المتميزون كيف تتخلص من الخوف .." لا تخف أن تخاف" 5 -6 "

  •  

    بقلم : د . ياسر بهاء

     

    تأكدنا في المقالات السابقة من أن الخوف والشجاعة لهما دور محوري في تحقيق ما نصبوا إليه من أهداف وتحدثنا في المقال السابق عن الشجاعة وأهميتها واختتمنا المقال بأن الخوف ليس شيئاً قميئاً إذا ما أحسنا التعامل معه وعلينا أن نعلم أن الخوف شيء ذو قيمة. ربما هذه هي أول مرة التي تقرأ فيها هذا الكلام. اعلم أن هذا يبدو جنونيًا. لكن دعني أوضح لك فبالإضافة إلى أن الخوف يمنعنا من الاقتراب من الثعابين السامة، لكن كيف يمكن أن يكون الخوف أمراً ذا قيمة؟

     

    يساعدنا الخوف لأنه يظهر لنا مواطن ضعفنا. فالتطوير الذاتي لن يحدث بمجرد اتخاذك لقرار أو خطوة واحدة. فأنت لا تقرر ببساطة أنك تريد شيئاً ما وفجأة تعثر عليه بسهولة. فمن أجل أن تحصل على ما تريد، وأن تصبح الشخص الذي تريده وأن تحقق أهدافك هي عملية متكاملة تتكون من عدة مراحل. وتلك العملية تتطلب الصبر والقدرة على التغلب على مخاوفك حتى تصل للمرحلة التالية.

     

    فكل مرحلة من مراحل تطورك ستأتي مصحوبة بالمخاوف التي تناسبها. فما أن تبدأ في الشعور بالأريحية وأنك أصبحت متمرساً، سيبدأ شيء جديد في الظهور ليخيفك. أنصت لهذا الخوف الجديد فهو فرصة لأن تنضج.

     

    تذكر أنه لكي تصبح راشداً لم يكن ذلك أمراً مريحاً. عُد بتفكيرك إلى الوراء إلى مرحلة البلوغ. عندما ازداد طولك سريعًا، وظهر لديك حب الشباب وصوتك تغير، كأن شيئًا مريعًا. ولكن دون البلوغ لما أصبحت راشداً. فقد كانت مرحلة البلوغ عملية مزعجة ومحرجة ومخيفة ولكنها أدت إلى تطور نسخة منك أكثر كمالاً.

     

    كما عليك الانتباه إلى مواطن خوفك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتطوير الذاتي. فهذه المخاوف ستساعدك في الكشف عن نقاط ضعفك. فما أن تتعرف على نقاط ضعفك فستبدأ بالعمل عليها. وبإمكانك تقوية مواطن الضعف تلك وأن تصنع نسخة أفضل منك.

     

    إليك هذا المثال الذي سيوضح المخاوف المختلفة التي قد تظهر أثناء تطويرك لذاتك، فعندما أقوم بسرد قصة "مروة" سيمكنك رؤية أين تكمن المخاوف المختلفة التي قد تشعر بها، وكيف أن تلك المخاوف في حد ذاتها ستساعدها في معرفة الخطوات التالية التي عليها أن تخطوها.

     

    تعاني مروة من زيادة الوزن. وهي تعلم أن عليها أن تخسر وزنها الزائد من أجل كل من صحتها وتقديرها لذاتها. كانت رشيقة فيما سبق، ثم مر عليها وقت لم تهتم فيه بمظهرها. فقررت أنه قد حان الوقت لتتغير، وعقدت العزم على أنها ستبدأ تمارس التمارين وتأكل طعاما صحيا.

     

    كان أول هاجس لمروة هو المال. كانت قلقة من أن تقوم بصرف الكثير من الأموال على الطعام الصحي ثم لا تأكله وبهذا تكون قد أهدرت مالها وطعامها. ولكنها قررت أن تخاطر وقامت بشراء طعام صحي.

     

    الآن عليها أن تقوم بطهيه. المشكلة أنها معتادة على أن تأكل في المطاعم وهي لا تجيد الطبخ. شعرت بالقلق من فكرة ألا تستطيع أن تقوم بطهوه جيداً، فلا تستطيع وقتها أن تأكله. لكنها قررت أن تبحث عن بعض الوصفات الصحية وأن تقوم باتباعها قدر ما تستطيع. لم يكن مذاق الطعام ممتازا ولكنه كان شهياً بدرجة كافية لتتناوله. ومع الوقت صارت أفضل في الطهي.

     

    أصبحت الخطوة الثانية هي الذهاب للصالة الرياضية. ولكنها مرتعبة فهي تعلم أن الأمر سيكون صعباً وكانت خائفة من اكتشاف إلى أي مدى قد فقدت لياقتها. وكانت خائفة أيضاً من أن يقوم الناس بالحكم عليها وأن يروها وهي تعاني أثناء ممارستها التمارين الرياضية على الملأ.

     

    لكنها بالنهاية ذهبت للصالة الرياضية وأخذت جولة هناك. رأت الجميع يتمرنون بعنف وذلك أمر ألقى الرهبة في قلبها. فقامت بإخبار مسئول الصالة الرياضية عما تشعر به، فأخبرها أن هناك ـ دائماً ـ أشخاصا مبتدئون يأتون للتمرين وسيكون كل شيء على ما يرام.

     

    قامت مروة باستجماع شجاعتها لتذهب للصالة الرياضية وتقوم بأول تمرين لها. لم يكن أمراً سهلاً ولكنها واصلت حتى النهاية. وقد لاحظت أنه لم يقم أحد بالحكم عليها بل لم ينظر أحد تجاهها أصلاً. وعندما انتهت من التمرين عادت لمنزلها وطهت وجبة صحية.

     

    كان هاجسها التالي أن كل هذا الجهد يضيع هباءً فقد كانت خائفة من أن تبذل كل هذا المجهود ثم لا ينتهي الأمر بخسارة وزنها. ولكنها قررت الاستمرار على أية حال.

    بعد أسبوعين قامت بقياس وزنها ووجدت أنها قد فقدت خمسة أرطال. هي ما زالت تسير على الطريق وهي تشعر شعوراً رائعاً.

     

    سنتحدث في المقال السادس والأخير عن الدروس المستفادة من قصة مروة وكيف نتصالح مع الخوف في مقال بعنوان "الخوف عدو أم صديق".

     

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن