مستقبل البحث العلمي والمجتمع المدني

  •       بقلم :خالد حسن

    أصبح العلم والتكنولوجيا يحتلان في عصرنا الحالي مكانا مرموقا في حياة مختلف الشعوب ويؤثران بصورة مباشرة في التنمية الشاملة لكل المجتمعات وأنه في الوقت الذي يصعب فيه التفريق بين أنشطة العلم وأنشطة التكنولوجيا فإن العلم والتكنولوجيا يرتبطان ارتباطا وثيقا بعمليات التنمية الاقتصادية .

    وبالطبع فأن مجتمع المعرفة القائم على التعليم والبحث العلمي والابتكار هو الطريق لمجتمع حديث ومتطور ينطلق من نظام تعليمي يواكب روح العصر ويلاحق الطفرة غير المسبوقة في العلوم والتكنولوجيا بالقرن إلحادي والعشرين الأمر الذي يشكل رؤية القيادة السياسية لأهمية توطين مفهوم الإبداع التكنولوجي في كل مؤسساتنا - الحكومية والخاصة، كأحد أهم متطلبات بناء وترسيخ قواعد مجتمع المعرفة .

     

    ومن هنا تأتي أهمية ما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، فى كلمته بمناسبة الاحتفال بعيد العلم مؤخرا ، أنه لم يعد أمامنا خيار سوى الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا للنهوض بالأمة والانطلاق إلى آفاق المستقبل ومن ثم فإن الدولة حاليا تنتهج سياسة تأكيد تميز الجامعات الجديدة في برامجها التعليمية ومناهجها الدراسية بما يلائم احتياجات العصر..وذلك عن طريق تطوير منظومة التعليم العالي وفقا لمتطلبات التكنولوجيا البازغة ودمج تخصصات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات بمناهج التعليم بالجامعات المصرية، واتساقا مع أحدث النظم العالمية من حيث المناهج وطرق التدريس وتوفير المعامل والتجهيزات اللازمة ومواكبة التطورات العلمية الحديثة في المجالات التكنولوجيا الناشئة..كنانو تكنولوجي والطاقة الجديدة والمتجددة وغيرها.

     

    وأكد ايضا أن التحول الرقمي بات من تحديات العصر لذا حان الوقت لأن يتحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد يقوم على العلم والمعرفة وأن تنعم مصر بمقدراتها بفضل جهود وإبداعات شبابها وعلمائها ..فالسباق الحضاري هو أحد سمات عالمنا المعاصر الذي يعتمد على ما تنتجه الشعوب من ثقافة وعلوم تكنولوجيا وما يرتبط بها وما يقوم عليها من نمو اقتصادي عملاق..أن تحديات العصر الذي نعيشه الآن هي في الواقع تحديات علمية وتكنولوجية، وهو عصر لا تنافس فيه ولا مشاركة عالمية ولا نفاذ إلى الأسواق الخارجية إلا من خلال العلوم والتكنولوجيا والابتكار .

     

    ولعله من المهم أن نشير هنا أننا رغم إعلان ميزانية الحكومة للعام المالي الجديد فإن ميزانية البحث العلمي لم تتجاوز نحو 23 مليار جنيه وهى كنسبة من الدخل القومي لا تتجاوز نحو 1 % من دخلنا السنوي في حين أنها تصل إلى 3 % في المتوسط في الدول المتقدمة .. ناهيك عن الاختلاف الكبير في قيمة حجم الدخل القومي هذا علاوة على أن غالبية هذه الميزانية - رغم قلتها - تذهب في صورة مرتبات وأجور للعاملين والموظفين وليس في تمويل مشروعات بحثية علمية هذا ومن ثمة فالمطلوب هو التفكير في كيفية تعظيم موارد البحث العلمي وإيجاد موارد مالية مستقلة للجامعات تسمح لها بتمويل عمليات البحث العلمي بعيدا عن أي مؤثرات أو شروط خارجية  .

     

    نؤكد أن صدور قانون " إنشاء صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ " يمكن ان يشكل قفزة حقيقية في البحث عن كيفية زيادة وتنويع مصادر تمويل البحث العلمي في الجامعات الحالية والجديدة ، سواء الحكومية أو الخاصة ،  فإلى جانب ما تخصصه الدولة من ميزانية تكاد تكفى رواتب العاملين في هذا المجال إذ يجب أن تكون هناك قنوات جديدة لتمويل عمليات البحث العلمي ونتصور أن الفئات المستفيدة من البحث العلمي هي الفئة الأولى بالمساهمة في تمويله ، ولكن كيف يمكن ذلك ؟ . إذا كان أغلب الصناعات المحلية لا تؤمن أصلا بأهمية البحث والتطوير ودور البحث العلمي في زيادة القدرات التنافسية لمنتجاتها والعمل على تلبية احتياجات عملائها الحاليين واكتساب عملاء جدد .

     

    نؤكد أنه من الضروري ان يفتح القانون الجديد باب المساهمات لتوفير التمويل من جانب المجتمع المدنى لتشارك فيه كل مؤسسات الأعمال الصناعية الراغبة في الاستفادة من خدمات هذا الصندوق كما نطالب القائمين على هذا الصندوق بضرورة العمل على دفع وتحريك المياه الراكدة في مجال تنمية البحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين في الجامعات ، كمرحلة أولى ، وأن يتم تحرير قطاع البحث العلمي .. في المراكز البحثية والقومية التابعة للحكومة ، من مفهوم الموظفين الحكوميين الذين لا يرون في هذا المجال إلا أنه مجرد الالتزام بقيود اللوائح والقوانين وكيفية التحايل عليها للاستيلاء على الأموال القليلة المخصصة لهذا المجال أو الحصول على ترقية وظيفية في أفضل الحالات .

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن