"طيبة 1 " .. وطفرة مصرية في الاتصالات الفضائية

  •      بقلم : خالد حسن

    لم تعد الأقمار الاصطناعية مجرد تعبير عن القوة العسكرية والتكنولوجية لدولة ما.. بل أصبحت أحد أهم متطلبات التنمية الاقتصادية الشاملة وتعظيم الاستفادة من ثورة الاتصالات ونقل البيانات لتقديم خدمات تجارية . 

    ومؤخرا أكد  الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،  إطلاق القمر الصناعي المصري " طيبة 1 " ـ الجمعة الماضية ـ والذي يعد بداية قوية لدخول مصر عالم الأقمار الاصطناعية المخصصة لأغراض الاتصالات ، بما يُمثل طفرة نوعية كبيرة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يُسهم في دعم جهود التنمية الشاملة والتي تنفذها الدولة على كل شبر من أرض مصر وفقاً لخطة علمية دقيقة تحقق الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية والصناعية والبشرية لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري ووضع مصر في المكانة التي تليق بها والتي تستحقها إقليمياً ودولياً .

    وفي الحقيقة مع كون مصر من أوائل الدول العربية والأفريقية التي كان لها السبق في مجال علوم الفضاء منذ أكثر من 50 عاما ، من خلال الهيئة القومية للاستشعار عن البعد وعلوم الفضاء ، فإنه من المنطقي أن نتساءل: وماذا عن برنامج الفضاء المصري، وأين وصل ؟ وما الاستراتيجية المستقبلية ؟ وما أهدافه "  وذلك نظرا لأهمية برنامج الفضاء في الوقت الحالي لمصر لما سيقدمه من حلول للعديد من المشاكل في مقدمتها التغيرات المناخية، والمياه والبيئة والتصحر .. ناهيك عن إيجاد حلول مبتكرة للمشاكل التي تواجه التنمية في مصر.


    ولعلنا نتفق بشدة مع وزير الاتصالات عندما قال إن هذا القمر سيؤدي  إلى المساهمة في توفير خدمات الاتصالات للقطاعين الحكومي والتجاري وتوفير تغطية شاملة لبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل، كما أن إطلاقه سوف يُسهم في دفع عجلة التنمية من خلال توفير بنية تحتية للاتصالات والإنترنت واسعة النطاق للمناطق النائية والمنعزلة؛ من أجل دعم المشروعات التنموية بهذه المناطق، وكذلك سعيا لسد الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية علاوة على المساهمة في النهوض بقطاعات: البترول والطاقة والثروة المعدنية، والتعليم، والصحة، والقطاعات الحكومية الأخرى، وسيدعم كل أجهزة الدولة في مكافحة الجريمة والإرهاب.

     

    في تصوري حان الوقت لتكون لدينا صناعة وطنية قوية في مجال الأقمار الصناعية ليس من منظور تحقيق الربح والعائد المادي فقط وإنما هناك الكثير من الأبعاد التي تدعونا للدخول في هذا المجال من أهمها ضمان تحقيق الأمن العسكري والاستراتيجي وأن تكون لدينا الخبرات الوطنية في مجال التكنولوجيا المتقدمة وأن نمتلك مساحة أكبر من الحرية والأمن المعلوماتي لنقل وتبادل المعلومات .

    في اعتقادي أن دخولنا لصناعة الأقمار الصناعية ليس بالأمر المستحيل أو الخارق لاسيما أن هناك الكثير من التجارب التي سبقتنا في هذا المجال والتي يمكن الاسترشاد بها وامتلاكنا لقاعدة كبيرة من الكوادر البشرية المؤهلة والقادرة على استيعاب كل جديد وإنما تكمن المشكلة في تمويل هذه الصناعة حيث تتراوح تكلفة القمر الصناعي الواحد بين 25 – 100 مليون دولار " وفقا للتقنيات المستخدمة وأهدافه " وهو مبلغ يحتاج لتعاون عدد من الجهات الواعية وذات المصالح المشتركة لتوفيره " جامعات – بنوك – شركات اتصالات – مستثمرين – جهات حكومية " مع الأخذ في الاعتبار المردود المالي للقمر الاصطناعي في المستقبل .

    كذلك فان إنتاج قمر اصطناعي مصري يجب أن يتم من خلال وضع إطار لبرنامج تكنولوجي متكامل يتيح لنا التعاون مع الآخرين والحصول على التقنيات الحديثة في هذا المجال وامتلاكها وليس مجرد نقلها واستخدامها حتى يمكننا السيطرة بشكل كامل على كل وظائف القمر. 

    نؤكد أن وجود قمر اصطناعي مصري " للاتصالات " ، خاصة بعد فضائح التجسس الإلكتروني للمخابرات الأمريكية على معظم دول العالم ، سيكون له تأثيره الإيجابي على إتاحة الفرصة أمام بناء كوادر محلية متخصصة في التكنولوجيا المتقدمة وفتح الباب أمام توطين صناعات جديدة كصناعة الإلكترونيات ودفع صناعة البرمجيات المتطورة علاوة على دوره فى ترشيد أو إلغاء التكلفة المالية التى نتحملها حاليا لتلبية احتياجات البحث العلمي من الصور والمعلومات التي توفرها الأقمار الاصطناعية .

    في النهاية نتمنى التوفيق لكل القائمين على هذا المشروع ونتطلع إلى إحداث نقلة نوعية في إتاحة خدمات الإنترنت سواء للأفراد أو مؤسسات الأعمال بما يتواكب مع التطورات العالمية في هذا المجال .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن