المحافظات ...وتحفيز التنمية التكنولوجية

  •     بقلم : خالد حسن

    نتفق على تزايد أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية التنمية الاقتصادية وزيادة الناتج المحلي وجذب استثمارات مالية جديدة " سواء محلية أو أجنبية " بجانب قدرته على تحقيق الآلاف من فرص العمل للكوادر البشرية المؤهلة بما يسمح بتحسين مستوى معيشة قاعدة كبيرة من الشباب .

    إلا أن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الكثير من طلابنا في كليات الهندسة والحاسبات بالجامعات في المحافظات ، خارج القاهرة والإسكندرية ، ما فرصهم للاستفادة من كل البرامج التكنولوجية ، سواء تدريبا أم تمويلا أم دعما ماليا أم _حتى _ دعما فنيا ، وعلى مدار السنوات العشر الماضية قامت جريدة " عالم رقمي " ، من خلال مبادرتها " الإبداع .. طريقك للنجاح " ،  بجولات وسلسلة من الندوات في مختلف كليات الهندسة والحاسبات بالجامعات في محافظات مصر للبحث عن كيفية توظيف تكنولوجيا وثورة الاتصالات في تحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية في هذه المجتمعات وكذلك رسم ملامح الاستعداد التكنولوجي بها وآفاق تفاعله مع قطاع التكنولوجيا وإقامة جسور من التواصل بين الطلبة وشركات التكنولوجيا والاتصالات بما يساهم في بناء مجتمع المعلومات بهذه المحافظات ، وأستطيع أن أؤكد أن غالبية المحافظات _ التي شملتها جولاتنا _ ما زالت تمثل كنزا لم يُكتشف بعد، لما تتضمنه من كوادر بشرية قادرة على تحقيق طفرة حقيقية في مجال التنمية التكنولوجية .

    وبالطبع فإن الإقبال والحضور المكثف من جانب الطلبة ، على ندوات المبادرة ، يؤكد أنه حان الوقت لتأخذ جميع المحافظات حقها من الاهتمام لتوفير البنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات وضرورة تكاتف الجهود ، الحكومية والمدنية والخاصة ، لزيادة الوعي المعلوماتي في تلك المحافظات إذ تؤكد المؤشرات أنه سيكون هناك مردود إيجابي من وراء تشجيع التنمية التكنولوجية في هذه المناطق .

    ولعل ما أعلنه المهندس الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مؤخرا عن خطة الوزارة لاقامة عدد 7  مجتمعات للإبداع التكنولوجي فى 7جامعات مصرية وجميعها خارج القاهرة الكبرى موضحا ان الهدف من هذه المجتمعات هو توفير بيئة عمل ابداعية تسعد الطلاب ، من اصحاب الافكار الابتكارية ، على تنفيذ افكارهم وتطوير حلول تطبيقية جديدة للعديد من المشاكل المجتمعية الموجودة فى المحافظات والعمل على تقديم المساعدات الفنية والتدريب التكنولوجى للطلاب كما تهدف إلى الوصول لأكبر شريحة من الشباب لتنمية مهاراتهم، ودعم مبادرات الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال باستخدام تكنولوجيا المعلومات

    ومن ثمة نرى أن تنمية المحافظات ، والعمل على معالجة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها ، فإن قطاع الاتصالات والتكنولوجيا يمكن أن يكون له دور إيجابي وملموس في تقديم بعض الحلول الجدية والمناسبة للظروف والمقومات الإنتاجية المتوافرة في هذه المحافظات وعلى رأسها الكوادر البشرية الرخيصة " من خريجي الجامعات والمعاهد العليا " من خلال بحث إمكانية إقامة ونشر مراكز الاتصالات في كل المحافظات بما يتيح فرصة العمل لأبنائها .

    كذلك من المهم البحث عن الحوافز المطلوبة لتشجيع شركات البرمجيات للذهاب للمحافظات _ كأن يتم دعم 50 % من أجور العاملين أو منح إعفاء ضريبي لكل فرصة عمل جديدة " والعمل على التعرف على المشكلات التي يواجهها المجتمع هناك مع تشجيع الشباب والمشروعات التكنولوجية الصغيرة بالمحافظات على تقديم حلول تكنولوجية مبتكرة تتناسب مع احتياجات مجتمعهم المحلي سواء على مستوى الخدمات في مجال تقديم التعليم أو الصحة أو البنوك أو على مستوى القطاع والمؤسسات الصناعية والتجارية – وهذا ما نأمله من خلال سلسلة الندوات التي ننظمها بالتعاون مع مجموعة من شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكليات الهندسة والحاسبات في المحافظات  .

    ننوه أيضا أن الغياب _ شبه التام _ لشركات المعلومات ومراكز التدريب المعتمدة المتخصصة في مجال التكنولوجيا في جميع المحافظات " خارج القاهرة والإسكندرية " إذ تلاحظ ندرة الشركات العاملة في مجال تطوير حلول تكنولوجية وكذلك مراكز التدريب المعتمدة من الشركات العالمية ومن ثمة نطالب هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ، وتحديدا مبادرة "إيتاك" ، بضرورة إعادة النظر في برامج التدريب التي تمنح للطلبة ، ومنح المحافظات اهتماما متزايدا مع بحث تشجيع الشركات العالمية والمحلية للتكنولوجيا للمشاركة في مبادرة تدريب الطلبة أو إرسال مدربين متخصصين ، من شركات التكنولوجيا ، لتدريب الطلبة في جامعاتهم بدلا من الانتقال للقاهرة .

    في تصوري أن " صندوق الخدمة الشاملة "، التابع لوزارة الاتصالات ، يفترض أن يكون دوره هو توفير خدمات البنية التكنولوجية والإنترنت والاتصالات لجميع المواطنين وخاصة محدودي الدخل منهم بأنسب الأسعار " على أساس مبدأ المساواة في حق الحصول على خدمات الاتصالات " كذلك لا يجب أن ينحصر دور هذا الصندوق على مجرد تحسين خدمات الاتصالات الحالية فقط وإنما تطوير نوعية الخدمات التي يمكن تقديمها مثل تقنيات الإنترنت اللاسلكية سواء اعتمادا على تقنية " الواي ماكس " وتلبية احتياجات المستخدمين من تلك الخدمات لاسيما أن التوجه العالمي نحو مزيد من الاعتماد على التقنيات اللاسلكية لمنح مزيد من المرونة للمؤسسات والأفراد في تحسين إنتاجيتهم وزيادة الأداء   .

    أعتقد أيضا أنه من المهم أن يمتد دور الصندوق للتوسع في مجال توفير أجهزة الكمبيوتر في المحافظات كأحد أهم الأساسيات اللازمة لتفعيل مبادرة مجتمع المعلومات المصري ونشر خدمات الحكومة الإلكترونية على مستوى القرى والنجوع وليس المدن الرئيسية فقط ، كذلك نأمل أن يكون للصندوق دور إيجابي في العمل على تلبية متطلبات التأهيل التكنولوجي إلى ذوي الاحتياجات الخاصة ودراسة كيف يمكن للتكنولوجيا تقديم يد المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى للتخفيف عن آلامهم والسماح لتلك الفئة من أبناء المجتمع والاستفادة منهم .

    نؤكد أن الوعي المعلوماتي في جميع المحافظات لا يقل كثيرا عن محافظتي القاهرة والإسكندرية الأمر الذي يتطلب إعادة توزيع اهتمام واستثمارات العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات لتحظى جميع المحافظات بحقها المشروع من التنمية التكنولوجية .

    في النهاية لا يسعني إلا أن أقوم بتوجيه الشكر لكل من شاركنا الحلم والهدف ، لبناء المجتمع المعلوماتي بالمحافظات واكتشاف الإمكانات البشرية والإبداعية بها ، وساعدنا في استمرار مبادراتنا للعام الخامس على التوالي سواء بالدعم المالي أو الفني أو ممثلين كمتحدثين في الندوات أو شركات قدمت دورات تدريبية أو هدايا رمزية للطلبة ونؤكد أن الحديث عن المسئولية المتجمعة تجاه أبناء الوطن ليست مجرد حديث للتفاخر وإنما واجب يجب أن نقدمه جميعا لرفعة ونهضة الوطن .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن