روبن والأسرار الأربعة

  •        بقلم : د . ياسر بهاء

     

    "لقد ساعدتني أربع ممارسات على جني ثروتي المالية؛ ولذا سأهديكم إياها: الترقب الإيجابي، والإيمان الفعال، والامتنان المتنامي، وتقديم القيمة القصوى" هكذا تحدث روبن شارما (أهم المتحدثين في التطوير الذاتي والقيادة) على لسان أحد أبطال كتابه (نادي الخامسة صباحاً) والذي سنتعرض لمحتواه في أحد المقالات القادمة ولكن هذا المقال سأتناول فيه بعض الأفكار والمعاني التي توضح تلك الأسرار الأربعة التي يؤمن روبن شارما بها كأهم أسباب تحقيق النجاح والحرية المالية.

     

    أولاً: الترقب الإيجابي

    ويُقصد به التوقع الدائم بقدوم المال بانتظام ومن مصادر غير متوقعة على الإطلاق ويمكن تعميم المفهوم ليشمل توقع الخير أياً كانت صورته المالية أو المادية أو النفسية أو أي مكتسبات وذلك تصديقاً للحديث القدسي الذي حثنا فيه الله على حُسن الظن به فإن ما يظنه العبد من توفيق الله أو عدم توفيقه يتحقق له. ومن هنا نؤكد على أن الإيجابية في التفكير والأمل في أيام قادمة أفضل مهما نتعرض له من مشاكل أو تحديات هو ليس فقط من أصل الدين ولكن يتم تأييده من قبل كل من يبحث عن حياة أفضل وسعادة مستدامة بصورها المختلفة.

     

    ثانياً الإيمان الفعال

    ويُقصد به الإيمان الذي يتجلى حينما نتصرف بطريقة نُظهر بها للحياة أننا على ثقة بوفرتها وعطائها حيث إنه كما قال روبن شارما أن العالم يعشق الأفعال الدالة على الإنفاق والثراء مثل أن تدفع مقابل عشاء تناولته مع أصدقائك في مطعم فاخر حينما لا تكون في حال ميسورة للقيام بذلك أو شراء الأدوات التي تحتاج إليها لتطور من مهنتك في حين أن لديك القليل من المال أو أن تعطي أحد العمال أو المحتاجين أكثر مما يستحق كتقدير له على فعل قام به أو أن تجزل العطاء لمن يحتاج أو أن تترك ما تبقى من نقود عن المحاسبة على بعض المشتريات بعكس ما اعتدت عليه سابقاً.  وهنا لا يقترح روبن الإسراف أو التبذير أو عدم التعقل في الإنفاق حيث إن الإنفاق الزائد هو قوة مدمرة في حضارتنا اليوم ولكن فقط إظهار للطبيعة وقبلها للذات أننا نعلم أن الخير قادم ونقوم بأفعال تجعلنا نؤكد هذه المشاعر والتي أيضاً يحث عليها العديد من التعاليم الدينية بأن نتخلى عن شعور أن ما نتبرع به للآخرين قد يكون سبباً في تآكل ما لدينا من أموال وكما حثنا رسول الله ألا نخاف من إخراج الصدقات بقوله "ما نَقص مالٌ من صدقة" أو كما قال.

     

    ثالثاً الامتنان المتنامي

    وهنا نتحدث عن تغذية مشاعر الامتنان لكل ما نمتلك من مال وصحة وأقارب وأولاد وأن تستمتع بالهواء ونرى الشمس والقمر كآيات ومعجزات لقدرة الله ونرى الزهور والبحار والأنهار كنعم من الله وأن نحمد الله على نعمة النوم والاستيقاظ والأكل والشرب والمنزل والوطن وأن نرى كل ما يحدث لنا خير وما لا يحدث لنا أيضاً خير فإن اختيار الله كله خير وكلما شعرنا بتلك المشاعر والامتنان لكل ما ومن حولنا كلما زادت تلك المشاعر ونستمتع بمشاعر الرضا والسعادة بالقليل قبل الكثير. وليس أصدق من ذلك أن أول آية بعد البسملة في فاتحة الكتاب هي "الحمد لله رب العالمين".

     

    رابعاً القيمة القصوى

    هذه الممارسة بشكل خاص لا يقوم بها الكثير لعدم الاعتقاد بفعاليتها حيث إنها تحثنا على بذل العطاء للآخرين بسخاء سواء في العمل أو أفراد العائلة أو حتى الغرباء بقدر هائل يصل لمرحلة أن يتعجب من يراك من هذا العطاء الجزيل الذي قد يكون في ساعات عمل أكثر مما هو مطلوب أو تقديم قيمة أكثر مما يتوقعه منك الطرف الآخر أو إعطاء خصومات على بعض المبيعات حتى بعد الاتفاق على سعر البيع أو الكرم في تقدير الآخرين بمعنى أن تعطي أكثر مما تأخذ لأننا في النهاية سنحصد ما نزرع وما أكثر القصص التي تتحدث عن العطاء الذي يبذله بعض الأشخاص لمن يستحق ولمن لا يستحق وتكون النتيجة غالباً من جنس العمل وهي العطاء الجزيل من الله في صور مختلفة من صحة جيدة أو عمل شريف أو بركة في الرزق والأولاد أو غيرها من الهبات التي يهبها الله لكل من أعطى بقدر ما يستطيع بغير انتظار لجزاء أو ثواب إلا من الله فقد وعدنا الله بمضاعفة الحسنات وبالتالي كلما ضاعفنا العطاء والقيمة في كل ما نقدمه من أفعال وأقوال دون انتظار لمقابل كلما كان الثواب والمنح الإلهية أكبر وأكثر.

    ومن هنا نستطيع أن نؤكد أن المعتقدات الإيجابية والتعامل مع الحياة من منظور الوفرة والخير الكثير الذي يكفي الجميع مصحوباً بالامتنان لكل ما نحصل عليه وما نراه مع تقديم أقصى ما يمكن تقديمه من مجهود وعطاء لكل من نتعامل معهم فإن كم الرضا والسعادة لن يمكن تصورها فعلينا جميعاً أن نبدأ ونبادر بكل خير مهما كانت الظروف فإن المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأختم المقال بحديث رائع عن حكيم بن حزام أن النبي قال (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله).

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن