المحتوى العربى على الإنترنت

  •        بقلم : د / محمد عدلى

     

    هل يمكن أن نتصور معاً نسبة ما يمثله المحتوى المكتوب باللغة العربية على الإنترنت من إجمالى المحتوى الموجود عليها بالفعل؟ وهل يمكن أن نتخيل قيمة ما يمثله هذا المحتوى كماً وكيفاً ومقارنة ذلك بما يجب أن يكون عليه الحال، وما يجب أن يحدثه هذا المحتوى من أثر وذلك نظراً لانتسابه للغة عريقة هى من أقدم اللغات على هذا الكوكب ولأمة ذات حضارة تليدة ويصل عدد أبناؤها اليوم إلى مئات الملايين من داخل الوطن العربى وخارجه. إن النظر إلى كل ذلك وأخذ كل تلك الاعتبارات فى الحسبان سيؤدى بنا حتماً إلى الاعتقاد بأن تلك النسبة التى نتحدث عنها تتخطى العشرة بالمائة أو على الأقل الخمسة بالمائة من المحتوى المقروء والمرئى والمسموع على الشبكة الدولية للمعلومات

    ولكن وآه من ولكن على رأى كاتبنا الراحل الساخر الكبير الأستاذ محمود السعدنى فإن الحقيقة والأرقام تخبرنا بأن نسبة ما يمثله المحتوى العربى على الإنترنت هو أقل من ٣% علماً بأن اللغة الأولى للمحتوى والأكثر انتشاراً وصاحبة النسبة الأعلى هى اللغة الانجليزية بالطبع. الرقم يبدو هزيلاً وهو كذلك بالفعل بيد أنه لا يتناسب أبداً مع كل ما أشرنا إليه من تاريخ تلك اللغة التى أنزل الله بها كتابه الكريم أو تاريخ وحاضر المتحدثين بها من أبناء الوطن العربى حول العالم. وتتفاقم المشكلة وتتعقد أكثر إذا علمن أنها لا تنحصر فى هذا الكم الضئيل من المحتوى ولكنها تمتد لتشمل الكيف لهذا المحتوى كذلك، فالغالبية من المحتوى العربى الحالى على الإنترنت تندرج تحت ما يمكن تسميته بالمحتوى الفنى والأدبى من مختلف الفنون والآداب وهى فى الوقت ذاته بعيده إلى حد كبير عن المحتوى العلمى الذى تذخر به الإنترنت من مختلف اللغات الأخرى. نعم إن نسبة المحتوى العلمى العربى لا يكاد يذكر.

    وإذا ما حاولنا دراسة أسباب ذلك القصور سنجد أنه فى معظمه يعود إلى تقاعس المتحدثين بالعربية عن رقمنة المحتوى الخاص بهم وضخه عبر شبكة الإنترنت فى صورة متاحة للمتلقى الباحث عن المحتوى المكتوب بتلك اللغة. ولعلنا بحاجة إلى أن نتذكر معاً فى هذا السياق أن نسبة المحتوى الخاص بكل لغة أو أمة على الإنترنت وقيمة هذا المحتوى وتأثيره كل ذلك يصب بشكل مباشر فى مدى أهمية تلك الأمة وما تحظى به من مهابة واحترام بين غيرها من الأمم فى العالم ، وهو ما يؤكد أننا بحاجة ماسة وحقيقية إلى زيادة تلك النسبة الضعيفة من المحتوى كماً وكيفاً وفى أقرب وقت ممكن ومهما تكلف الأمر، وهذا هو مسؤوليتنا جميعاً من المتحدثين بتلك اللغة العظيمة.

    ولا غنى لنا عن تبنى المبادرات وبذل الجهود نحو المزيد والمزيد من الرقمنة للمحتوى العربى المقروء والمسموع والمرئى وضخه عبر شبكة الإنترنت بمختلف التقنيات وذلك إلى جانب توفير ما يلزم هذه الرقمنة من عمليات فهرسة تتيح للباحث عن هذا المحتوى أن يصل إلى ما يحتاجه منه عبر محركات البحث المختلفة. ومما لا شك فيه أن تضافر الجهود واتحادها بين أبناء الدول المختلفة للوطن العربى عن طريق توسيع نطاق المبادرات الهادفة لرقمنة المحتوى لتشمل كل أقطار الوطن العربى سيكون له أفضل التأثير على سرعة عملية الرقمنة ووضوح تأثيرها على قيمة المحتوى العربى المراد زيادته على شبكة الإنترنت. والأمر وإن بد سهلا إلا أنه ليس كذلك فقد تأخرنا وقتاً طويلاً تراكم فيه هذا العمل الكبير فوق أكتافنا إلا إننا دائماً ما نردد معاً ما تأخر من بدأ فهيا بنا نبدأ.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن