النقد الإلكتروني بين الإجبار والحوافز

  •      بقلم / احمد محمد الدسوقي

         خبير التحول الرقمي والتخطيط الإستراتيجي لتكنولوجيا المعلومات

     

    تابعت المؤتمر الثاني للتحول نحو الإقتصاد الغير نقدي، وتابعت أهداف المؤتمر من التحول للاقتصاد الغير نقدي ودمج القطاع الغير رسمي مع القطاع الرسمي ونشر خدمات الدفع والتحصيل الإلكتروني. لقد كان المؤتمر جيد حيث تم استعراض بعض الإنجازات ومنها قرب انتهاء الشبكة المالية الحكومية للدفع والتحصيل، وتم الخروج ببعض التوصيات الجيدة، ولكن اتفق الحاضرون علي أن الثقافة الشعبية هى العنصر الأكثر فاعلية وتأثير فى التحول نحو الإقتصاد الغير رسمي.

    اتفق مع الحضور بأن المستخدم (المواطن) هو طرف رئيسي معني بهذا التحول لانه هو مستقبل الخدمات الحكومية والمالية والتجارية، وعلية فإنه بدون مشاركة المستخدم ستكون كافة الجهود بلا جدوي، ولكن علينا أولاً أن نفرق بين ميكنة الخدمات المالية ورقمنة الخدمات المالية وكلاهما من أشكال النقد الإلكتروني.

    ميكنة الخدمات المالية هو نشر نقاط دفع إلكتروني (POS) داخل المؤسسات الحكومية مثل الضرائب العامة والعقارية وغيرها والمؤسسات التجارية كالشركات والمحلات التجارية وغيرها، حيث يقوم المستخدم بإستخدام هذة النقاط في عملية الدفع، اما باقي عمليات المعاملة من طلب الخدمة أو فتح وإنهاء المعاملة أو البيع والشراء وغيرها تظل تتم بطريقة تقليدية مما يؤثر بشكل كبير علي عدم اعتماد المستخدم علي نقاط الدفع الإلكتروني ويقوم بعملية السداد عبر النقد الورقي.

    رقمنة الخدمات المالية هو أن تتم عملية الدفع والسداد الإلكتروني أو التحويل الإلكتروني للأموال عبر نظم إلكترونية مثل بطاقات الإئتمان وذلك ضمن معاملة حكومية أو تجارية إلكترونية أو مرقمنة، وهذا يستلزم تعزيز الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية.

    إن عملية التحول نحو الاقتصاد الغير نقدي ولاشك تستلزم دفع المستخدم نحو الاعتماد علي الخدمات الرقمية ونظم الدفع الإلكتروني بمختلف أشكالها، ولكن من الصعب دفع المستخدم بتغيير ثقافتة أو الدعاية للخدمات المالية الإلكترونية أو تخييره فى استخدام هذة النظم الإلكترونية أو غير ذلك؛ ولذلك لابد من إجراءات قوية تدفعة وتجبره نحو الاعتماد علي النقد الإلكتروني، سأذكر بعض منها من وجهه نظري كمقترحات يمكن أن يدرسها إدارة البنك المركزي والوزارات المعنية بالحكومة منها ما يلي:

    أولاً الحوافز السلبية

    1- لابد للحكومة المصرية أن تفرض غرامات علي المستخدم الذي يستخدم النقد بمبالغ تتخطي علي سبيل المثال مائتي جنية (200 جنية) بدلاً من استخدام النقد الإلكتروني، وبالتالي سيلجأ المستخدم إلي استخدام النقد الإلكتروني فى تعاملاته.

    ثانياً الحوافز الإيجابية

    1- لابد للبنك المركزي أن يدفع البنوك إلي تخفيض أو إلغاء العمولة علي عمليات النقد الإلكتروني حتي يتم تشجيع المستخدم علي الاعتماد علي النقد الإلكتروني.

    2- منح حوافز للمؤسسات التجارية كالشركات والمحلات التجارية مثل الإعفاء الضريبي لسنة مالية قادمة وتخفيض رسوم الخدمات الحكومية الأخري للمؤسسة التجارية التي تحقق عمليات تحصيل إلكتروني سنوية بقيمة تتخطي 100 ألف جنية مصري. هذا الحافز سيحقق هدفين حيث سيدفع المستخدم للاعتماد علي النقد الإلكتروني وتعزيز ثقافة الخدمات المالية الإلكترونية وكذلك سيدفع المؤسسات التجارية الغير رسمية إلي توفيق أوضاعها القانونية والانضمام إلي الاقتصاد الرسمي.

    3- أن يقوم البنك المركزي بدفع البنوك نحو تقديم منتجات وحلول بنكية متكاملة وأكثر فاعلية، وعلاج التشوهات الحالية فى المنتجات والحلول البنكية حيث أن مستخدم البنوك حالياً أصبح لديهم أكثر من حساب / كارت بنكي وهذا مؤكد سيؤثر سلباً علي عملية التحول للنقد الإلكتروني والاقتصاد الغير نقدي.

    4- إصدار قانون متكامل للمعاملات والتجارة الإلكترونية حتي يكون أساس تشريعي وقانوني للتحول للاقتصاد الرقمي حيث من شأنه سيكون تأصيل للمعاملات الإلكترونية سواء كانت مالية أو حكومية أو تجارية وكذلك تعزيز ثقافة المستخدم فى الخدمات المميكنة والرقمية ومنها خدمات النقد الإلكتروني، وبالفعل تقدمت لمجلس النواب فى فبراير 2017 بمشروع قانون متكامل للمعاملات والتجارة الإلكترونية من 9 فصول يشمل التأصيل الإلكتروني لكافة عمليات المعاملة بداية من فتح المعاملة والاعتماد علي سجلات إلكترونية يعول عليها، وإنشاء العقود الإلكترونية وصحتها، وإنشاء التوقيعات الإلكترونية وصحتها، والتحويل الإلكتروني للأموال حتي يتم اعتماد الدفع والسداد الإلكتروني ثم إنهاء المعاملة. و أدعو البنك المركزي المصري والحكومة والبرلمان إلي تبني هذا القانون المتكامل ومراجعتة ومن ثم إقراره كأساس تشريعي وقانوني للاقتصاد والتحول الرقمي فى مصر.

    وفي الختام لا يمكن تخيير المستخدم بين النقد الورقي والنقد الإلكتروني، فلابد أن يكون هناك إستراتيجية قوية وفاعلة بإجراءات قابلة للتطبيق لدفع المستخدم نحو هذا التحول للنقد والاقتصاد الرقمي .

     

    [email protected]

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن