بوادر انتعاش وسط استمرار حالة عدم اليقين لأسواق رأس المال في دول الخليجي للنصف الثاني من 2020

كتب : محمد الخولي

على الرغم من الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، تمكنت أسواق رأس المال في دول مجلس التعاون الخليجي من الحفاظ على مستوى معقول من النشاط بفضل الدعم الحكومي القوي وتدابير تحفيز الاقتصاد الكبرى على مستوى العالم. وفي إطار الجهود العالمية لمواكبة "الأوضاع الجديدة" التي فرضتها الجائحة العالمية، استأنفت عمليات الطرح العام الأولى في دول مجلس التعاون الخليجي نشاطها، وإن كان بصورة محدودة. وفي المقابل شهد سوق الدين نشاطاً ملحوظاً ونتوقع أن يستمر نشاط سوق الدين في المستقبل القريب. 

أطلقت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذا العام مبادرات لتسهيل أنشطة أسواق المال والأوراق المالية في بورصتيهما:

1.  أطلقت السوق المالية السعودية "تداول" أول سوق مشتقات لها في الربع الثالث للوصول إلى مجموعة أوسع من المستثمرين المحليين والدوليين.

2.  وافقت هيئة السوق المالية في المملكة العربية السعودية على الإدراج المباشر لشركة الإسمنت الأبيض السعودي في السوق الموازية "نمو"، لتصبح "تداول" أول بورصة خليجية تسمح بالإدراج المباشر، والذي يسمح بإدراج الأسهم دون إجراء عمليات طرح، مما يُقلص الوقت والتكلفة والجهد بالنسبة للشركات التي تسعى للإدراج.

3.  أطلق سوق ناسداك دبي سوقاً للنمو يستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ويتميز هذا السوق باشتراطات أسهل  مقارنةً بالسوق الرئيسي، مما يوفر خيارات أكثر مرونة لزيادة رأس المال من خلال عمليات الطرح العام الأولي.

4.  وقع سوق ناسداك دبي أيضاً اتفاقية تعاون مع شركة تشونغ تاي فايننشال إنترناشيونال التي يقع مقرها في هونغ كونغ وشركة بكين تيان تاي للمحاماة في خطوة لتشجيع  الشركات الصينية على الإدراج في البورصة ودعمها في ذلك.

عمليات الطرح العام الأولي الإقليمية

شهدت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ 7 عمليات طرح عام أولي بقيمة إجمالية بلغت 1.6 مليار دولار. وحافظ سوق "تداول " على مكانته كأكثر أسواق الأسهم نشاطاً في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2020، حيث استحوذ على 86% من حصيلة الإيرادات الإجمالية و57% من عدد عمليات الإدراج. ومن ناحية أخرى، أدى الانخفاض في معدلات النمو الاقتصادي وتراجع أسعار النفط إلى زيادة نشاط سوق الدين بصورة كبيرة على مدار العام مع إصدار عدد من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ديوناً سيادية بمليارات الدولارات. وشهد سوق ناسداك دبي عمليات إدراج قياسية لصكوك وسندات بلغت قيمتها 18.4 مليار دولار أمريكي خلال العام.

عمليات الطرح العام الأولي العالمية

شهد النصف الثاني من عام 2020 زيادة ملحوظة في نشاط عمليات الطرح العام الأولي في العالم مقارنة بالنصف الأول من العام نفسه بواقع 1,009 عملية طرح عام أولي وحصيلة إيرادات بلغت 251.3 مليار دولار أمريكي في النصف الثاني من العام، مقارنةً بما مجموعه 406 عملية طرح عام أولي بقيمة 80 مليار دولار أمريكي النصف الأول من العام. وتعود الزيادة في عمليات الطرح العام الأولى جزئياً إلى عمليات الطرح العام الأولي لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (SPAC)التي بلغت حصيلة عمليات طرحها 38.2 مليار دولار أمريكي في الربع الأخير فقط من عام 2020. 

وكان قطاع الرعاية الصحية هو أكثر القطاعات نشاطاً في عام 2020 حيث شهد تنفيذ 911 معاملة بحصيلة 120.5 مليار دولار أمريكي. ومن المنتظر أن يؤدي طرح لقاحات فيروس كوفيد -19 في جميع أنحاء العالم إلى تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي في عام 2021. وسيتحقق هذا الانتعاش على خلفية استفادة أسواق المال من فترة ممتدة من الانخفاض في أسعار الفائدة وتراجع معدلات التضخم والحوافز الحكومية، ولا سيما في أوروبا والولايات المتحدة. ولكن يبقى موعد تحقق هذه الآثار الإيجابية المتوقعة على الاقتصادات وأرباح الشركات وأسواق رأس المال مرهوناً بمدى التقدم الذي تحرزه برامج اللقاح.

الصناديق السيادية الإقليمية

دفع انخفاض أسعار النفط أمناء الصناديق السيادية إلى ضخ أموال في الاقتصادات المحلية من خلال التمويل بالاقتراض، مما أسفر عنه تنفيذ 6 عمليات إصدار سيادية في النصف الثاني من العام من المملكة العربية السعودية وإمارة أبوظبي وإمارة دبي وإمارة الشارقة ومملكة البحرين وسلطنة عمان.

وشهدت هذه الفترة أيضاً بعض الإصدارات الضخمة للشركات، من بينها إصدار صكوك بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي من قبل موانئ دبي العالمية في يوليو 2020 وهو يمثل أكبر إدراج مؤسسي هجين مُقوّم بالدولار الأمريكي في الأسواق الناشئة، وأكبر طرح للصكوك الهجينة، وهو الإصدار الافتتاحي الدائم لموانئ دبي العالمية.

من جهته قال محمد البورنو، شريك ورئيس خدمات التدقيق لدى بي دبليو سي الشرق الأوسط "من المشجع أن نشهد عودة بعض النشاط لعمليات الطرح العام الأولي في دول مجلس التعاون الخليجي بعد بعد توقف مؤقت خلال الربع الثاني من العام. وفيما مضى جرت العادة على أن يكون الربع الثالث من كل عام هو الأكثر هدوءاً، غير إن الربع الثالث من عام 2020 قد استفاد من حالة التراجع وتراكم الأعمال خلال الربع الثاني من العام نتيجة تداعيات جائحة كوفيد-19 على العالم.

اكد أدى ذلك إلى تنفيذ 3 عمليات طرح عام أولي في دولتين من دول مجلس التعاون الخليجي، بحصيلة بلغت 325 مليون دولار أمريكي مقارنة بمبلغ 93 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث من عام 2019".

أضاف شهد الربع الأخير من عام 2020 عملية طرح عام أولي واحدة فقط في سوق تداول بحصيلة بلغت 585 مليون دولار أمريكي مقارنة بأربع عمليات طرح عام أولى بلغت حصيلتها 26 مليار دولار أمريكي في العديد من أسواق الأسهم الخليجية في الربع الأخير من عام 2019. وباستثناء الأثر المترتب على الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية، لا تزال عائدات عمليات الطرح العام الأولى في الربع الأخير من عام 2020 متماشية مع العام السابق".

للحصول على نسخة كاملة من التقرير يرجى زيارة الصفحة التفاعلية: www.pwc.com/me/capital-markets-watch