كتب : محمد الخولي

تعد شراكة مايكروسوفت وأوبن إيه آي، واحدة من أهم عمليات الترابط في مجال التكنولوجيا في الوقت الحالي، لكنها في الوقت نفسه أنتجت صراعاً خلف الكواليس، وفقًا لمطلعين على الأمر.

واستثمرت مايكروسوفت المليارات للوصول المبكر إلى تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية للشركة الأصغر منها أوبن إيه آي، وهي شركة رائدة في هذا المجال، لكنها على وجه التحديد استثمرت 49% فقط، وهي هيكلة تساعد على تجنب تدقيق مكافحة الاحتكار.

والنتيجة هي نوع من العلاقات المفتوحة، ولكنها ليست حصرية، إذ تعمل شركة أوبن إيه آي على تسليح بعض أكبر منافسي مايكروسوفت، بينما قامت مايكروسوفت فعليًا بتقييد عملاء محرك البحث المحتملين لـ أوبن إيه آي.

بالمقابل هناك بعض الاصطفافات القوية، إذ تستضيف مايكروسوفت تقنية أوبن إيه آي على السحابة الخاصة بها، وتدمجها بشكل متزايد في منتجاتها الشهيرة، مما يمنح عملاق البرمجيات حقوق تفاخر جديدة على منافستها منذ فترة طويلة غوغل وغيرها.

ويشيد الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، والرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، سام ألتمان، ببعضهما البعض في أحداث معلنين بداية حقبة جديدة من الحوسبة.

في الوقت نفسه، اشتكى البعض داخل مايكروسوفت، من انخفاض الإنفاق على الذكاء الاصطناعي الداخلي الخاص بها، وأن أوبن إيه آي لا تسمح لمعظم موظفي مايكروسوفت بالوصول إلى الأعمال الداخلية لتقنيتها، كما قال مطلعون على الأمر، وتقوم فرق مبيعات مايكروسوفت وأوبن إيه آي أحيانًا بعرض نفس العملاء.

في الخريف الماضي، فوجئ بعض الموظفين في مايكروسوفت بسرعة إطلاق شركة أوبن إيه آي لتطبيق شات جي بي تي، مع أنها حذرت مايكروسوفت في وقت مبكر من هذا العام من مخاطر الاندفاع لدمج تطبيقها دون تدريب بشكل أكبر، على حد قول الأشخاص. 

وعادةً ما تستوعب شركة مثل مايكروسوفت شركة ناشئة وتقنيتها، ومن خلال إبقاء أوبن إيه آي في متناول اليد، تمتلك مايكروسوفت تأثيرًا كبيراً، بينما تحصل أوبن إيه آي على داعم كبير، ولا يزال لديها بعض الحرية لاستكشاف شراكات أخرى.

ويمكن إرجاع الكثير من الدراما في هذه العلاقة إلى الاقتتال الداخلي الطبيعي، والغرور الذي ينشأ عندما تتحد شركتان. وقال أورين إيتزيوني، عضو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق في معهد ألين للذكاء الاصطناعي، إن هذا الاقتران غير التقليدي قد يواجه المزيد من المشاكل، حيث يقوم كلا الجانبين بترويج برامج وخدمات مماثلة.

وقال: "ما يضعهم في مسار تصادمي هو أن كلا الجانبين بحاجة إلى كسب المال". "الصراع هو أنهما سيحاولان كسب المال باستخدام منتجات مماثلة."

ووصفتها المدير المالي لشركة مايكروسوفت، آمي هود، بأنها "شراكة رائعة" يستفيد منها كلا الجانبين.

وقالت في أبريل: "عندما ننمو، فالشراكة تساعدهم، وعندما هي تنمو، فإنها تساعدنا".

تم تأسيس أوبن إيه آي في عام 2015، كشركة غير ربحية ذات توجه بحثي تعمل على بناء تقنية آمنة للذكاء الاصطناعي لصالح البشرية. لقد أنشأت ذراعًا للربح في عام 2019، مما مكنها من جمع المليارات من مايكروسوفت، وهي الآن تكسب الأموال عن طريق فرض رسوم على الأفراد للوصول إلى إصدار قوي من تطبيق شات جي بي تي، وترخيص نماذجها اللغوية الكبيرة للشركات.

وتبيع كلتا الشركتين الوصول إلى تقنية OpenAI-Microsoft كجزء من خدمات آزور السحابية وأوبن إيه آي مباشرة.

وتقول بعض الشركات إنها حصلت على نفس حق الوصول إلى منتجات مثل ChatGPT-one، من قبل مندوبي المبيعات من أوبن إيه آي ولاحقًا من فريق آزور التابع لمايكروسوفت، ووصف البعض عملية التواصل بأنها مربكة.

واصلت شركة أوبن إيه آي تطوير شراكات مع شركات أخرى، وتقدم سيلزفورس - الخصم الأكبر لمايكروسوفت - منتجًا مدعوما بـ "شات جي بي تي" يسمى آينشتاين جي بي تي Einstein GPT، وهو ميزة يمكنها القيام بأشياء مثل إنشاء رسائل بريد إلكتروني تسويقية، والتنافس مع الميزات المدعومة من أوبن إيه آي في برامج مايكروسوفت.

وقال مطلعون على الأمر، إن شركة أوبن إيه آي قد تعاقدت أيضًا مع محركات بحث مختلفة على مدار الـ 12 شهرًا الماضية لمناقشة ترخيص منتجاتها، حيث كانت مايكروسوفت تطرح تقنية أوبن إيه آي، في إصدار جديد من محرك بحث بينغ الخاص بها. وبدأ محرك البحث دك دك غو DuckDuckGo باستخدام شات جي بي تي لتشغيل روبوت المحادثة الخاص بها، والذي يسمى دك أسيست DuckAssist.

تلعب مايكروسوفت دورًا رئيسيًا في صناعة محركات البحث، لأن عملية البحث على الويب وتنظيمها مكلفة. بينما لا ترخص غوغل تقنيتها، لذلك تعتمد العديد من محركات البحث بشكل كبير على بينغ، بما في ذلك دك دك غو.

عندما أطلقت مايكروسوفت محرك بينغ الجديد، غيرت شركة البرمجيات قواعدها بطريقة جعلت الأمر أكثر تكلفة لمحركات البحث، لتطوير روبوتات الدردشة الخاصة بتلك المحركات باستخدام أوبن إيه آي. 

السياسة الجديدة تحظر بشكل فعال محركات البحث من العمل مع أي شركة ذكاء اصطناعي عام، لأن إضافة روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى رسوم أعلى بكثير من مايكروسوفت.

بعد عدة أسابيع من إعلان دك دك غو عن دك أسيست، قامت الشركة بإلغاء الميزة.

ينتاب بعض الباحثين في مايكروسوفت القلق، بشأن تقييد الوصول إلى تقنية أوبن إيه آي، ففي حين أن بعض الفرق المختارة داخل مايكروسوفت يمكنها الوصول إلى الأعمال الداخلية للنموذج، مثل قاعدة الكود، فإن غالبية فرق الشركة لا تفعل ذلك، كما قال المطلعون على الأمر.

وعلى الرغم من حصة مايكروسوفت الكبيرة في الشركة، يتعين على معظم الموظفين التعامل مع نماذج أوبن إيه آي، مثل أي بائع خارجي آخر.

كما أدى إطلاق شات جي بي تي في الخريف الماضي، و بينغ الذي تم غمره بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت بعد أشهر، إلى حدوث توتر.

قال مطلعون على الأمر إن بعض المسؤولين التنفيذيين في مايكروسوفت، لديهم مخاوف بشأن توقيت إطلاق شات جي بي تي في الخريف الماضي. مع إشعار ببضعة أسابيع، أخبرت شركة مايكروسوفت أوبن إيه آي، أنها تخطط لبدء الاختبار العام لبرنامج الدردشة الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، حيث كانت شركة ريدموند، ومقرها واشنطن، لا تزال تعمل على دمج تقنية أوبن إيه آي في محرك بحث بينغ الخاص بها.

وقالت المصادر إن موظفي مايكروسوفت كانوا قلقين من أن شات جي بي تي، قد يسرق بريق بينغ الجديد. جادل البعض أيضًا بأن بينغ يمكن أن يستفيد من الدروس المستفادة من كيفية استخدام الجمهور لـ شات جي بي تي.

في غضون ذلك، اقترحت شركة أوبن إيه آي أن تتحرك مايكروسوفت بشكل أبطأ في دمج تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها مع بينغ. وأشار فريق أوبن إيه آي إلى مخاطر التخلص من روبوت محادثة، بناءً على نسخة لم يتم إصدارها من GPT-4 لم يتم إعطاؤها مزيدًا من التدريب، وفقًا لمطلعين على الأمر. وحذرت شركة أوبن إيه آي من أن الأمر سيستغرق وقتًا لتقليل المشكلات مثل الاستجابات غير الدقيقة أو الغريبة. 

مضت مايكروسوفت قدما في إصدار روبوت بينغ، وثبتت دقة التحذيرات، إذ واجه المستخدمون إجابات غير صحيحة فيما يتعلق بالتفاعلات مع الأداة. أصدرت مايكروسوفت لاحقًا قيودًا جديدة - بما في ذلك حدًا لطول المحادثة - حول كيفية استخدام بينغ الجديد.

لم يقترب بينغ الجديد من النجاح الهائل لـ شات جي بي تي، ووصل شات جي بي تي بالفعل إلى 200 مليون مستخدم شهريًا، وفقًا لشركة التحليلات YipitData، مما يجعله أحد أسرع تطبيقات المستهلك نموًا في التاريخ، وقالت YipitData إنه على أجهزة الكمبيوتر، لديه أيضًا ما يقرب من ضعف متوسط عدد عمليات البحث اليومية، التي تحصل على بينغ.

في الشهر الماضي، قال ناديلا إن محرك بحث بينغ من مايكروسوفت سيتم دمجه في شات جي بي تي.

وقال ناديلا: "هذه مجرد بداية لما نخطط للقيام به مع شركائنا في أوبن إيه آي، لجلب أفضل ما في بينغ إلى تجربة شات جي بي تي".