كتب : محمد الخولي
دخلت شركة آبل مؤتمر المطورين السنوي هذا العام، بتوقعات منخفضة فيما يخص الذكاء الاصطناعي، لكنها فشلت حتى في تحقيقها، مما يعكس تأخرها الملحوظ في هذا المجال مقارنة بمنافسيها.
وفي حين أنه كان متوقعاً على نطاق واسع أن تُطلق آبل برنامجاً، يتيح للمطورين الوصول إلى "نماذجها الأساسية"، ما قد يمهّد الطريق لظهور تطبيقات ذكاء اصطناعي تعمل بسلاسة أكبر على أجهزتها، تبين أن تركيز الشركة خلال مؤتمر WWDC25 للمطورين، إنصب على إطلاق تحديثات لأنظمة التشغيل والكشف عن تصميم "Liquid Glass"، إضافة إلى الكشف عن تحسينات شكلية في ميدان الذكاء الاصطناعي دون تقديم ابتكارات جوهرية في هذا المجال.
أما المفاجأة الأكبر، فكانت إعلان آبل صراحةً، أن التحديثات الجوهرية والكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولا سيما تلك المتعلقة بالمساعد الذكي "سيري"، ستتأجل حتى عام 2026، وهذا يعني أن النسخة الأذكى من سيري لن ترى النور قبل وقت لاحق من العام المقبل، ما يرجّح أن الجيل القادم من هواتف آيفون الذي سيتم إطلاقه في خريف 2025 لن يتضمن أي دعم فعلي للذكاء الاصطناعي، وهو الأمر الذي سيجعل الشركة متأخرة خطوات كبيرة، عن منافسيها في هذا السباق التكنولوجي المتسارع.
وبحسب تقرير أعدته "وول ستريت جورنال" ، فإن آبل ومن خلال ما قامت به في مؤتمر "WWDC25"، أرادت تجنب الفخ الذي وقعت فيه العام 2024، عندما أعلنت عن خدمة Apple Intelligence وسط ضجة إعلامية كبيرة، ليتضح لاحقاً أن صانعة الآيفون عجزت عن تقديم الخدمات التي سبق ووعدت بها، ما فتح الباب أمام موجة من الانتقادات الحادة بحقها.
وما يعكس خيبة أمل المستثمرين من نتائج مؤتمر "WWDC25" هو تراجع سهم آبل بعد الحدث، ليواصل بذلك سلسلة الانخفاضات التي سجلها منذ بداية العام، والتي بلغت حتى الآن 19 في المئة، حيث كتب ديفيد فوغت، محلل يو بي إس، في تقرير عقب الحدث، أن العديد من ميزات الذكاء الاصطناعي التي أعلنت عنها آبل، ما تزال أقل تطوراً من نظيراتها المتوفرة بالفعل في تطبيقات المنافسين.
من جهة أخرى أشار تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" ، إلى إنه قبل عام من اليوم، أعلنت شركة أبل عن دخولها مجال الذكاء الاصطناعي من خلال "Apple Intelligence"، وأدى ذلك إلى ارتفاع قيمتها السوقية بأكثر من 200 مليار دولار في يوم واحد، وسط آمال بتحول الآيفون إلى مساعد ذكي فعلي يعزز المبيعات.
ولكن بعد 12 شهراً، تلاشى هذا التفاؤل ليحل محله القلق، فالعديد من الوعود الكبرى التي أطلقتها آبل تحولت إلى وعود فارغة، إذ تم تأجيل تحديث "سيري" إلى أجل غير مسمى، وتبين أنApple Intelligence متأخرة عن منافسيها مثل Gemini من Google.
وبحسب "الإيكونوميست"، يرى المحللون أنه على آبل اعتماد استراتيجية جديدة لأجهزتها، إذا أرادت تفادي مصير مشابه لما واجهته نوكيا، فصانعة الآيفون تواجه قيوداً فرضتها هي على نفسها، من أبرزها التمسك الصارم بسياسة الخصوصية، وهذا ما يحدّ من قدرتها على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة، بسبب محدودية البيانات المتاحة لديها.
فآبل تفضّل تشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي على أجهزتها الخاصة، وباعتماد خدمات تطورها بنفسها، بدلاً من الانفتاح على مزودي الذكاء الاصطناعي الخارجيين، أو الاستثمار في بنية تحتية سحابية واسعة، وهذا ما جعلها تتأخر عن منافسيها، لتجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن تواصل التمسك بنهجها الحالي وتخاطر بفقدان موقعها الريادي في الابتكار، أو أن تستغل هذه اللحظة لإعادة النظر في استراتيجيتها.
ولذلك تتجه الأنظار اليوم إلى رئيس آبل تيم كوك، الذي يقع على عاتقه استثمار هذه "اللحظة" لإعادة توجيه دفة الشركة نحو مستقبل أكثر جرأة وطموحاً، من خلال التحرر من سياسة الحذر المزمن والتركيز المفرط على الاستقرار المالي، وذلك منعاً لتحوّل صانعة الآيفون إلى "نوكيا جديدة".