- فجر جديد للصناعة النظيفة مع أكثر من ألف مشروع قيد التطوير في مختلف أنحاء العالم لتسريع توسع القطاع على المدى القريب
- نمو واضح في العام الحالي في عدد المشاريع الممولة: 19 مصنعاً تحظى بالتمويل، من بينها 12 في الصين
- أدلة جديدة تثبت تقدم أسواق الكيماويات والوقود النظيف بسرعة مدفوعة بالسياسات الراهنة والمتوقعة
كتب : وائل الجعفري
كشفا " مسرع الانتقال الصناعي " و" ائتلاف المهمة الممكنة " عن دخول الصناعة النظيفة مرحلة جديدة من الزخم العالمي، بعد تجاوز عدد المشاريع التجارية المدرجة في مختلف مراحل التطوير حاجز الألف مشروع (1001 مشروع). وجاء هذا النمو القوي رغم التحديات الجيوسياسية المستمرة، مما يعكس تسارع التحول الصناعي في مناطق وقطاعات متعددة.
وكشفت بيانات جديدة صادرة عن أداة تتبع المشاريع العالمية التابعة لائتلاف المهمة الممكنة، والمدعومة من مسرع الانتقال الصناعي عن وصول 144 مشروعاً على نطاق تجاري إلى القرار الاستثماري النهائي، بينها 82 مشروعاً دخل التشغيل فعلياً و62 مشروعاً حصل على التمويل اللازم، موزعة على قطاعات صناعية عالية الاستهلاك للطاقة تشمل الألمنيوم والإسمنت والكيماويات ووقود الطيران والشحن والصلب.
فرص عالمية واسعة النطاق
أظهرت بيانات الأداة انتشار مشاريع صناعية نظيفة قيد التشغيل أو التطوير في 70 دولة تمثل فرصاً استثمارية تقارب قيمتها تريليوني دولار.
ويبرز ما يُعرف بالحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة الممتد عبر أمريكا اللاتينية وأستراليا وأفريقيا وآسيا والغني بمصادر الطاقة المتجددة كمحور رئيسي لهذه الفرص، حيث باتت الهند تمتلك ثالث أكبر محفظة مشاريع نظيفة في العالم تليها البرازيل.
ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة تحولاً لافتاً، إذ حددت 70 مشروعاً خارج الصين جاهزة للتمويل بقيمة إجمالية تبلغ 140 مليار دولار، يقع أكثر من ثلثها في الاقتصادات الناشئة من البرازيل إلى ناميبيا، مما يمهد الطريق أمام مكاسب ملموسة في النمو المستدام وتعزيز مرونة سلاسل الإمداد وتوفير فرص عمل جديدة.
وأوضحت البيانات أن تحقيق هذا الزخم الاستثماري يتطلب سياسات أقوى لتحفيز الطلب، بينما يواصل مسرع الانتقال الصناعي العمل مع شركائه في مختلف مراحل سلسلة القيمة لاختبار نماذج جديدة ودعم مطوري المشاريع وتحسين بيئة الاستثمار لتمكين المزيد من المشاريع من بلوغ القرار الاستثماري النهائي.
وفي البرازيل استثمرت شركة Acelen Renewables الأراضي المتدهورة وغير الحرجية لتشييد أول مشروع واسع النطاق لتحويل نبتة ماكايوبا إلى وقود طائرات للأسواق العالمية، مما وفر فرصاً جديدة للمجتمعات المحلية. كما تنفذ شركة Hydro Alunorte، أكبر مصفاة ألومينا خارج الصين، خطة متعددة المراحل لدمج الكهرباء والطاقة الحيوية دون الإخلال بقدرتها على المنافسة في السوق.
وفي الهند، أسهم تطوير 47 مشروعاً جديداً في تعزيز أمن الطاقة وجذب الاستثمارات الخارجية وتوفير فرص عمل نوعية، مما عزز قدرة الدولة على مقاومة الصدمات الخارجية.
الصين تتصدر المشهد العالمي
تواصل الصين تسريع وتيرة إنجازاتها لتثبيت موقعها الريادي، إذ وصلت 12 من مشاريعها إلى القرار الاستثماري النهائي خلال عام واحد ليرتفع إجمالي مشاريعها إلى 54 متجاوزة بذلك أي منطقة أخرى في العالم.
ويعكس هذا التقدم التوسع السريع في مشروعات الطاقة المتجددة وتطبيق سياسات صناعية نشطة. وتغطي معظم هذه المشاريع قطاعات الميثانول والأمونيا والطيران لتلبية الطلب المحلي والعالمي على الوقود النظيف، رغم أن الإمدادات الحالية لا تزال تغطي جزءاً بسيطاً من الاحتياجات العالمية.
وفي جنوب غرب الصين، بدأ تشغيل أول خط إنتاج لمجمع الألمنيوم التابع لمجموعة China Hongqiao Group في يوليو الماضي، معتمداً على 4 غيغاواط من الطاقة الشمسية، ومن المتوقع أن يوازي إنتاج الألمنيوم في أمريكا الشمالية بحلول عام 2026. كما دخل أول مصنع تجاري للأمونيا الخضراء في العالم مرحلة التشغيل ضمن مجمع الهيدروجين الأخضر التابع لشركة Envision Energy في مدينة تشيفنغ الصينية.
مسارات واضحة نحو نمو أقوى وأنظف
يتسارع نمو أسواق الوقود النظيف على نحو غير مسبوق. ففي قطاع الطيران، دخلت لائحة الاتحاد الأوروبي لوقود الطيران المستدام حيز التنفيذ هذا العام، بينما توسعت المعايير الوطنية في آسيا والمملكة المتحدة لتغذية الطلب العالمي.
وفي قطاع الشحن، حفز هدف المنظمة البحرية الدولية، المتمثل في الوصول إلى 5% من الوقود النظيف بحلول عام 2030 سلسلة من مشاريع الأمونيا والميثانول من سنغافورة إلى البرازيل ويتوقع أن تتسارع وتيرة تنفيذها بعد إقرار الإطار النهائي للحياد المناخي.
واكتسبت صناعتا الأمونيا والميثانول أهمية متزايدة لكونهما الأساس في خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين النظيف. ومع تراجع الأسعار، من المتوقع أن تصبح الأسمدة النظيفة أقل كلفة من التقليدية، مما يشكل تحولاً جوهرياً لأمن الغذاء والطاقة في دول مثل الهند والبرازيل، ويمهد في الوقت نفسه لاقتصاد هيدروجين نظيف يدعم التنافسية الصناعية العالمية. ورغم أن السياسات الحالية والمرتقبة تدعم الطلب في قطاع الوقود، إلا أن تأثيرها لا يزال محدوداً في قطاعات أخرى.
وفي مجال الإسمنت، ما تزال إزالة الكربون تحدياً تقنياً، غير أن حلولاً ميسورة التكلفة مثل الطين المحمص خفضت الانبعاثات بنسبة تصل إلى 70% وبكلفة أقل من التقنيات التقليدية. ويسهم خفض الاعتماد على استيراد الكلنكر وتخفيض تكاليف البناء في تعزيز مرونة الاقتصادات الناشئة وتسريع وتيرة التنمية المستدامة. وتشير شركات إنشاءات رائدة، مثل Ecocem وVicat وCBI إلى زيادة الطلب من قطاع البناء في أوروبا وشمال أفريقيا.
وقالت فوستين ديلاسال، الرئيس التنفيذي لائتلاف المهمة الممكنة والمديرة التنفيذية لمسرع الانتقال الصناعي:"أثمر عقد من العمل المتواصل عن هذه المرحلة المفصلية، حيث يساهم هذا العدد القياسي من المصانع قيد التشغيل والإنشاء في مختلف القطاعات، في تحويل الصناعة النظيفة من حلم مستقبلي إلى فرصة حقيقية يمكن تسريعها اليوم. ومن خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص تمتلك الحكومات والمستثمرون الآن فرصة لتجسيد هذه الخطط في مصانع تشكل، في مجموعها، نواة الاقتصاد الصناعي النظيف القادم. ستحصد الجهات التي تتمتع ببصيرة استراتيجية والتزام حقيقي تجاه التحول الصناعي فوائده العديدة".
السياسات تحدد الجهات المستفيدة من الفرص
أثبتت الأدلة أن الصناعة النظيفة مجدية اقتصادياً، إلا أن تسريع التمويل يعتمد على سياسات وضع أكثر وضوحاً لدعم الطلب. فالحكومات التي تخلق إشارات طلب مستقرة للمواد والكيماويات والوقود النظيف ستطلق موجة المشاريع التالية وتضمن مستقبلها الصناعي.
وأظهر عمل مسرع الانتقال الصناعي في أوروبا، في مجال سياسات تحفيز الطلب، أن بناء أسواق رائدة للمواد والوقود النظيف يمكن أن يعيد تنشيط الصناعات المتباطئة في الاتحاد الأوروبي، الذي يضم أكثر من 100 مليار يورو من الاستثمارات المحتملة. كما تعزز هذه السياسات مرونة سلاسل الإمداد وأمن الطاقة مع تأثير محدود على تكلفة السلع النهائية مقارنة بتقلبات أسعار الوقود الأحفوري
مسرع الانتقال الصناعي يقود التعاون العالمي نحو التغيير
تم إطلاق مسرع الانتقال الصناعي خلال مؤتمر الأطراف COP28 في دبي بمشاركة رئاسة المؤتمر ومؤسسة بلومبرغ للأعمال الخيرية والأمم المتحدة لتغير المناخ بهدف تسريع خفض الانبعاثات في قطاعات الصناعة والنقل كثيفة الانبعاثات وتحفيز الاستثمارات في المشاريع المتوافقة مع اتفاقية باريس. وتجمع المبادرة شركاء من الحكومات والقطاع المالي والمجتمع المدني ومطوري المشاريع في البرازيل والإمارات والبحرين ومصر، كما تم اليوم عن إعلان انضمام الهند إلى هذه القائمة.
الاستثمار يمهد الطريق لبناء صناعة نظيفة اليوم
أظهرت أداة تتبع المشاريع العالمية بوضوح أن التحول نحو الصناعة النظيفة أصبح واقعاً قائماً، مع محفظة مشاريع متكاملة جاهزة للاستثمار.
ومن خلال حملة "بناءالصناعة النظيفة الآن" يعمل ائتلاف المهمة الممكنة ومسرع الانتقال الصناعي وشركاؤهما مع الحكومات والمستثمرين والقطاع الصناعي لتسريع تمويل وتنفيذ المشاريع الأكثر تقدماً عاماً بعد عام بما يدعم الازدهار والاستدامة والمرونة في جميع أنحاء العالم.








