السيستم دون ..وماذا بعد ؟

  • نبضات

     

    بقلم: خالد حسن

    أصبحت حياتنا اليومية تسير بالتكنولوجيات الحديثة فلا يخلو مكان من مقتنيات التكنولوجيا حتى أن صنبور المياه أصبح إلكترونياً ..وأصبحنا نتحدث في التليفون ونشترى ونبيع ونحجز بالإنترنت ..ونسحب أموالنا من ماكينات الصرف الآلي دون عناء الانتظار لفترات طويلة في الصفوف أو في الزحام في أي وقت وأي مكان ..وكل ذلك بحثاً عن أفضل السبل لإدارة الوقت وخفض الجهد ..لكن للأسف الشديد فوجئنا بأنه في كثير من الأحيان تقابلنا مواقف تتسبب في تعطيل الوقت بسبب خلل في النظام الإلكتروني وبعد أن كنا نسمع عبارة "فوت علينا بكرة ..الموظف مش موجود" أصبحنا نسمع عبارة " السيستم داون "..

     

    ويعد قطاع البنوك من القطاعات الإستراتيجية التي بات التوسع فى استخدامه لللتكنولوجيا الحديثة ضرورة ملحة نظرا لطبيعة الخدمة التى يقدمها هذا القطاع والتى تواجه العديد من التحديات والميزات التنافسية التي تميز بنك عن أخر ومساعدة علي توفير خدمات أفضل تتناسب مع احتياجات السوق علاوة على دعم قراراته الاستثمارية فى المستقبل .

    ومؤخرا ذهبت إلى احدى ماكينة الصرف الآلي، فى حى مصر الجديدة، ولكنني فوجئت بأن الماكينة خارج نطاق الخدمة فاضطررت للذهاب إلى ماكينة أخرى وكانت المفاجأة أيضا أن الماكينة الثانية الأخرى معطلة، ولمزيد من مضيعة الوقت.. اضطررت للذهاب إلى البنك للاستفسار عما حدث وبعد مراجعات وأسئلة كثيرة قررت ان اسحب اموالا من حسابي بالبنك فكانت المفاجأة الأجمل أيضا أن السيستم معطل! طيب قلت استفيد بالوقت ووجود ي فى البنك وأعمل بعض الإجراءات في خدمة العملاء ويبدو أنني لم افهم جيدا معنى ان " السيستم دون " فإن هذا يعنى ان كل خدمات وأقسام البنك في حالة شلل تام وبلا أي فائدة والجميع تحت رحمة عودة النظام للعمل ؟ّ!  وطبعا لا أحد يستطيع ان يقدم لك إجابة وافية أو سبب محترم لما يحدث .  

    والسؤال هل " التحول الرقمي" يشكل تهديدا كبيرا للكثير من فئات الموظفين وخاصة في الجهات البنكية؟ وهل التحول نحو" المجتمع الرقمي " يولد قوى مقاومة عكسية عند محاولة تطبيقه على ارض الواقع؟ وبالتالي فإن هناك من يحاول زعزعة ثقة عملاء البنوك في التحول الرقمي وتوظيف التكنولوجيا؟

     

    هذا ما دار بذهني عند الاضطرار، الأسبوع الماضي ، للتعامل مع عدد من الجهات الحكومية في مختلف القطاعات ، المالية والأمنية، وهل جوهر وحديث المتخصصين وخبراء التكنولوجيا عن أهمية وضرورة التحول الرقمي وصل بالفعل إلى صغار الموظفين الحكوميين في جميع الإدارات والمصالح أو على الاقل في الإدارات التي تتعامل مع المواطنين ؟ أم أنه ما زالت هناك فجوة كبيرة جدا بين طموحنا في مجال التحول الرقمي للجهات الحكومية وبين ما هو واقع وملموس على الأرض ويشعر به الموطن؟

     

    وفي اليوم التالي ذهبت إلى مصحلة الضرائب، ويبدو أنني نسيت أن أطلع على جدول الأعطال الكهربائية في حي مصر الجديدة ، فكانت الكهرباء مقطوعة وطبعا عبارة " السيستم دون " كانت على لسان كل العاملين في المصلحة منذ دخولي من الباب وكأنهم يقولون لى فوت علينا بكرة ... طيب الكهرباء متى ستعود فكانت الإجابة بعد ساعتين تقريبا وطبعا الساعة كانت 12 ظهرا والموظفين يغادرون الساعة الثانية والنصف عصرا .

     

    طيب ليه لا يوجد مولد كهربائي لتشغيل جهاز كمبيوتر واحد على الاقل أو جهاز كمبيوتر محمول يمكن الاعتماد عليه أثناء انقطاع الكهرباء، لمدة ساعتين، أو لماذا لا يتوافر تطبيق على الهواتف المحمولة للتعامل مع مطالب المواطنين وتلبية احتياجاجتهم خاصة وأن غالبيتهم سيقوم بسداد أموال لصالح خزينة الدولة ؟!

     

    والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما هو العلاج لهذه المشاكل وكيف يمكن دعم ثقة العملاء في التعامل مع التكنولوجيا والتحول الرقمي؟ وهل هذه الأعطال تتسق مع مفهوم التحول الرقمي للبنوك وكل الجهات الحكومية التي تستهدف تطوير وتحسين الخدمات البنكية والحكومية؟

    وعلى مدار السنوات العشرين الماضية نجحت معظم البنوك في توظيف الحلول التكنولوجية وأصبحت موجودة في كل بنك بكثافة إلا انه وبمرور الوقت فإن عبارة " السيستم وقع " ما زالت تتردد كثيرا في كثير من البنوك ومن هنا نتساءل  ، في ظل الحديث عن الشمول المالى والتحول الرقمي، هل تقوم البنوك بعمل رصد لأهم المشاكل والأعطال التي تقابله وتقوم برصد مدى تكرار هذه الأعطال والمشاكل وبالتالي تحاول إصلاح النظام حتى يتلاشى وجود مثل هذه الأشياء ولابد أن تعمل إدارة البنك على تقليلها قدر الإمكان لأن كثرة الأعطال ووجود خلل في النظام تكثر من شكاوى العملاء وتجعلهم يفكرون مرة أخرى في جدوى استخدام التكنولوجيا ..والمطلوب هو استخدام التكنولوجيا بشكل جيد والعمل على تدريب العاملين في البنوك على الأنظمة الإلكترونية واستغلال الخبرات في إدارة هذه البنوك .

       

    وبالطبع يحق للعملاء أن يتساءلون لماذا أعطال الكمبيوتر وعبارة " السيستم دون " مستمرة معنا طوال هذه السنوات رغم كل هذا التقدم التكنولوجي الذي نشهده حولنا والحديث عن تقنيات الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وهل ما زالت البنوك المصرية في عزلة عن هذه التقنيات أم أنه نقص في كوادر التكنولوجيا المؤهلة والقادرة على إدارة عملية التحول الرقمي بكفاءة أم عدم توافر الرؤية المتعلقة بفلسفة التحول الرقمي وأنه يعني تطوير الخدمات وإتاحتها للعملاء بصورة دائمة في أى وقت وأي مكان .

     

    في اعتقادي أن التكنولوجيا من أهم مقتنيات العصر ولا يمكن فقدان الثقة في استخدامها والعودة إلى الوراء لأي سبب أو عطل يحدث في النظام فعصر الورقة والقلم والدفاتر والفواتير الورقية انتهى وأن الاستمرار في الترويج لحجة "ان كل شئ في النهاية معرض للعطل " هو أمر غير مقبول خاصة ونحن نتعامل مع أنماط تقليدية معينة من التعاملات المالية والمصرقية، ليس بها أى ابتكار أو تغيرات سريعة ، والمطلوب تغيير البرامج والنظم القديمة بأخرى مستحدثة بصفة مستمرة .

     

    في تصوري أننا محتاجون إلي مراجعة ما هو تعريف " التحول الرقمي " وهل وهو مجرد إحلال الكمبيوتر محل الورقة والقلم أمام نفس عقلية الموظف؟ ومتى ستتخاطب الجهات البنكية والحكومية مع بعضها لترحم المواطن الفقير من الأعباء النفسية والمالية والجهد العقبي الذي يتحمله عند اضطراه إلى التعامل مع أى جهة حكومية  

    بصراحة الواحد "بقى بيدعي ربنا يوميا ألا تضطره الظروف إلى التعامل مع أى بنك أو أى جهة حكومية ولا التعامل مع أى موظف حكومي فهم السبب الرئيسي للتنكيد على عشرات الملايين من المصريين يوميا".

    ويظل السؤال متى ننجح في تطبيق التحول الرقمي الحقيقي في البنوك والجهات الحكومية ؟ ولا يضظر المواطن، فردا أو مؤسسة ، ليري الوجه العبوس للموظفىن وبتعامل فقط مع شاشة جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول للحصول على كل احتياجاته كمواطن في دولة تحترم حقوق مواطنيها في الانتقال إلى المجتمع الرقمي .

    &

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن