الفيسبوك .. تخصيص رسالة تسويقية " 3-3 "

  •    بقلم /محمد حنفى

    تحدثنا الاسبوع الماضى ، فى نفس هذا المكان ، عن الأسلوب الذى تم استخدامه في حملة ترامب على موقع "الفبسبوك "والذى اعتمد على ثلاث محاور الاول تحديد الشخصيات ذات الصفات المراد استهدافها ، ثانيا ايجاد العلاقة Correlation بين صفات الشخصيات والمتاح من بيانات لهم على الفيسبوك ثالثا فإذا تم ايجاد تلك العلاقة يمكن استخدام الفيسبوك فى الاستهداف المتقدم .

    وسيتضح لنا هذا الاسلوب من خلال ثلاث تجارب التجربة الأولى قام بها الدكتور ديفيد ستلويل - نائب مدير مركز القياسات النفسية في جامعة كامبردج - هو والفريق البحثى ويعد هذا المركز أقدم وأهم المراكز فى القياسات النفسية في العالم.

     ابتكر ديفيد  تطبيقاً صغيراً اسمه MyPersonality يعمل كتطبيق على الفيسبوك  ليجمع المعلومات التي يتطوع المستخدمين بتقديمها. هذا التطبيق يحوى أسئلة مختلفة متعلقة بالقياس النفسى وهو مجموعة من الأسئلة السيكولوجية المرتبطة باختبار «الخمسة الكبار» الـ«Big Five» ، وهذا الاختبار عبارة عن تجمع هرمى لأبرز سمات الشخصية للإنسان وهي الانفتاح، والإجتماعية، والتوافق، والاضطراب (أو القلق)، والضمير أو الوعي. وكل عنصر من العناصر الخمس تحته مجموعة أخرى من السمات الشخصية. كان يتصور ديفيد أن هذا الاستبيان سوف يستكمله فقط زملاء الجامعة لأنه استبيان شديد التعقيد والخصوصية، ولكن المفاجأة أن هذا الاستبيان استكمله 6 مليون شخص وسمح منهم 4 مليون شخص بالحصول على البروفايل الشخصى على الفيسبوك بما يحويه من تفاعلات من إعجاب أو مشاركة، فأصبح لدى مركز كمبريدج للقياسات النفسية ثروة من البيانات، استطاع من تحليل البيانات أن يجدوا علاقة بين السمات الشخصية والبروفايل الشخصى على الفيسبوك، فيمكن استنتاج من البروفايل الشخصي على الفيسبوك إذا كان الشخص طموح أو إذا كان منطوى أو مدى ذكاؤه، ديانته، انتماؤه، وعلاقته بالكحول والسجائر والمخدرات أو حتى إذا كان أبواه منفصلان والعديد والعديد من الصفات، بل إن الأمر وصل إلى مستويات مذهلة، ففى عام 2012 من خلال دراسات علمية استطاع أن يثبت بالدليل أنه بفحص متوسط 68 «إعجاب» على الفيسبوك لأحد المستخدمين، يمكن التنبؤ بعرق الشخص (بنسبة دقة تصل إلى 95%)، وتوجهه الجنسى (بنسبة دقة 88%)، وانتماؤه الحزبى (بنسبة 85%)..

    ودراسة أخرى أثبت المركز من خلالها أنه بدراسة «عشرة إعجابات» فقط على الفيسبوك يمكن معرفة شخص وتقييمه بصورة أدق من معرفة زميله في العمل له، أما « 70 إعجاب» فهى كافية لتقييم الشخص بشكل أدق من تقييم أصدقاؤه له، «150 إعجاب» تقييم أفضل من والدى الشخص له، و«300 إعجاب» معرفة أكثر مما يعرفه الأزواج عن بعض. والمزيد من «الإعجابات» تتجاوز في بعض الأحيان ما يظن الشخص أنه يعرفه عن نفسه، جزء كبير من الأبحاث والبيانات متاح على شبكة الانترنت وجزء آخر متاح للدارسين عند التواصل مع المركز.

    التجربة الثانية قام بها كاتب هذا المقال المهندس محمد حنفى، استخدم نفس الأسلوب فى تحديد درجة تأثير ونفوذ الأشخاص على شبكات التواصل الاجتماعى اعتماداً على البروفايل الشخصي  والطريقة موضحة فى ورقة بحثية تم نشرها فى سنة 2016 فى مؤتمر تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى حياتنا فى كلية التجارة جامعة الاسكندرية.

    الطريقة الثالثة هى التى استخدمتها شركة »كامبريدج أنالاتيكا« من خلال استخدم تطبيق آخر اسمه ThisIsYourDigitalLife  هذا التطبيق قام بتنزيله 270 ألف مستخدم ولكن التطبيق كان له صلاحية للوصول لبيانات الأصدقاء فبذلك وصل تقريبا 50 مليون مستخدم.

     كما كشف  ألكسندر جيمس أشبورنر نيكس، رئيس مجلس إدارة شركة «كامبريدج أنالاتيكا» فى قمة كنكورديا عن قدرات الاختبارات النفسية في العملية الانتخابية، وشركة «كامبريدج أنالاتيكا» استخدمتها منذ سنة ونصف، مع السيناتور تيد كروز الذى كان أقل المرشحين شعبية، وقال بشكل واضح خلال القمة أن الاستهداف يعتمد على القياس النفسي اعتماداً على مقياس استبيان الخمسة الكبار. كما أكد نيكس أن الحملة استخدمت 175 ألف تنويعة إعلانية مختلفة فى يوم المناظرة الرئاسية الثالثة بين ترامب وكلينتون، لتخصيص كل تنويعة لفئة محددة من الجمهور اعتماداً على الاستهاف النفسى.

    وبذلك ما تم إثارته الأسبوع الماضى فى القناة البريطانية الرابعة كان معلوم مسبقاً وتناقلته أكبر وسائل الاعلام منذ فوز ترامب، ولا علاقه له بتسريب معلومات أو اختراق أو بيع الفيسبوك لتلك البيانات، ولا أعلم لماذا كل هذه الضجة الآن!!!

    على الجانب الآخر استغل الفيسبوك الحدث وبدأ فى تقليص صلاحيات المعلنين ومطوري التطبيقات فمثلاً Custom Audience   والتىي كان يستخدمها المسوقين فى دراسة شريحة محدده من العملاء تم حجبها، أيضا سيتم حذف التطبيق الذى لا يستخدمه المستخدم أكثر من شهرين، مع تقليل صلاحيات تطبيقات وإمكانية وصولها إلى بيانات المستخدمين، وتلك ستكون كارثة للعديد من المشاريع القائمة على تطبيقات الفيسبوك.

    وضح لنا جميعا أن الفيسبوك يعد أكبر قاعدة بيانات شخصية فى العالم تجمع كل صغيرة وكبير عنا، ومنها يمكن استنتاج كم هائل من المعلومات عن كل شخص فينا، وكل يوم يتوحش أكثر الفيسبوك ويبدأ فى الاستغناء عن شركاؤه من مطوري التطبيقات.
    وفى النهاية لا مناص من وجود استراتيجه قوية تعزز وتعظم من قدرات التسويق الرقمى ومنها قدرات الفيسبوك المتاحة لنا واستخدامه فى النمو والتطوير فهى مذهلة وعظيمة، ويكون لتلك الاستراتيجية محور هام فى التوعية على الجانب المخيف لوحش المعلومات وكيف تستغل المعلومات ضد الأفراد والمجتمعات والدول فهذا الجانب مرعب ومخيف.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن