استثمار الحب

  • بقلم : إسلام محفوظ

     

    قد يتعجب البعض من هذه الجملة ، فالاستثمار معلوم أنه عمل ناتج عن فكر لتنمية الثروة سواء للشخص أو للمجتمع وحتى يتحقق الاستثمار لابد من تحويل الأفكار إلى أعمال ينتج عنها سلع وخدمات مفيدة للإنسان ، أما الحب فهو مشاعر ناتجة عن القلوب ، والاستثمار هذا العمل العقلي ممكن التحكم فيه أما الحب فليس للإنسان سيطرة على هذه العاطفة وهذا الشعور اللطيف ، والاستثمار غالبا ما يتعلق بالأمور الملموسة ذات الكيان المادي غالبا ،أما الحب فيتعلق بأمور محسوسة لا يمكن رؤيتها ، والاستثمار يقوم به الانسان غالبا بإرادته أما الحب فيولد فجأة في قلب الإنسان بدون تدخل منه أو إرادة ، والاستثمار غالبا يسبقه تفكير عميق ودراسات ثم يحتاج إلى بذل جهد كبير حتى تتحقق الغاية منه اما الحب فلا تفكير ولا دراسات وانما إما سعادة وتحقيق المطلوب وإما تعاسة لفوات نيل المحبوب ، فالإنسان في الاستثمار غالبا ما يضع احتمالات للخسارة وبالتالي يعرف دائما متى يتوقف عن إكمال استثماره ومتى يستمر في استثماره ، أما الحب فليس للإنسان إرادة في ذلك فقد يخسر ما يحبه ولكنه يظل يحبه فالحب غالبا ما يبقى رغم كل شئ عندما يكون صادقا .

    وعلى الرغم مابين الحب والاستثمار من اختلافات كبيرة إلا أنهما يشتركان في أمور منها أن كلاهما مرغوب ومحبوب ومطلوب من كل البشر ، فمن منا لا يحب الاستثمار وتنمية الثروة  ،ومن منا لا يرغب في أن يحب إنسان ما يكون مخلصا ووفيا له يجلس معه كأنما يجلس مع نفسه يبوح له بكل ما فى نفسه دون خجل ، يرتاح بين يديه طارحا عن أكتافه وذهنه كل هموم ومتاعب الحياة التي يعانيها ، وكما للاستثمار أنواع عديدة ومجالات مختلفة يتم توجيهه إليها فالحب كذلك أنواع فهناك الحب بين البشر وبعضهم البعض وهذا أيضا أنواع فهناك الحب الأسري والبعض يسميه الحب الطاهر ، ولكن الحب كله طاهر لأنه لو لم يكن مجرد وصادق ماكان حبا وإنما قد يكون رغبة أو مصلحة ، فالحب الأسري ما يكون بين الأبناء والآباء والأمهات والأخوة وجميع أفراد الأسرة وهو حب فطرى ، وهناك الحب العذري وهو ما يكون بين الرجل والمرأة وعندما يكون صادقا خالصا نرى قصصا من هذا الحب تفوق الخيال ،والحب لا يقتصر على العلاقات بين البشر ولكن هناك الحب للأماكن والحب لطلب العلم والحب للعمل في مجال معين دون غيره ، وكم ضحى اناس بأعمال كانوا يجنون منها الكثير من المال واشتغلوا بغيرها الأقل دخلا لحبهم وشغفهم بهذا العمل دون غيره .

     

    والسؤال المهم الآن ماهو استثمار الحب ؟ وكيف يتحقق هذا الاستثمار ؟

     

    ان اكثر الناس نجاحا هم اناس عملوا فى مجال يحبونه أو عملوا فى مجال رغما عنهم ثم أحبوه فحبك لمجال ما وعملك في هذا المجال سوف يجعلك تتحمل كل الصعوبات والتحديات التي تقابلك في هذا العمل ، بل سوف تجد في هذه الصعوبات متعة ، مثل العاشق الذي يعاني في حبه لمحبوبه ولكن يجد متعة وسعادة في هذه المعاناة تجعله يستمر في حبه وبعلاقته بمحبوبه فحبك لمجال ما هذا ثروة كبيرة عليك استثمارها فتبدأ بتنمية مهاراتك اللازمة لهذا العمل ثم عليك الصبر والمثابرة في هذا العمل وتحمل المعاناة والظروف الصعبة التي تقابلها فبعد فترة سوف تجد نفسك قد أدمنت العمل ، وازداد حبك له وكلما عملت أكثر كلما ازداد حبك للمجال وازدادت مهاراتك وخبراتك فيه وبدأت تحقق النجاح الذي تتمناه فيزيد دخلك وترتفع مكانتك وتصل إلى المركز المرموق الذي ترجوه هذا اذا كنت موظفا اما اذا كنت رائد عمل فالحب هنا أكثر أهمية والحب هنا سوف يكون متعدد المجالات فعليك أن تحب المجال الذى سوف تعمل فيه وعليك أن تحب المكان وتعشقه وتعشق تنظيمه وتطويره باستمرار وتحب فريق العمل الذى معك ، والأهم أن تجعلهم يحبون المجال والمكان ويحبونك أنت قبل ذلك وحتى يتحقق ذلك عليك بالآتي :

     

    أن تختار المجال الذي تحبه وتجد نفسك فيه وتجد رغبة في العمل في هذا المجال حتى وإن لم تحصل على مقابل نظير عملك 

    أن تعرف كل شئ عن هذا المجال ، المهارات المطلوبة والفن الانتاجي اللازم ، فن التسويق والبيع في هذا المجال ، العمالة الماهرة وكيفية الحصول عليها ، التمويل اللازم وكيفية تدبيره ، سوف يكون من الافضل ان تعمل في مجالك الذي تحبه وقررت الاستثمار فيه فيأحد الأماكن العاملة في مجالك حتى ولو بدون اجر لفترة معقولة حتى تحصل على المعلومات التي تريدها وتعرف المزايا والصعوبات في هذا المجال وتزداد خبراتك في هذا المجال .

    عندما تبدأ العمل أو حتى قبل أن تبدأ العمل عليك أن يكون لديك كشكول تكتب فيه كل شئ بالتفصيل وأن تراجعه باستمرار لتعرف مدى إنجازك ، فتسجل ما حققته من إنجازات وما تواجهك من صعوبات حتى تعرف كيف تتغلب عليها .

    عليك بالصبر: عندما يحب شاب فتاة ويسعى للزواج بها قد لا يحدث هذا فورا بل ربما ينتظر سنوات حتى يفوز بمحبوبته رغم حبه الشديد لها ، كذلك عليك كرائد عمل ان تنتظر على الاقل سنة او سنتين على مشروعك الذى تحبه حتى ينجح ويؤتى ثماره .

    عليك الاهتمام بمكان العمل فيجب ان يكون منظما ونظيفا يحفز على العمل والانتاج وحتى يحدث ذلك عليك ان تحاول احداث تغييرات فيه كل فترة فهذا سوف يساعدك على الابداع والابتكار حيث ستجد نفسك بمجرد احداث أي تغيير في المكان أنك تريد ان تضيف شيئا أو تبتكر شيئا جديدا في طريقة العمل .

    موظفيك ثم موظفيك ثم موظفيك 

    لا يكفى ان يكون لديك موظفين مهرة ولكن الاهم هل هم يحبون المكان ؟ هل هم يحبون المجال ؟ هل هم يحبونك أنت ؟ هذا يجب ان يكون احد واجباتك الاساسية ، فإن استطعت أن تجعل العلاقة بينك وبين موظفيك قائمة على الحب والولاء عندها سوف تجد ان مشروعك يقفز ويحقق نجاحات لا مثيل لها لأن الموظف اذا أحب عمله ومجاله ومكان عمله سوف تجده يبدع فى العمل لأنه يرى فى هذا العمل شغفه ويجد في هذا العمل تحقيق ذاته وقيمته التي يريد ان يثبتها للجميع من حوله .

    فإذا أحب المجال والمكان وأضفت الى ذلك حبه وتقديره وولائه لك أنت شخصيا كصاحب عمل عندها سوف تجد الإبداع والإنتاج والتفاني في العمل لأن حبه سوف يجعله يشعر ان المشروع مشروعه وليس مجرد موظف او عامل فيه وبالتالي سوف يشعر أن الجهد الذي يبذله يؤدي لنجاح ونمو المشروع الذي هو فى نفس الوقت نجاح ونمو له هو شخصيا.

    ولكن السؤال الأهم الآن : كيف تجعل موظفيك يحبونك ؟

     

    هذا ما سوف نجيب عنه في المقال القادم فانتظرونا .

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن