أخر الأخبار

نبضات " الصمت الرقمي " ..ومصداقية الحوسبة السحابية " AWS "

  •  

    بقلم : خالد حسن

     

    ربما سيكون يوم الاثنين الماضى ، الموافثق 20 أكتوبر الحالي ، هو يوم فاصل فى اصدار حكم نهائى علي الثقة اللانهائية فى استمرارية خدمات الانترنت و الحوسبة السحابية التى لا تقهر ولا تتوقف على جهاز خادم او مركز بيانات واحد حيث فؤجئت نحو 2500 شركة عالمية وجهات حكومية بانقطاع الخدمة لعدة ساعات وعدم قدرة الملايين من عملاءهم على الوصول لبياناتهم المخزنة على سيرافرات شركة امازون ويب سيرفِسز  العالمية " AWS " حيث باتت البنية التحتية السحابية لأمازون تمثل العمود الفقري للعديد من التطبيقات، ما يجعل أي خلل فيها ذا تأثير واسع النطاق عالميا .

    وسواء كان هذا " الصمت الرقمي" ناتج عن عطل فنى ام خطأ بشريًا فادحًا أم هجوما الكترونىا الا ان نتائجه كانت كفيلة بأن تُظهر هشاشة البنية الرقمية العالمية لاسيما وان هذه هي المرة الثالثة على الأقل ، خلال خمس سنوات ، التي يتسبب فيها مركز بيانات أمازون ويب سيرفسيز - أكبر مزوّد للحوسبة السحابية في العالم -  بشمال فرجينيا بالولايات المتحدة الامريكية في انهيار كبير في الإنترنت وجعل آلاف المواقع والتطبيقات تدخل في حالة “توقف جماعي” حيث تزامن هذا العطل مع توقف عدد من التطبيقات الشهيرة مثل سناب شات، روبلوكس، كانفا، فورتنايت، دولينجو، كوين بيس، بوكيمون جو، وأمازون أليكسا، كما شملت الانقطاعات مواقع حكومية مثل هيئة الضرائب البريطانية HMR وصولًا حتى إلى منتجات أمازون نفسها مثل Alexa وRing.كلها صمتت في لحظة واحدة، بعد خلل داخلي في أنظمة مراقبة موازنات التحميل داخل مراكز بيانات الشركة في ولاية فرجينيا، وهي المنطقة الأكثر ازدحامًا في العالم بالاستضافات السحابية.

     

    ومن المعروف ان " أمازون ويب سيرفسيز " تسيطر على السوق العالمي لاتاحة خدمات الحوسبة وتخزين البيانات وخدمات رقمية أخرى للشركات والحكومات والأفراد، وهي أكبر مزود للحوسبة السحابية في العالم، تليها خدمات جوجل ومايكروسوفت السحابية.ويمكن أن تتسبب الأعطال التي تتعرض لها خوادمها في حدوث انقطاعات عبر المواقع الإلكترونية والمنصات التي تعتمد على بنيتها التحتية السحابية، ما يعني تأثر تطبيقات لتوصيل الطعام ومنصات للألعاب وحتى أنظمة شركات الطيران.

     

    وكشف موقع "DownDetector" ، المتخصص في رصد أعطال الإنترنت ، عن ارتفاع البلاغات حول توقف الخدمات، مع تسجيل أكثر من 2681 حالة في خدمات أمازون ويب في منطقة الولايات المتحدة- حيث توقفت خدمات عدد كبير من التطبيقات الرقمية نتيجة خلل تقني أصاب بنية أمازون ويب الأساسية، ما أدى إلى انقطاع جزئي أو كلي لمجموعة من الخدمات الإلكترونية العالمية اذ اكد مستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي أن التطبيقات توقفت عن العمل بشكل كامل، مع صعوبة في تحميل المحتوى أو الوصول إلى الوظائف الأساسية، ما أثار موجة استياء واسعة بين المستخدمين.

      

    الا أن الشركة  قالت إن "أمازون ويب سيرفسيز"، لديها رسائل متراكمة قد تستغرق معالجتها بضع ساعات، وتوفر "أمازون ويب سيرفسيز" تطبيقات وعمليات حوسبة للشركات في جميع أنحاء العالم، وتسبب هذا العطل في انقطاع الخدمة عن موظفين من لندن إلى طوكيو ومنع آخرين من القيام بالمهام اليومية العادية مثل دفع أجور مصففي الشعر أو تغيير تذاكر الطيران ونشأت المشكلة مما يُعرف بنظام أسماء النطاقات، والذي منع التطبيقات من العثور على العنوان الصحيح لقاعدة بيانات سحابية تابعة لأمازون ويب سيرفسيز يُعول عليها لتخزين معلومات المستخدمين وبيانات مهمة أخرى .

    أكدت أمازون عبر تحديث رسمي أن المشكلة ناتجة عن "معدلات خطأ كبيرة في الطلبات على قاعدة بيانات دينامو دي بي"، مشيرة إلى تأثير ذلك على باقي خدماتها في نفس المنطقة، وأن مهندسيها يعملون على تقليل أثر المشكلة ومعرفة السبب الجذري لها كموها ان جميع خدمات أمازون ويب سيرفسيز عادت إلى العمل على نحو طبيعي، لكن لا يزال لدى بعض الخدمات... رسائل متراكمة ستنتهي من معالجتها خلال الساعات القليلة المقبلة".

     

    و في عالم تتقاطع فيه الخدمات المالية مع التعليم والاتصالات والتجارة على بنية موحّدة، أصبح توزيع المخاطر التقنية ضرورة وطنية واقتصادية وبالطبع تتمثل خطورة هذا الانقطاع فى انه لم يوقف فقط عند مواقع التواصل والألعاب، بل طال خدمات مالية ومصرفية وتعليمية وحتى حكومية، ما جعل “الاعتماد الأحادي” على مزوّد سحابي واحد يبدو كمغامرة على مستوى الاقتصادات الوطنية ويجعلنا نتساءل هل فعلا الانترنت وخدمات الحوسية السحابية تعتمد على مجموعة كبير من مراكز البيانات المنتشرة حول العالم ام ان هناك مركز محورية او مفاتيح اساسية لحركة البيانات العالمية واذا ما تعرضت لاى مشكلة ممكن ان يصال العالم كله بالشلل الرقمي .

     

    ومن ثمة فانه مع تكرار مثل هذه الاعطال من المهم ان نتساءل ماذا عن مواقف الحكومات من بناء مراكز بيانات ضخمة خاصة بها ، داخل حدودها الجغرافية ، وتأمين هذه المراكز ضد كافة انواع المخاطر التى يمكن ان تتعرض لها وكذلك عمل نسخ احتياطية من البيانات فى امكان مؤمنه يتم اللجوء اليها فى حالة حدوث اى اعطال لمراكز البيانات ، وهو ما يعرف بالخطة " B " ، كذلك من الضرورى ايضا انننصح كافة مؤسسات الاعمال بالاعتماد على ما يعرف الحوسبة الهجين والتي تجمع بين الاعتماد على حقظ بياناتها " الغير الاساسية " فى الحوسبة العامة " مراكز البيانات المؤمنة على الشركات العالمية مثل أمازون ومايكوسوفت وجوجل وجو دادي ، وبين بناء بنيتها التحتية التى تمكنها من الاحتفاظ بالبيانات المهمة لاستمرار نشاطها ، وهو ما يعرف بالحوسبة الخاصة ، وفى نفس الوقت الاحتفظ بنسخ احتياطية نظيفة ، بعيدة عن الاتصال بالانترنت ، .

     

    فى النهاية نؤكد ان استمراية الاعمال فى المؤسسات لم تعد تحظي بثقة 100 % عند الاعتماد على الحوسبة السحابية العامة وان الاعتماد على مزود واحد للحوسبة السحابية ، حتى لو كان عالمي ، لم يعد يكفى لمواجهة التحديات والمخاطر الرقمية التى نعيشها بل يمكن ان يشكل هو الخطر الرئيسى على استمرارية عمل هذه المؤسسات ومن المهم ايضا تنويع مصادر الاتصال  كذلك يجب ان تمتلك مؤسسات الاعمال خطة متكاملة للتعافي لاستعادة الخدمة فى حالة حدوث اى عطل .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن