سنحاربهم بالتنمية

  • بقلم :ايمن صلاح

    تشهد مصر منذ بضع سنين طفرة تنموية غير مسبوقة واقتصاد متنامى ومتسارع لم تشهده منذ حكم محمد على الذى استمر من مايوعام 1805 حتى الأول من سبتمبرعام 1848، محمد على الذى لقب تاريخيا ببانى مصر الحديثة حيث أرسى قواعد دولة قوية تتميز بالتقدم والحداثة فى ذلك الوقت اضافة لبنائه جيش مصرى قوى كان نواة لقوة عسكرية مصرية ضاربة فى المنطقة فيما بعد، وها نحن ذا اليوم ولأول مرة منذ ذلك التاريخ نعيش عصر بناء جمهورية جديدة ذات قواعد حضارية متقدمة تنافس أعتى دول العالم تقدما فى جميع المجالات.

    وانى أزعم أنه لولا وجود ارادة سياسية مصرية فولاذية ما استطاعت مصر أن تنهض من كبوتها الكبرى التى أعقبت أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011، تلك الكبوة التى كادت أن تعصف بمصر واستقرارها وتضعها فى مصاف الدول غير المستقرة أمنيا واقتصاديا كما هو الوضع فى كثير من دول المنطقة نتيجة للمؤامرات الداخلية والدولية التى استهدفت منطقة الشرق الأوسط لاعادة تشكيله بما يتناسب مع المصالح الامبريالية والصهيونية عن طريق ما يسمى بالفوضى الخلاقة، ولكن لأن مصر دولة قوية وعريقة الحضارات والأصول التاريخية فانها استعصت على تلك القوى المتآمرة بالداخل والخارج بل ان شعبها الأصيل وجيشها الباسل استطاعا وفى زمن قياسى يشهد به القاصى والدانى تحويل المحنة التى مرت بها مصر الى منحة كبرى نجد أن البلاد من خلالها تتحول تحولا نوعيا لا نظير له فى طريق التقدم والرخاء.

    لقد كانت استراتيجية التحول التنموى المصرية استراتيجية متكاملة مبنية على أسس علمية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الآنية والمستقبلية لمصر على حد سواء، ولم تغفل هذه الاستراتيجية البعد الأمنى الذى يعتبر هو حجر الأساس للتقدم والاستقرار وأدركت الادارة المصرية ببعد نظر ثاقب أن محاربة الارهاب وتجفيف منابعه لن يتحقق بالذراع الأمنية وحسب ولكن كانت التنمية هى الذراع الآخر الذى يبنى البلاد وفى ذات الوقت يقوض ذراع الارهاب ويجفف منابعه الفكرية، ولن تنسى مصر المعاناة الشديدة التى عاشها الشعب المصرى عندما وصل فيها الارهاب الى رأس الحكم والسلطة فى مصر فى غفلة من الزمان حيث كادت أن تضيع هوية مصر وشخصيتها التاريخية التى طالما تميزت عبر التاريخ بالتنوع الثقافى والعقائدى المفعم بروح التسامح والتعايش وقبول الآخر، ومن أجل ذلك كان الخيار الاستراتيجى للدولة المصرية هو الاعتماد على التنمية المستدامة من أجل بناء وطن قوى ذى مستقبل مشرق وبناء انسان مصرى جديد قادر علميا وصحيا وثقافيا واقتصاديا على الحفاظ على مكتسبات بلاده ومواجهة أى محاولة مستقبلية للأرهاب والارهابيين للنيل من امن واستقرار مصر أو القفز مرة أخرى الى السلطة فى مصر.

    ولكن السؤال المهم هنا هو ..... كيف يمكن لعملية التنمية الشاملة عمليا تجفيف منابع الارهاب؟!

    فى دراسة علمية مستفيضة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أكدت تلك الدراسة أنه تتعدد وتتنوع المداخل المختلفة لمعالجة الظاهرة الارهابية، اذ سعت معظم الدول الى اتباع سياسات من شأنها تقويض نشاط التنظيمات الارهابية، وتبرز خصوصية السياسة المصرية لمكافحة الظاهرة الارهابية حيث انطلقت من مقاربة شاملة متعددة المحاور تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والتعليمية، وأيضا التنموية، وأنه على الرغم من تنوع اطار المقاربة المصرية لمكافحة الارهاب، الا أنها أولت اهتماما كبيرا للقضاء على مسببات الارهاب عبر تدشين نسق للتنمية الشاملة، حيث تنوعت المشاريع القومية التى أطلقتها الدولة المصرية مستهدفة تطوير قطاعات متعددة، وفى ضوء تلك المشروعات تبرز أهمية مشروع "حياة كريمة" الذى وافقت منظمة الأمم المتحدة على ادراجه ضمن سجل منصة "الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة" التابع لها، ويمكن القول أنه مشروع قومى تنموى غير مسبوق لا يهدف الى تحسين حياة المواطنين فقط بل تنصرف نتائجه الى اتخاذ خطوات استباقية لمكافحة الظاهرة الارهابية من خلال فلسفة مكافحته عن طريق القضاء على الفقر والجهل.

    الدراسة فسرت ان مشروع تطوير القرى المصرية قائم على شمولية التدخل متعدد الأبعاد متكامل الملامح بهدف الاستثمار فى الانسان المصرى، فهو المستفيد الأول من التنمية، وهو المحرك لها فى آن واحد، وبالتالى تنعكس مخرجات هذا المشروع على مكافحة الظاهرة الارهابية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وفى ضوء تلك المعطيات فانه يمكن القول أن مشروع "حياة كريمة" كمشروع ضمن حزمة مشروعات تنموية مجتمعية عملاقة يقدم نموذجا يحتذى به لمكافحة الارهاب.

    ان ما قدمته الدولة المصرية فى السنوات الأخيرة من استراتيجية تنموية طموحة هو حلقة من حلقات العمل الدؤوب والمستمر لنقل مصر تلك النقلة النوعية التى تؤمن لمصر التقدم والازدهار وتضمن لها ولشعبها الأمن والاستقرار.

    لقد حملت مصر وشعبها شعار "سنحاربهم بالتنمية".



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن