تنمية المهارات الرقمية ومخاطر عدم المساواة الرقمية المجتمعية

  •  

    بقلم : دكتور هشام الشيشيني

        خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

    [email protected]

     

     

    أظهر تقرير منتدى الاقتصاد العالمي World Economic Forum  عن المخاطر العالمية لعام 2021   The Global Risks Report 2021 ، أن من بين أعلى عشر مخاطر في العالم  سنة 2021 من ناحية احتمالية حدوث، ثلاث مخاطر متعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهي:

    -         تعملق القوى الرقمية العالمية وتركزها في عدد قليل من الؤسسات العالمية.

    -         عدم المساواة الرقمية بين الدول.

    -         الفشل في الأمن السيبراني.

    ونحن في هذا المقال نستعرض ونحلل المخاطر والتداعيات المحتملة التاتجة عن اتساع الفجوة الرقمية والانقسام المجتمعي الذي قد ينجم عنها،  والذي سيؤدي حتما لعدم المساواة الرقمية مع بعض الدول، كما نوضح ضرورة إعداد استراتيجية تنمية مهارات رقمية متوازنة لارتباطها الوثيق بالتحول الرقمي في اامجتمع.

    حتى يتم التحول الرقمي بصورة متوازنة ونتفادى عدم المساواة الرقمية في مجتمعنا، يجب لاستراتيجية تنمية المهارات الرقمية أن تتعرف على الفئات المستهدفة بالتحول الرقمي وما هي المهارات الرقمية اللازمة لكل فئة وتحدد ماهي الفئات الشبه مستبعدة من التحول الرقمي، وما هي الحواجز سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو جغرافية أو ثقافية التي تحول بين هذه الفئات وبين الاستفادة من التحول الرقمي، وما هي المهارات الرقمية التي تحتاجها لتصبح على قدم المساواة من حيث الوصول والتمتع بالخدمات المهمة الرقمية المتعلقة بالصحة والحكومة الإلكترونية والارشاد الزراعي والنقل الذكي.. الخ   بالإضافة إلى النفاذ الآمن إلى الإخبار والمعلومات والتواصل مع أفراد الأسرة والاصدقاء.

    وينبغي لأي استراتيجية للمهارات الرقمية أن تشمل وتحدد مستويات المهارات الرقمية الاساسية والمتوسطة والمتقدمة المناسبة لكل فئة من فئات المجتمع، وقد قامت بعض منظمات الامم المتحدة باعداد العديد من التقارير تحتوي على الكثير من التوجيهات في هذا المجال.

    يجب ادماج كل فئات المجتمع في التحول الرقمي وعدم اهمال فئات المسنين والعمالة غير المنتظمة والنساء غير العاملات والمتسربين من التعليم، فمعظم برامج التدريب على المهارات الرقمية ليست مصممة لتلبية احتياجات هذه الفئات في مصر، فبرامج التدريب على المهارات الرقمية في مصر موجهة نحو التدريب المتوسط والمتقدم وهو شيء جيد ولكن يجب ايضا الالتفات للتدريب الأساسي، وبالنظر لمبادرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثل منصة مصر الرقمية، نجد انها تستهدف الوصول لعشرات الملايين من الشعب المصري البسطاء  لتسهيل الخدمات الحكومية، ومبادرة بطاقة الحيازة الزراعية الالكترونية تستهدف الملايين من المزارعين البسطاء لصرف المستلزمات الزراعية، وبطاقات التموين المميكنة تصدر لأكثر من سبعين مليون مواطن بسيط وتفتح الحسابت البنكية للعمالة غير االمنتظمة ويتم الاتصال بهم لصرف المساعدات المالية من هذه  الحسابات عن طريق رسائل نصية علي الهواتف الجوالة..الخ. لذلك فمن الضروري تدريب اعداد غفيرة من المواطنين البسطاءعلى بعض المهارات الرقمية الأساسية مثل ملء واستكمال الاستمارات الحكومية رقميا وكيفية الحصول على الخدمات الحكومية الرقمية فليس هناك من مهمة معيشية لا تتطلب مستوى اساسي من المهارات الرقمية، والا ستظل المبادرات الرقمية لا تصل لغالبية الشعب وسينشأ عن ّذلك عدم المساواة الرقمية بين المواطنين التي قد تؤدي لظهور طبقية جديدة هي الطبقية الرقمية والتهميش الرقمي لاعداد كبيرة من المواطنين والتي تحذر منطمات الامم المتحدة منها.

    وقد تكون هناك مراكز خدمات حكومية لمعاونة المواطنين البسطاء على التعامل والاستفادة من الخدمات الحكومية الرقمية ولكن مهما كان عددها لا يمكن أن تغطي احتياجات الملايين من المواطنين البسطاء وستفتح المجال للطوابير مرة اخرى بدلا من القضاء عليها، كما أن وجود وسيط بين طالب الخدمة ومقدم الخدمة سيؤدي حتما الي الفساد من بعض ضعاف النفوس مما يلغي الغرض الاساسي من استعمال الخدمات الحكومية الرقمية.

    لذلك فمن االمناسب أن تعمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الاشتراك مع اصحاب المصلحة مثل الجمعيات الزراعية وأرباب الاعمال ووزارة التموين ووزارة القوى العاملة وغيرهم في اعداد برامج لتنمية المهارات الرقمية الاساسية للمواطنين البسطاء بالتعاون مع المجتمع المدني، واستخدام مراكز الشباب والمكتبات العامة كاماكن لاجراء هذا التدريب بها على مستوى كل المحافظات مثلما فعلت دول مثل كينيا أو عن طريق مراكز رقمية في المناطق الريفية والنائية مثلما فعلت بنجلاديش.

    هذه البرامج الاساسية لتنمية المهارات الرقمية قد تفتح الفرصة للنابهين من المواطنين البسطاء للانتفال من البرامج الاساسية للبرامج المتوسطة وربما المتفدمة لبعضهم وبذلك نفتح الفرصة للتصعيد والحراك الاجتماعي الرقمي قد يؤهل العديد منهم للاقتصاد الرقمي.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن