الجرائم المعلوماتية ..ومستقبل الرقمنة

  •  

     

    بقلم: خالد حسن

     

    في ظل انتشار التعاملات الإلكترونية اليومية ومشاركة الأفراد معلوماتهم الشخصية سواء مع جهات عامة أو خاصة، وفي ظل توجه الحكومة إلى التحول الإلكتروني بدلًا من المعاملات الورقية، تتجلى قيمة الأمن الرقمي وأهمية الحفاظ عليه بوضوح أكبر، وتظهر بالتالي أوجه الخلل التي تصيب هذا الأمان، وتخلق مستفيدين بشكل غير قانوني من البيانات الشخصية سواء بطريق مباشر، أو بيعها لشركات تجارية وغيرها من الكيانات.

     

    ولعلنا نتفق ان أمن البيانات وحماية المعلومات يشكل أحد أهم متطلبات علمية التنمية الاقتصادية وأقناع المستخدمين للتكنولوجيا ، سواء افراد او مؤسسات اعمال , بالثقة فى عملة التحول الرقمي لاسيما انه مع تزايد قاعدة مستخدمى تكنولوجيا المعلومات والانترنت والهواتف محليا وعالميا بدأت تتزايد خطورة ما يعرف بجرائم "الفضاء الالكترونى ".

     

    وفى الحقيقة لم تعد الجرائم الإلكترونية تتمحور فقط حول إرسال بريد إلكترونى محمل بفيروس يؤدى الى تدمير بيانات الكمبيوتر أو سرقة بعض البطاقات الائتمانية أو التلاعب فى بعض المواقع الخاصة بالمؤسسات والشركات لنشر أخبار غير صحيحة تستعدف التأثير السلبى على الشرفاء ومحاولة التشهير وتلويث السمعة وابتزاز البعض سواء أفراد أو مؤسسات هذا ناهيك عن عمليات النصب التى يمكن أن يقوم بها البعض لبيع الأوهام ومنتجات غير موجودة لاسيما وان هذه الجرائم لم تعد تمثل حوادث فردية متناثرة بل تحولت لما يمكن وصفه بالظاهرة العالمية .

     

    وأصبحت تلك الجرائم تمتد الى قيام بعض الجماعات المتطرفة بالترويج لافكار الضاله وسط قاعدة مستخدمى ادوات التكنولوجيا والانترنت وانتهزت هذه الجماعات المتطرفه الحرية التى تتمتع بها شبكة الانترنت لاطلاق الالاف من المواقع الالكترونية التى اصبحت مرتعا خصبا لنشر الافكار الهدامة وزعزعة الاستقرار والامن فى الكثير من الدول ولاسيما الدول العربية فى منطقة الشرق الاوسط  وجذب الشباب بشعارات براقه للانضمام لتلك التنظيمات ويتحولوا من معاول بناء وتنمية وخير  لاوطانهم الى معاول هدم وتعاسه وشقاء عانت منه المجتمعات فى الكثير من دول العالم الامر الذى يدعونا لعدم الانتظار الى أن تحدث المخاطر ثم نبدأ بالتحرك تجاه مكافحة هذا الخطر وبالفعل بدأت بعض دول اوروبا والولايات المتحدة الامريكية تتحدث عن ضرورة وجود قوانين متطورة وتنسيق دولى لمكافحة الإرهاب الالكترونى وفرض مزيد من عمليات المراقبة للاتصالات والإنترنت لجماية الامن القومى لهذه الدول .

     

    ومع انتباه الدولة المصرية لخطورة صور وأنواع الجرائم الالكترونية وضرورة وجود البينة التشريعية التى توفر مظلة قانونية لتنظيم الحياة الرقمية تم اصدار قانون رقم 175 لعام 2018 مكافخة الجرائم الالكترونية  كما تم اصدار القانون 151 لسنة 2020  لحماية البيانات الشخصية علاوة على تأسيس المجلس الاعلى للامن السبيرانى برئاسة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كذلك اطلقا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستراتيجية الوطنية لحماية الامن السبيرانى " 2022- 2026 " لحماية تامين كافة الخدمات والتعاملات للجهات الحكومية والحيليولة دون اختراق او سرقة أى بيانات كما تعكف وزارة الاتصالات على إعداد مشروع قانون " الامن السبيرانى "  لمكافحة كافة صور الجرائم المعلوماتية والإرهاب الإلكتروني .

     

    ولعل خطورة الجريمة الإلكترونية تتمثل فى أنها جريمة لا تعرف الحدود الجغرافية إذ من الممكن أن يكون الجانى فى بلد والمجنى عليه فى بلد أخر يفصل بينهم مئات آلاف من الأميال مما يصعب من عملية ملاحقة هؤلاء الجناة الجدد دون وجود تنسيق وتعاون تكنولوجى بين الدول .

     

    فى تصورى أن الأمر يحتاج من الجهات المعنية بمكافحة الجريمة والتنمية التكنولوجية بشكل عام أن تتعاون بشكل وثيق لتوفير المناخ القانونى والتشريعى الذى يكون بمثابة عنصر الأمان وفى نفس الوقت الرادع الكافى لكل من يحاول ارتكاب أحد أنواع الجريمة الإلكترونية ولابد من الاستفادة من تجارب الدول التى سبقتنا فى هذا المجال و إقامة مركز تكنولوجى خاصة بمكافحة الجريمة وتعقب الجناة الإلكترونين أينما كانوا لاسيما ونحن نطالب كافة مؤسسات الأعمال والمؤسسات المالية لميكنة نظم العمل بها وتقديم خدماتها عبر الإنترنت كذلك سعى الهيئات والجهات الحكومية الى إطلاق مفهوم الحكومة الإلكترونية .

     

    ونتطلع فى ظل عولمة الجريمة الالكترونية الى قياك مجلس وزراء الاتصالات العرب بتعزيز  تضافر جهود كافة الدول العربية لوضع "مبادئ عامة لبناء الثقة والأمن في استخدام تكنولوجيا والاتصالات من خلال وضع آليات على أساس ثنائى وإقليمى متعلقة بمكافحة الإرهاب الإلكترونى بشكل لا يؤدي لانتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي وأية قوانين وطنيه مع وضع أسس يتفق عليها دولياً للتنسيق والتعاون بين جميع الدول وأصحاب المصلحة فيما يتعلق بمواجهة التهديدات الجديدة من مختلف المصادر التي تظهر مع تطبيق وتنمية تكنولوجيا والاتصالات وكذلك تعزيز الفهم المشترك بين الحكومات وأصحاب المصلحة المعنيين بشأن بناء الثقة والأمن في استخدام تكنولوجيا والاتصالات على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية بالاضاف للاتفاق على آليات ومصطلحات وبنود ثابتة وتوصيف لكافة القضايا الخاصة بالفضاء السيبرانى لمتابعة الحوادث الالكترونية حيث أن الاختراقات والتهديدات والجرائم السيبرانية تعد من أعمال الحرب غير التقليدية.

     

    نؤكد أن الإيقاع السريع لتطور الجريمة الإلكترونية وذكاء الجناة يتطلب منا ضرورة اليقظة ،خاصة وان تعقب هؤلاء الجناة ربما يكون معقدا تقنيا ، كذلك من المهم أن نضع على أجندة أولوياتنا ، للتنمية التكنولوجية واستكمال بناء مجتمع المعرفة والانتقال للمجتمع الرقمى ، تفعيل التعاون مع الكثير من دول العالم المعنية بمكافحة الجريمة الالكترونية  ومكافحة الارهاب الدولى لتطبيق منظمومة متكاملة لامن المعلومات على الشبكة العنكبوتية وحماية البنية التحتية للاتصالات ، للمجتمع الدولي ككل ، والعمل توفير اليات لتبادل المعلومات على الويب بصورة موثوقه وذات مصداقية عالية مع علاج نقاط الضعف الأمنية لشبكات المعلومات ، الحالية والمستقبلية ، بصورة فورية .

    فى النهاية نؤكد ان علينا تبنى حنلا قومية للتوعية باساليب الامن الرقمي ، للافراد والمؤسسات ، وكذلك مخاطر انتهاك القوانين الخاصة بحماية بيانات الاشخاص والمؤسسات والعقوبات التى يمن ان يتعرض لها المخالفين بالاضافة الى ضرورة تسيع تنفيذ العقوبات المنصوص عليها فى القواننين ، السابق ذكرها ، بما يتسق مع سرعة ايقاع التطور فى مجال الرقمنة فلم يعد مقبولا الانتظار الى شهور وربما سنوات حتى يصدر حكم على مرتكبى الجرائم المعلوماتية واستمرار معاناة الضحايا

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن