(فَرْق قدرات) .. عادة تطوير الذات " 2 "

  • §       بقلم : ياسر بهاء

    استكمالاً للمقال السابق في سلسلة مقالات "فرق قدرات" علينا أن ندرك أن واحدة من أهم الاشياء في سبيل التقدم والنجاح بشكل فعال وكفء، هو أننا تحتاج إلى خلق عادات جيدة. فالعادة هي قيود ألزمنا أنفسنا بها بشكل غير مباشر مع الاستمرار في نفس الفعل لمدة طويلة ولكن هذه القيود قد تكون سجنا لمن كانت عاداته عائقا ذهنيا وجسديا وشعوري أمام ما يمكن أن يصل إليه وقد تكون نهجا ودليلا وقائدا لمن أدرك أهميتها وأحسن اختيارها ومراجعتها وتطويرها بشكل مستمر.

    بعض العادات ستساعدك على التطور والنمو وبعضها الآخر سيساعدك على المحافظة والاستمرار، وأخرى ستضعفك مع مرور الوقت. أريدك أن تأخذ نظرة على تلك الأنواع بموضوعية وتحاول معرفة أي نوع من تلك العادات تمتلك.

    ربما ستبقى بعض من عادتك قيد المعالجة. حسناً لا بأس  في ذلك. على سبيل المثال، فمن المحتمل أن عاداتك في الاستحمام أو تنظيف الأسنان لن تتحسن كثيراً بشكل كامل.

    ولكن على جانب آخر، يمكن بناء وتغيير عادات أخرى، وذلك من خلال إضافة أو تعديل أو حذف بعض العناصر. 

    من أهم العادات المؤثرة التي يجب أن تكون على قمة الهرم هوما يتعلق بعادات تنمية الذات، بالضبط تماماً مثل عادة تفريش أسنانك أو الاستحمام.  تطوير الذات يعني أن تمارس الأفعال التي تساعد على تنمية مهاراتك في مختلف مجالات الحياة بشكل مستمر وكاف، حيث تصل إلى مرحلة عندما تتكاسل عن القيام بتلك الأفعال، تشعر وكأنك تفتقد إلى شيء ما.

    وبالرغم من ذلك علينا أن نؤمن أن هناك ظروفا قد تطرأ تجعل الالتزام بعادة معينة في يوم من الأيام صعب وبالتالي إذا شعرت أنك مضغوط فحاول أن تستقطع وقت من شيء آخر كنت ستفعله خلال يومك أو  اعمل على تطوير ذاتك من خلال نشاط آخر. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ستشاهد التلفاز لمدة ساعتين في اليوم فبدلاً من ذلك تستطيع أن تستقطع جزء من ذلك الوقت لتقضي به في العمل على التنمية الشخصية لمهاراتك. وأيضاً إذا كنت تستمع إلى الراديو خلال طريقك إلى العمل يمكنك استغلال ذلك والاستماع إلى الكتب الصوتية التي ستساعدك في تطويرك وتحسينك. بالإضافة إلى أنه يمكنك أن تستمع إلى صوت ملهم أو بث إذاعي لتطوير الذات تجعلك أكثر كفاءة فيما تحاول القيام بإنجازه فاستغلال تلك الأوقات بشكل فعال يعتبر من أهم الممارسات الإيجابية للتطوير الذاتي في وقت قد يكون ضائعا عند الكثير من الناس. وبالتالي، لا تتكاسل أو تتردد في أن تجعل تطوير  ذاتك عادةً لا تنوي تركها وتأكد بمرور الوقت أنها ستصبح جزءاً مهماً في حياتك.

    سأستعرض في هذا المقال والمقالات القادمة بعض العادات اليومية التي لها الأثر الكبير على تطوير الذات والتي لا تحتاج إلى مجهود أو مال من أجل القيام بها وذلك لتقليل فرص عدم الالتزام بتلك العادات، فاستعد للبدء في خطوات جدية من أجل الالتزام والنجاح المستدام.

    لنقرأ ثلاثين صفحة يومياً:

    عندما تتخذ القرار بالبدء في القراءة فاعلم أنك ستبدأ الدخول في عالم ممتع ورائع وستسعد به كثيراً وما أخبرك به هو عن تجربة، فقد اقطع وعد على نفسك الآن بأن تقرأ يومياً ثلاثين صفحة.

    إنني على علم بأن ثلاثين صفحة ليست بالشيء الهين، ولكن هذا ما نريده هو أن تخرج من  منطقة الراحة الخاصة بك. وأن تقوم بتطوير نفسك من خلال محاولة القيام بأشياء لا ترغب في العمل عليها.

    ولكن عندما أقول 30 صفحة يومياً لم أقصد أن تكون هذه من رواية رومانسية، بل من الأفضل لك أن تقرأ  ثلاثين صفحة من التطوير الذاتي أو ربما كتاب يعزز من احترامك لذاتك. وإن كنت على درجة كافية من الوعي والإدراك بأهمية تطويرك الذاتي فيمكنك من الآن البدء في قراءة ما يساعدك على بدء عملك الخاص أو البدء في كتابة أول كتاب لك أو تعلم لغة أو مهارة جديدة أو أي مجال سوف يساعدك في رحلتك لتصنع شخصاً أفضل مما كنت عليه بالأمس.

    لنقم بعملية حسابية بسيطة بإضافة ثلاثين صفحة إلى رصيدك اليومي، فهذا  يعني أنك قادر على أن تنهي كتاباً كاملاً في حوالي أسبوع أو أسبوع ونصف. وإذا كنت تقرأ بهذه السرعة فيعني أنك ستقرأ حوالي خمسين كتاباً في السنة، فبهذا المعدل مستحيل ألا تصبح خبيراً في أي شيء ترغب في تطوير نفسك به.

    على جانب آخر، يمكنك المزج بين مواضيع القراءة المختلفة. فمثلاً، يمكنك أن تتعلم حول كيفية أن تصبح متحدثا عاما بشكل أفضل  وفي أسبوع آخر تستطيع أن تتعلم كيف أن تصبح شريكا جيداً. فلا ضرر في ذلك، طالما أنك مستمر في تحسين شخصيتك والعمل نحو تحقيق أهدافك وأحلامك.

    سأقترح عليك اقتراحا - أو تحديا بمعنى آخر - وهو أن تقرأ 30 صفحة يومياً خلال الثلاثة أسابيع القادمة والتي هي عبارة عن 21 يوما، ولا تحاول أن تتهرب من أي يوم أو تخلق أية أعذار أومبررات . لربما لن تدرك ذلك في البداية، ولكن بعد ثلاثة أسابيع من القراءة اليومية، سيكون ذلك سهلا وطبيعي كتنظيف الأسنان. فعلى الإطلاق، لن تشعر أنه عمل روتيني فلا تقلق بشأن ذلك أبداً. ففي الوقت الحالي عليك أن تقرأ هذا العدد المحدد من الصفحات خلال يومك لمدة ثلاثة أسابيع، ثم تأمل وتدبر في ذلك.

    إنني أضمن لك أن قراءة ذلك العدد من الصفحات سوف يغير حياتك ويوسع مدى تفكيرك إلى ابعد ما يمكن. وستنمو لديك روح التفاؤل وستدفع نفسك دون تردد نحو العظمة.

    سنتحدث في المقال التالي عن كيفية التعامل مع منطقة الراحة الخاصة بك، فاستعد.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن