بقلم : محمد عصام المدير التنفيذي لشركة ماستر كاد مصر ولبنان والعراق
في ظل التسارع الكبير للاقتصاد الرقمي، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في إعادة تشكيل الأنظمة المالية وتوسيع نطاقها وتعزيز أمنها. وتشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم بأكثر من 15 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030. وبالتالي، فإن الدول التي تدمج هذه التكنولوجيا في بنيتها التحتية الرقمية من المتوقع أن تحقق نمواً ملحوظاً في الناتج المحلي الإجمالي قد يصل إلى 25%.
في ماستركارد، نؤمن أن الذكاء الاصطناعي ركيزة استراتيجية تقود الابتكار وتعزز مرونة عملياتنا وتدعم نمونا الشامل. وسواء كان الهدف حماية مليارات المعاملات اليومية أو توسيع الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية، فإننا ندمج الذكاء الاصطناعي في جميع عملياتنا بسهولة لتقديم تجارب أكثر ذكاءً وأمانًا وتخصيصا للأفراد حول العالم.
وفي خطوة تعكس التزامنا برفع قدراتنا في هذا المجال وتحقيق أفضل منفعة للمجتمعات، أنشأنا مركز الذكاء الاصطناعي المتقدم والتكنولوجيا السيبرانية في دبي، بالتعاون مع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في دولة الإمارات. يُعد هذا الإنجاز علامة فارقة في التزامنا بتطوير ابتكارات الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، ودفع عجلة التقدم الرقمي في المنطقة.
التطور المدعوم بالذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني
في ظل تزايد الاعتماد على الحياة الرقمية، تتصاعد معها التحديات المرتبطة بالتهديدات الإلكترونية. وتُظهر تقديرات Juniper Research أن خسائر الاحتيال في المدفوعات الرقمية قد تتجاوز 91 مليار دولار بحلول عام 2028، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى تعزيز إجراءات الأمن الرقمي بشكل فعال.
نعتبر، في ماستركارد، الأمن السيبراني ركيزة أساسية في مهمتنا، حيث نعتمد على الذكاء الاصطناعي المتطور، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لحماية أكثر من 143 مليار معاملة سنويًا. وتتيح أنظمتنا المدعومة بالذكاء الاصطناعي اكتشاف الاحتيال والرد عليه في الوقت الفعلي؛ مما يُضاعف سرعة تحديد البطاقات المعرضة للاختراق. وهذا يمنح المؤسسات المالية القدرة على اتخاذ إجراءات فورية لوقف العمليات الاحتيالية قبل أن تؤثر على المستهلكين والشركات. كما تعزز ماستركارد التزامها بالدفاع الاستباقي من خلال استثمارات استراتيجية، مثل دمج قدرات شركRiskRecon ، لدعم قدرتنا على إجراء تقييمات آلية للمخاطر وتحليلات بيانات للكشف عن التهديدات المحتملة ومعالجتها.
تعزيز الوصول الذكي والتميز التشغيلي
يعد الذكاء الاصطناعي في ماستركارد، إلى جانب دوره الحيوي في تعزيز الأمن، محركاً أساسياً لتوسيع نطاق الوصول وتحسين العمليات على مستوى العالم. من خلال تحليل كميات هائلة من التفاعلات الرقمية والأنماط السلوكية، تولّد أنظمتنا الذكية رؤى عميقة تساعد في تصميم حلول مخصصة تلبي احتياجات الأفراد. يتيح لنا هذا النهج المعتمد على البيانات الوصول إلى الأفراد والشركات الصغيرة الذين يعانون من نقص الخدمات في الأنظمة المالية التقليدية، مما يسهم في بناء اقتصاد رقمي أكثر شمولاً وعدالة.
ومع استمرار تطور قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة، نُكرّس جهودنا لنشر هذه التقنيات بمسؤولية. وهذا يعني الاستثمار المستمر في أطر حوكمة فعّالة، ورعاية المواهب المتخصصة، وبناء بنية تحتية آمنة، مما يضمن أن يظل الذكاء الاصطناعي أخلاقيًا وواضحا ومُصممًا لمستقبل رقمي موثوق.
رؤيتنا: التكنولوجيا في خدمة الناس
تنبع رؤية ماستركارد من إيمانها الراسخ بالاستفادة من التكنولوجيا كقوة دافعة للخير من أجل بناء مستقبل مالي أكثر شمولاً وابتكاراً، يستجيب لاحتياجات المجتمع المتطورة. ونسعى إلى دمج أنظمة الدفع التقليدية بسلاسة مع أحدث التقنيات مثل: الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتحليلات البيانات، وكذلك الهوية الرقمية. يتيح لنا هذا النهج بناء حلول شاملة تخدم مجموعة واسعة من القطاعات من المدفوعات التجارية، والتجارة عبر الحدود إلى التنقل الحضري.
في النهاية، لا تقتصر الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي على قدراته المذهلة فقط، بل تشمل سبل توظيفها والاستفادة منها. نلتزم، في ماستركارد، باستخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، لنرسم مستقبلاً أكثر شمولاً وابتكاراً، وقبل كل شيء، أكثر ثقةً للجميع في كل مكان.