيا المركزة بمقدار 1404.1 آلاف ميجاوات في عام 2023.
وتناول التقرير تأثير الطاقة الشمسية في تحقيق أبعاد التنمية المستدامة (2030 SDGs)، حيث تلعب دورًا مهمًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وذلك من خلال توفير مصادر طاقة نظيفة وبأسعار معقولة وموثوقة، وكحل لمواجهة تداعيات المناخ التي يواجهها العالم، وفي ظل ارتباط الطاقة المتجددة النظيفة ارتباطًا قويًا بالتنمية والنمو المستدامين فإن الطاقة الشمسية تؤثر بشكل غير مباشر على الهدفين الأول والثاني المرتبطين بالقضاء على الفقر وعلى الجوع وتوفير الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة حيث يؤدي الوصول إلى الطاقة بتكلفة منخفضة إلى التنمية المستدامة والتحسين في المناطق الريفية ويعزز الأنشطة الاقتصادية بما يوفر فرص العمل ويخفض من تكلفة الخدمات، حيث يمكن تركيب الألواح الشمسية على الأراضي الزراعية بما يمكن المزارعين من ضخ المياه الجوفية إلى الأراضي وتحلية المياه للزراعة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه الصالحة للزراعة، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية والاستخدام المنزلي في الأرياف.
وقد وفر قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية 7.1 مليون وظيفة في عام 2023، مقارنةً بـ 4.9 ملايين وظيفة في عام 2022 وذلك بمعدل نمو بلغ 44.9%، وذلك بحسب إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).
1.8 تريليون دولار الاستثمارات العالمية للطاقة الشمسية
استعرض التقرير الإنتاج العالمي للطاقة الشمسية، حيث انتقلت القدرة العالمية لتصنيع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بشكل متزايد من أوروبا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية إلى الصين على مدار العقد الماضي؛ واستثمرت الصين أكثر من 50 مليار دولار أمريكي في مجال توريد الطاقة الكهروضوئية الجديدة وهو ما يزيد على عشرة أضعاف الاستثمارات الأوروبية، وتراوح نصيب الطاقة الشمسية بنوعيها (الكهروضوئية والمركزة) ما بين (44% - 62%) من إجمالي الاستثمارات العالمية الموجهة إلى الطاقة المتجددة بمختلف مصادرها في خلال الفترة (2013 - 2022)، والتي بلغ إجماليها نحو 3.4 تريليونات دولار خلال تلك الفترة، وقد بلغ إجمالي نصيب الطاقة الشمسية بنوعيها نحو 1.8 تريليون دولار.
ولعبت اعتبارات التكلفة دورًا محوريًا في تحديد جدوى تقنيات الطاقة الشمسية واعتمادها على نطاق واسع، فرغم الكفاءة العالية لتقنيات الطاقة الشمسية المركزة إلا أنها واجهت تحديات في القدرة التنافسية من حيث التكلفة وارتفاع البصمة البيئية مقابل الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي استحوذت وحدها على النصيب الأكبر من إجمالي الاستثمارات الموجهة للطاقة المتجددة، وذلك بنسبة 6% من إجمالي الاستثمارات الموجهة إلى الطاقة المتجددة في عام 2022، وهو ما يشير إلى تزايد الاهتمام العالمي باستثمارات الطاقة الشمسية وزيادة الاعتماد عليها كمصدر متجدد للطاقة مقارنة بالمصادر الأخرى للطاقة المتجددة.
540 جيجاوات/ساعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية
وبلغ معدل النمو في إضافات الطاقة الشمسية الكهروضوئية 350% خلال الفترة (2016- 2023) والتي ارتفعت من 83.3 جيجاوات/ساعة في عام 2016 إلى 374.9 جيجاوات/ساعة في عام 2023، وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تتضاعف تلك الإضافات بحلول عام 2028 لتصل إلى 539.6 جيجاوات/ساعة.
وأوضح التقرير تطور مساهمة الطاقة الشمسية في الاقتصاد العالمي وآفاقها المستقبلية، حيث بلغت مساهمة الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة النظيفة في القدرة الجديدة المضافة إلى نظام الكهرباء في العالم نحو 80% في عام 2023، وذلك مدفوع بتزايد الاستثمار العالمي في تصنيع الطاقة النظيفة، نتيجة السياسات الصناعية التي انتهجتها الدول، وطلب السوق على الطاقة؛ مما جعل مساهمة الطاقة النظيفة في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي تبلغ 10% في عام 2023، وذلك من خلال إضافة نحو 320 مليار دولار أمريكي إلى الاقتصاد العالمي، وهذه القيمة تفوق القيمة المضافة لصناعة الطيران العالمية في عام 2023 أو ما يعادل إضافة اقتصاد بحجم دولة التشيك إلى الناتج العالمي، وقد بلغت مساهمة الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء على مستوى العالم 5.5% في عام 2023، ارتفاعًا من 0.57% في عام 2013.
تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تشكل مصادر الطاقة المتُجددة بشكل عام ما يقرب من نصف توليد الكهرباء العالمي بحلول عام 2030، مع مضاعفة حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية إلى 30%، على أن تصبح الطاقة الشمسية الكهروضوئية هي أكبر مصدر مُتجدد، متجاوزة كلًا من طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية التي تعد حاليًا أكبر مصدر لتوليد الطاقة المتجددة، والنسبة المتوقعة لمساهمة الطاقة الشمسية في إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة من جميع مصادر الطاقة المتجددة عالميًا 16% في عام 2030مقارنًة بـ 5% عام 2023.
ووفقًا لسيناريوهات الوكالة الدولية للطاقة بشأن الحد من الانبعاثات الكربونية؛ يتوقع أن تتوسع إضافات سعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنحو 60 % في سيناريو السياسات المعلنة (STEPS) بحلول عام 2035، وتتضاعف في سيناريو التعهدات المعلنة (APS) وتزيد بمقدار 2.5 ضعف في سيناريو انبعاثات صفرية صافية (NZE)، ومن الملاحظ زيادة إضافات سعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بشكل كبير بحلول عام 2030 في كل سيناريو.
وبلغ حجم الاستثمارات التراكمية المطلوبة للتوسع في تقنيات الطاقة الشمسية المركزة خلال الفترة (2022 حتى 2030) نحو 657 مليار دولار، تليها استثمارات إضافية بقيمة 1.83 تريليون دولار من عام 2030 إلى عام 2050، وكذلك توظيف ما يزيد على 449 ألف فرد بحلول عام 2030، ويزيد إلى 767 ألف بحلول عام 2050.