اقتراحات غير تقليدية لتطوير التعليم في مصر (1)

  •   بقلم : إسلام محفوظ

     

    نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في الوقت الحاضر حيث إننا في مرحلة إصلاح اقتصادي لتشوهات ومشكلات إقتصادية استمرت لعقود بالإضافة إلى التأثير السلبى لفيروس كورونا على الاقتصاد ليس فى مصر فقط بل فى العالم أجمع ، من هنا كان لابد من التفكير في حلول غير نمطية بل وحلول رقمية لكثير من مشكلات التعليم في مصر ، وفي هذا الصدد سوف اقدم بعض الاقتراحات غير التقليدية لحل مشكلات التعليم المادية شجعني على طرحها الرؤية التقدمية والجريئة للدكتور طارق شوقي ـ وزير التعليم متمثلة في اتخاذه لقرارات تطوير التعليم في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي العام بالإضافة إلى قراراته لمواجهة أزمة كورونا مثل استخدام نظام الأبحاث كأداة لتقييم الطلاب بدلا من نظام الامتحانات التقليدية ورغم ماحدث فيها من سلبيات إلا أن التجربة كانت مميزة ومفيدة ولها نتائج إيجابية يمكن البناء عليها إذا تمت معالجة السلبيات التي حدثت ، وفي مجال التحول الرقمي تم إنشاء العديد من المنصات التعليمية ذات المحتوى المعرفي الضخم التي توفر للطلاب مصادر دراسية متنوعة وثرية إذا أحسن استخدامها سوف تغنيهم عن اللجوء إلى الدروس الخصوصية .

    وفيما يلى مجموعة من المقترحات أتمنى وضعها أمام السيد الوزير والمسئولين عن رسم السياسات التعليمية في مصر  ، تتمثل هذه المقترحات في إنشاء مجلس للتواصل بين المدرسة والمجتمع المحيط بها ، والمقترح الثاني يتمثل في عمل وديعة قومية للتعليم يتم منها الإنفاق على أعمال الصيانة الضرورية للمدارس وكذلك الإنفاق على الأنشطة المختلفة، والمقترح الثالث يتمثل في استثمار التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات فى تدبير موارد إضافية للتعليم بعيدا عن الموازنة العامة للدولة ، وفيما يلي عرض لهذه المقترحات بالتفصيل. 

    أولا : إنشاء مجلس تواصل 

    إن أحد أهم مشكلات التعليم في مصر هى ضعف الثقة بين المجتمع والمؤسسة التعليمية متمثلة في المدرسة ، نتيجة العديد من العوامل على رأسها تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية وبالتالى أصبحت المدرسة بالنسبة للطالب وولي الأمر هي مكان لأداء الامتحان والحصول على الشهادة ، أما كونها مكانا لتلقي العلم فلم يعد الأمر كذلك حيث تقوم بهذه المهمة مراكز الدروس الخصوصية ولكن بطريقة تلقينية فالمهم عندهم حشو عقول الطلاب بالمعلومات والتدريب على الإمتحانات ، أما فهم وتحليل المعلومات وكيفية تطبيقها واستخدامها فهذا مالا يحدث ، فالمهم بالنسبة لهم هو نجاح الطالب حتى يرضى ولى الأمر ويستمر في إرسال أولاده إلى المركز لتلقي الدروس الخصوصية ودفع المقابل .

    ونتيجة لهذا الاعتقاد عند الطلاب وأولياء الأمور عن المدرسة بأنها مجرد مكان لتسجيل الطالب وامتحانه وحصوله على الشهادة ، ضعفت ثقة الناس في المدرسة كمؤسسة تعليمية وقل التعاون بين أولياء الأمور وبين المدرسة حتى أنك تجد أن الجمعية العمومية لأولياء الأمور لا يحضرها سوى عدد قليل جدا من أولياء الأمور بالإضافة إلى عزوف العديد من أولياء الأمور عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للمدرسة ، مما أدى للجوء بعض المدارس إلى لغة الإكراه أحيانا للحصول على تبرعات من أولياء أمور الطلاب ، وهذا ما عزز من سوء صورة المدرسة أمام المجتمع وتعميق فقدان الثقة بين الطرفين . إن عودة الثقة بين الطرفين ودعم المجتمع للمؤسسة التعليمية وتعاونه معها فى مواجهة المشكلات التعليمية سوف يساهم فى حل العديد من المشكلات وبالتالى التخفيف عن كاهل الدولة في هذه المرحلة الصعبة . ولكن السؤال : كيف يمكن إستعادة الثقة بين المجتمع والمؤسسة التعليمية متمثلة فى المدرسة ؟ 

    إن هناك العديد من الوسائل والاقتراحات التى يمكن بها استعادة الثقة بين الطرفين ( المجتمع والمدرسة ) ، ولكننى هنا أقدم اقتراحا قد يكون جديدا يمكن أن يساهم في حل هذه المشكلة ، يتمثل هذا المقترح في تشكيل مجلس تواصل بين المدرسة والمجتمع يتكون هذا المجلس من الشخصيات التي تحظى بتقدير واحترام من قبل الطرفين وأن تكون هذه الشخصيات على تواصل دائم ويومي مع جميع أفراد المجتمع ، ومن أكثر الشخصيات التى تحظى باحترام المجتمع وعلى تواصل دائم ويومي مع أفراده هم أئمة المساجد وبالتالي على كل مدرسة أن تحدد المساجد التي تقع في محيطها وتدعو أئمة هذه المساجد وتشكل منهم مجلس تواصل ، كما ينضم إلى هذا المجلس رؤساء أو كهنة الكنائس في المناطق التي يوجد بها كنائس ، ويتم عقد اجتماعات شهرية مع هذا المجلس تبين لهم فيها المدرسة المشكلات التى تعانى منها والتي لا ذنب لها فيها والتي تتسبب في رسم صورة سلبية عن المدرسة لدى المجتمع ، وحاجتها لدعمهم في علاج هذه المشكلات وتصحيح صورة المدرسة أمام المجتمع وبالتإلى ضرورة تعاون المجتمع مع المدرسة وتقديمه لصور الدعم المختلفة للمدرسة والمساهمة فى حل مشكلاتها .

    ليقوم هذا المجلس لما لأعضائه من مكانة في نفوس الناس بنقل الصورة الصحيحة عن المدرسة وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة عند الناس عن المدرسة وحث المجتمع على تقديم الدعم للمدرسة للمساعدة فى القيام بدورها .

    كما يقوم المجلس بتقديم النصح والمشورة للمدرسة لعلاج وتلافي بعض السلبيات التى تحدث من أعضائها حتى تتحسن صورتها أمام المجتمع ، كما سيكون لهذا المجلس امكانيات في مساعدة المدرسة والوزارة على إنجاز بعض الأمور وتنفيذ بعض الاقتراحات التي تساهم في رفع كفاءة العملية التعليمية .

    وإلى لقاء قريب نستعرض فيه باقي اقتراحات تطوير التعليم .  ... دمتم بخير . 

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن