الحياة الطيبة " 2- 7 "

  •      بقلم : ياسر بهاء

    سنتعرض فى هذه المقال ، ضمن سلسلة مقالات بعنوان " الحية الطيبة " ، كيفية بناء العادات السليمة وأيضاً التخلص من السيء منها....

    اذ كي تصل إلى تلك المرحلة من ردة الفعل الصحيحة بدون أدنى تفكير مثل أي عادة أخرى كغسيل اليدين بعد تناول الطعام والتي لا تحتاج لأي مجهود أو تفكير للقيام بها فعلينا البناء السليم لتلك العادة الصحيحة والتخلص أيضاً من تلك العادة الضارة في أقرب وقت.

    الأفعال التلقائية تقلل كثيراً نسبة كسر الوعود التي قد تسعى للوصول إليها والتي يعاني منها الكثير منا وللتأكد من ذلك فقط عليك أن تتذكر أنت أو أي شخص آخر قد قام بإعداد قائمة أهداف السنة الجديدة والتي غالباً ما تنتهي السنة ومعظم تلك الأهداف إن لم تكن جميعها ما زالت قيد الأحلام!

    السؤال الآن هو كيف نتعلم بناء تلك الأفعال التلقائية؟ الكثير من الأبحاث ذكرت أن بناء العادات قد يتطلب من 18 حتى 254 يوم ولكن بشكل متوسط فإن بناء سلوك جديد يصل إلى 66 يوم حتى نصل إلى مرحلة يكون فيها التوقف عن تلك العادة أصعب من الاستمرار فيها.

    تشارلز دوهيج مؤلف كتاب قوة العادات قام بتقسيم العادة إلى ثلاثة مراحل وهي المحفز، السلوك، والمكافأة بحيث أن العقل يتبع تسلسل بسيط بحيث يدفعك للقيام بسلوك ما عند حدوث موقف معين وبدون تفكير أو درجة محدودة جداً من الوعي وذلك للحصول على شعور أو مكافأة ما فمثلاً الشخص المدخن يربط أحياناً التدخين (السلوك) بالانتهاء من وجبة الإفطار مثلاً (المحفز) وذلك للحصول على المتعة والانتشاء من انتشار النيكوتين في الدم (المكافأة). مثال آخر فعندما يقدم لك أحدهم قطعة من الشيكولاتة (المحفز) فقد لا تتردد في أكلها (السلوك) لتحصل على الطعم اللذيذ (المكافأة).

    الأخبار الجيدة هنا أنه بنفس الطريقة يمكن التخلص من عادات سلبية سيئة واستبدالها بأخرى جديدة ومفيدة وتلقائية. فعلى سبيل المثال يمكن استبدال قطعة الشيكولاتة بثمرة تفاح وذلك للحصول عىل نفس المكافأة وهي الاستمتاع بالطعم. سيكون الأمر في بدايته صعباً وهذا هو الوقت الأهم الذي نحتاج فيه إلى مهارة الانضباط الذاتي أكثر من أي وقت آخر.

    بمجرد تكرار نفس السلوك الجديد عدة مرات كلما كان أكثر سهولة وأقل جهداً وألماً وبعد فترة من الوقت ستلتقط ثمرة فاكهة بدلاً من الشيكولاتة حتى وإن كانا جنباً إلى جنب. تطوير وبناء عادة جديدة هو حجر الأساس في مهارة الانضباط الذاتي.

    ولكن هناك طريقة أفضل من بناء عادة واحدة فقط لمدة طويلة ثم البدء في بناء عادة أخرى وهي البدء بالعادات الإيجابية المؤثرة والتي تحدث عنها أيضاً تشارلز دوهيج وأطلق عليها الأنماط التي تؤثر على التحول للأفضل في عدة جوانب مختلفة من الحياة. وكما أوضح دوهيج أن من أهم العادات التي لها تأثير كبير على جوانب الحياة المختلفة بشكل إيجابي هي الانتظام في ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية حيث أنها تؤثر على تقليل تناول الطعام وتجنب التدخين وأيضاً تقليل مشاعر الغضب والقلق والخوف وقلة التركيز وغيرها من النتائج الإيجابية التي تحدث فقط عن طريق تغيير بسيط مستدام وهو ممارسة الأنشطة الرياضية بشكل دوري ومستمر مما لا يساعد فقط على تبني عادات صحية جديدة ولكن قلة المقاومة لتلك السلوكيات الجديدة أيضاً. لك أن تتخيل بمجرد الالتزام الذاتي بممارسة الرياضة يومياً ما هي العادات الصحية في الأكل والنوم والمشاعر الإيجابية من امتنان ورضا ورغبة في زيادة الإنتاجية والنظرة الإيجابية وزيادة القدرة على مواجهة تحديات الحياة اللانهائية وبالتالي ستزداد المقاومة للرجوع إلى العادات القديمة غير الصحية من جانب وستزداد أيضاً الرغبة في إضافة عادات إيجابية جديدة بشكل أكبر والانضمام لقائمة السلوكيات الجديدة الأخرى من جانب آخر.

    من العادات الأخرى التي تتبعها عادات جيدة أخرى هو كتابة كل ما يأكله الفرد خلال اليوم وبالتالي متابعة ما يجب تناوله وما لا يجب حيث أظهرت الدراسات أن تلك العادة تساعد على خفض كمية الطعام اليومية وأيضاً زيادة جودة الأطعمة بما يتناسب مع السلوكيات الصحية السليمة عن طريق متابعة تأثير تلك الأطعمة على السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم والتي تزيد عن حاجته وبالتالي اتخاذ القرارات السليمة وفقاً لما تم تسجيله خلال اليوم وبالتالي خسارة الوزن أو المحافظة عليه بل وزيادة الكتلة العضلية في الجسم أيضاً.

    لا تقتصر تلك العادات على المثالين السابقين ولكن لدى كل فرد العديد من العادات التي يمكن أن يكون لها تأثير على جودة وسرعة تبني السلوكيات الجيدة الأخرى والتخلي عما هو سلبي من عادات قديمة معرقلة منذ فترات طويلة ومن تلك العادات المؤثرة أيضاً التأمل واليوجا والتي لديها أكثر من عشرين فائدة مثبتة علمياً تؤثر على جوانب مختلفة في الحياة. أيضاً الاستيقاظ مبكراً حتى لو خمسة عشر دقيقة قبل الموعد المعتاد مما سيؤثر بشكل كبير على تقليل القلق الصباحي وأيضاً الهدوء وعدم التسرع في أداء المهام الصباحية والاستمتاع ببداية يوم خالية من التوتر والغضب.

    ممارسة أي سلوك أو فعل جديد يومياً بعيداً عن منطقة الراحة يساعد على تجديد المشاعر والطاقة ومواجهة المخاوف بشكل أقوى. أيضاً الادخار يساعد على زيادة الشعور بالاطمئنان المالي وتقليل شعور القلق الخاص بالنقص المالي مع مرور الزمن مما ينعكس على جوانب الحياة المختلفة. أخيراً وليس آخراً، ممارسة عادة الامتنان والتي أثبتت الدراسات أن مجرد كتابة ثلاثة أشياء كانت جيدة خلال اليوم ويشعر الفرد بسببها بالامتنان، يساعد ذلك على زيادة السعادة بشكل مباشر وعميق.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن