بين الانكسار والانتصار

  •  

    بقلم: ايمن صلاح

    تحتفل مصر هذه الأيام بالذكرى الثامنة لثورة الثلاثين من يونيو الخالدة التى غيرت وبلا أدنى مبالغة وجه التاريخ على أرض مصر، وربما كثر الحديث عن أسباب ونتائج تلك الثورة العظيمة حتى أصبحت تلك الأسباب والنتائج معلومة وملموسة للجميع سواء داخل مصر أو خارجها، ولكن الشىء اللافت للنظر هو تشابه الأحداث والتحديات التى تجرى على أرض مصر فى عصرها الحديث ودائما ما تخرج مصر من هذه الأحداث والتحديات منتصرة مرفوعة الرأس بل ويكون هذا الانتصار الذى يعقب أى انكسار هو انتصار تاريخى ملهم للعالم كله، وربما يحضرنى الآن حدث تاريخى أراه متشابها تماما لما حدث فى الثلاثين من يونيو 2013 مع اختلاف أبطال الحدث واختلاف العدو فى كلا الحدثين وان تشابهت أهدافه المتمثلة فى كسر شوكة مصر واضعافها والنيل من ريادتها الاقليمية وتأثيرها العالمى ألا وهو انتصار أكتوبر 1973 الذى أعاد لمصر أرضها وكرامتها، وقد يسأل سائل "وما هو وجه التشابه فى حرب خاضها الجيش المصرى ضد العدو الصهيونى لاستعادة حقوق مصر المشروعة مع أحداث ثورة داخلية قام بها الشعب المصرى لازاحة جماعة الاخوان عن حكم مصر!."

    واقع الأمر يقول أنه بعد أحداث هزيمة يونيو 1967 لم يكن التحدى يسيرا بل كانت جميع النتائج تؤدى الى انهيار معنويات الشعب والجيش المصرى والاستسلام للهزيمة، ولكن الأمر الذى أذهل العالم فيما بعد بسنوات بانتصار أكتوبر المجيد هو صمود الشعب ومساندته للجيش وتحدى كل الصعاب للوصول للانتصار الذى أصبح انتصارا عسكريا تاريخيا عالميا يتم تدريسه حتى وقتنا هذا فى المعاهد العسكرية المتخصصة فى العالم، وهنا نجد التشابه التاريخى الكبير لأحداث انتصار أكتوبر 1973 مع أحداث الثلاثين من يونيو 2013 التى تلت مرحلة صعبة من تاريخ مصر الحديث حيث الفوضى وغياب الأمن والانهيار الاقتصادى ووصول عصابة الاخوان الى الحكم والسلطة فى مصر، ولكن دائما ما يبرز فى مثل هذه التحديات معدن الشعب المصرى الأصيل الذى أبى الا ان يحفظ هويته وينتصر لوطنه فهب كالمارد فى ثورة رآها العالم أجمع أكبر ثورة شعبية فى تاريخ البشرية سانده فيها جيش مصر الباسل ليثبت الشعب والجيش ذلك الارتباط الوثيق والأزلى بينهما عبر التاريخ. ان كلا الحدثين التاريخيين ليسا الا انتصار بعد انكسار.

    أما عن العدو فى كلا الحدثين التاريخيين فقد يبدو لقارىء المشهد أنهما مختلفان، فالأول هو جيش اسرائيل يسانده قوى امبريالية عالمية، وفى الثانى هو جماعة متآمرة تدعى الاسلام يساندها قوى عالمية واقليمية طامعة فى السيطرة والاستحواذ .... أما واقع الأمر فيؤكد أن العدو فى كلتا الحالتين وان كان أحدهما خارجى والآخر داخلى الا أنهما يحملان نفس المنهج الصهيونى والأهداف التآمرية على مصر. 

    لقد حققت مصر بعد انكسار يونيو 1967 انتصارا عسكريا تاريخيا مشهودا فى أكتوبر 1973، وحققت مصر بعد انكسار كبير وفوضى عارمة أعقبت أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 انتصارا شعبيا مدويا يشهد له العالم أجمع فى الثلاثين من يونيو 2013.

    ما أجمل الانتصار بعد الانكسار .... وكل عام وشعب مصر فى خير وازدهار .... وكل عام وجيش مصر فى كبرياء وانتصار.

     

    تحيا مصر .......................... 



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن