نبضات
بقلم : خالد حسن
يعد " سنترال رمسيس " ، أحد أقدم السنترالات في مصر وواحد من ثلاث مراكز توجيه أساسية (Core Routing Nodes) للشبكة في القاهرة الكبرى حيث تعتمد عليه جميع شركات الاتصالات كبوابة بين الشبكة المحلية والدولية ، وتسبب اندلاع الحريق فى مبنى السنترال لوقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة، حيث أدى إلى وفاة أربعة من الموظفين وإصابة العشرات، بالإضافة لتدمير أجزاء حيوية من المبنى.
عن الأسباب المحتملة للحريق كشف الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات انه وفقا للفحص المبدئي فأن الحريق قد يكون ناجمًا عن ماس كهربائي، ولكن خبراء المعمل الجنائي ما زالوا يجمعون الأدلة لتحديد السبب النهائي بدقة. امتدت النيران بسرعة عبر مواسير كابلات الكهرباء، ورغم وجود أنظمة إطفاء ذاتية، إلا أن شدة الحريق حالت دون إخماده بسرعة.
وبالطبع امتد تأثير أزمة حريق السنترال الى عدد من الخدمات وعلى رأسهما " انقطاع وتباطؤ خدمات الاتصالات والإنترنت " اذ تسبب الحريق في تأثر واسع لخدمات الاتصالات والإنترنت في القاهرة وبعض المحافظات الأخرى، نظرًا لأن سنترال رمسيس يُعد نقطة مركزية تخرج منه كابلات فايبر تغطي العديد من المدن.
كذلك تأثرت " الخدمات البنكية والدفع الإلكتروني" توقفت خدمات المدفوعات الإلكترونية وتعطلت التحويلات البنكية وأجهزة الصراف الآلي بشكل كامل في بعض الفروع، وذلك لاعتمادها على خوادم مركزية تتطلب اتصالاً ثابتًا بالإنترنت علاوة على تعطيل خدمات الطوارئ: تأثرت خدمات الاتصال بالطوارئ، مما استدعى إعلان وزارة الصحة أرقامًا بديلة للتواصل مع الإسعاف واخيرا وقف التدوال فى "البورصة المصرية " حيث تم تعليق التعاملات لضمان تكافؤ الفرص بين المتعاملين بسبب تأثر خدماتها.
من المهم جدا ان نعلم ان جميع الدول عرضه لحدوث أزمات فى كافة القطاعات ، وتؤدي لانقطاع الخدمات ولكن المهم هو القدرة على التعامل بكفاءة وسرعة مع هذه الازمة لاستعادة الخدمات وتقليل الخسائر لكافة المستخدمين وذلك يعتمد على مدى امتلاكنا القدرات الفنية والبشرية المؤهله والمدربة على كيفية التعامل مع اي أزمة وبالتالي اتخاذها كافة التدابير الاستباقية واهمها هنا اختبار تشغيل ال" Disaster Recovery " للتأكد من إمكانية استعادة الخدمة فى أسرع وقت لنقل البيانات وتشغيلها بكفاءة من الاماكن البديلة ...
الا انه من واقع التواصل مع العاملين فى قطاع الاتصالات، وخاصة " المصرية للاتصالات " فإنها تمتلك العديد من الأماكن ، غلي الاقل 3 سنترالات مركزية بالقاهرة الكبري " والتى تمكنها من استعادة الخدمة وتشغيلها وهذا ما اكدته الشركة فى بيانها الاول الذى اصدرته ثانى يوم حدوث الأزمة ولكن مركزية "سنترال رمسيس " تضع امامنا الكثير من التحديات ..
وبالطبع من الدلائل المهمة على عدم انهيار خدمة الإنترنت والاتصالات بصورة تامة، فى القاهرة الكبري ، هو ان غالبية المستخدمين لم يتأثروا بصورة كبيرة باثار الحريق سنترال رمسيس وظلت الخدمة متاحة بمستويات متفاوته وفقا للمكان الجغرافى.
من المهم أن نعترف ان هناك أزمة ، وهذا ما حدث بالفعل من جانب كل من " الجهاز القومى للاتصالات " و" المصرية للاتصالات " وعلينا التعامل معها بمنتهى السرعة وأكرر السرعة والكفاءة في نفس الوقت لان قطاع الاتصالات والإنترنت يمس حياة كل المصريين تقريبا وملايين الشركات وان اى وقف للخدمة يعنى تفاقم الخسائر المالية للاقتصاد القومي ..
وحرص الجهات المعنية بالأزمة على رأسها وزير الاتصالات ، الذى تواجد بالفعل امام السنترال بعد اندلاع الحريق بساعات قليل بعد قطع زيارة العمل باللخارج ، علي إطلاع المستخدمين على كافة التطورات وشرح الحقائق وكيفية التعامل مع متغيرات الأزمة حتى لا نعطى مجال للشائعات والكلام المغلوط وممارسة البعض لهواية جلد الذات والنقد السلبى وتحطيم انفسنا وكأن الكوادر المصرية فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تمتلك اى إمكانيات او خبرات والتى تمتد لعدة عقود من الزمن بل وتقود عملية تطوير قطاع الاتصالات فى العديد من دول العالم ..
والسؤال المنطقى الأن أو المطالب المشروعة هو كيف يمكن تجنب تكرار هذا الحريق في المستقبل؟
ووفقا لتوصيات الخبراء المتخصصين تتطلب الوقاية من عدم تكرار مثل هذه الحوادث في السنترالات ومراكز البيانات الحيوية اتخاذ إجراءات وقائية شاملة وصارمة، اتخاذ عدد من الأجراءات منها:
- " صيانة دورية ومنتظمة " لفحص الأسلاك الكهربائية والتمديدات: التأكد من سلامتها وإصلاح أي تلف أو أسلاك مكشوفة بشكل فوري.
- " مراجعة الأحمال الكهربائية " : التأكد من أن الدوائر الكهربائية لا تُحمل فوق طاقتها القصوى.
- "صيانة الآلات والمعدات ": إجراء فحص دوري للمعدات للكشف عن أي خلل محتمل قد يكون مصدرًا للحريق.
- "أنظمة إنذار وإطفاء متطورة " : تركيب أجهزة إنذار وكاشف دخان: تركيب أجهزة إنذار حديثة وكاشفات دخان حساسة للكشف المبكر عن أي حريق.
- " أنظمة إطفاء تلقائية " : تزويد جميع صالات الأجهزة بأنظمة إطفاء تلقائية فعالة (مثل أنظمة الرش الآلي أو أنظمة إطفاء الغاز).
- " توفير طفايات حريق يدوية " : وضع طفايات حريق في مواقع استراتيجية يسهل الوصول إليها.
- تخزين آمن للمواد القابلة للاشتعال " : الاحتفاظ بالسوائل سريعة الاشتعال والمواد القابلة للاحتراق في أماكن باردة وجيدة التهوية وبعيدة عن مصادر الحرارة.
- " تخطيط وتصميم المباني " : عزل الطوابق والأقسام: تصميم المبنى بطريقة تسمح بعزل الأقسام المختلفة لمنع انتشار الحريق بسرعة.
- " مخارج طوارئ واضحة وآمنة " : توفير مخارج طوارئ كافية وواضحة مع إرشادات تسهل عملية الإخلاء الآمن والسريع.
- " نظام تهوية مناسب " : توفير نظام تهوية يسمح بتدفق الهواء النقي ويحد من تراكم الدخان والغازات الضارة في حالة الحريق.
- " إضاءة طوارئ " : توفير نظام إضاءة طارئة يعمل تلقائيًا عند انقطاع التيار الكهربائي.
- توزيع مراكز الاتصالات " : لتفادي تأثير أي حريق على البنية التحتية للاتصالات بالكامل، يجب توزيع مراكز الاتصالات جغرافياً (لامركزية) وعدم الاعتماد على مركز واحد رئيسي، أو التوسع في بناء مراكز بيانات حديثة تعمل بأنظمة سحابية لضمان استمرارية الخدمات.
- " التدريب والتوعية " : تدريب الموظفين بانتظام على إجراءات السلامة من الحرائق، وكيفية استخدام طفايات الحريق، وخطط الإخلاء في حالات الطوارئ.
- " الاستجابة السريعة للطوارئ " :وضع خطط طوارئ واضحة ومراجعتها بانتظام، والتأكد من سرعة استجابة فرق الإطفاء والإنقاذ.
نعلم أن كثير من هذه المطالب ربما تكون مطبقة بالفعل فى العديد من المؤسسات ، سواء الحكومية او الخاصة " الا اننا احيانا نتغافل عن أهمية التأكد الدورى والمستمر لفعاليتها والبقاء على أستعداد وجهوزية تامة لمواجهة اى أزمة طارئه هذا بالإضافة إلى هذه الإجراءات، يجب أن يكون هناك جهة داخلية ، بكل مؤسسة ، علاوة على الجهة الرقابية لمراجعة شاملة للوائح والمعايير الخاصة بالسلامة والأمن الصناعي في جميع المنشآت الحيوية لضمان الامتثال الصارم لها، وتحديثها بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية وزيادة الأحمال على الشبكات.
فى النهاية نؤكد أنه من حقنا ان نقيم ونقارن بين قدراتنا على سرعة حل أزمة " حريق سنترال رمسيس " وبين قدرة الكثير من الدول التى تعرضت لنفس هذة الأزمات بعيدا عن ، نغمة بعض المتشائمين ، كل شئ فاشل ومافيش فائدة وأن البلد ماشية على سلك عريان، لو اتفرك شوية، هيولّع وكأننا نريد تحطيم انفسنا فهذا نوع من التقليل ، الغير مقبول مطلقا ، لخبرات وقدرات أبنائنا وكوادرنا البشرية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .