عظماء الإنسانية .. والإرهاب الحقيقي

  •  

     بقلم : خالد حسن

    وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الانعام 68]

    صدق الله العظيم 

    فرغم المحاولات اليائسة من جنب بعض انصاف رجال وسيدات الساسة بالحزب الحاكم الهندي وموتورى العقل للنيل من مكانة أنبياء الله والتطاول عليهم بلا استثناء " تحت راية حرية التعبير " فإننا نتصور أن أخطر ما فى هذه المحاولات أنها تؤكد فقدان هؤلاء لكل ما هو مقدس والمثل الشعبى لدينا يقول " إذا لم تستحى فافعل ما شئت " .

    وإذا كنا نشارك كل شعوب الأرض فى الرفض بشدة مثل هذه التصرفات التي لا تنم إلا عن مجرد كراهية وحقد لدى البعض ممن يدعون حرية الرأي رغم أنهم يتطاولون على حرية غيرهم " وهو قمة التناقض مع الذات " فإن هذه المحاولات تكشف بالفعل عن محدودية الثقافة الدينية بصورة عامة لدى الغالبية العظمى من الغربيين بما أن فيهم من يدعي الثقافة ويتشدق بألفاظها .

    وبالتأكيد فإن محبة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قلوبنا ولا يمكن أن ينال منها مثل هذه الأعمال التافهة، والتي كان من الممكن أن تظل نكرة لا أحد يعلم بها مطلقا وعلينا أن نواجه مثل هذه التصريحات والأفعال " المضللة " بمزيد من التوضيحات " الصادقة الهادفة " التي تؤكد وتوضح الصفات الإنسانية لنبي البشر وخيرهم جميعا وحتى يعلم من أطلق هذه التصريحات مدى الجرم والخطيئة الذي ارتكبه في حق الإنسانية من جراء تزييفه للحقائق وبما يؤكد أن المصريين ، سواء مسلمين أو اقباط ، لديهم عقول لرد الصاع صاعين والجزاء من نفس وجنس العمل .

    حسنا فعل عندما أعرب الأزهر الشريف عن إدانته واستنكاره الشديد لما نشره المتحدث الرسمي باسم حزب بهاراتيا جاناتا في الهند على صفحته على «تويتر» من تطاول وسوء أدب في الحديث عن رسول الله محمد ﷺ وزوجه أم المؤمنين الطاهرة المطهرة السيدة عائشة، وما كشفه كلامه من جهل فاضح بتاريخ الأنبياء والمرسلين وسيرتهم، وكيف أنهم كانوا يمثلون القمم العليا للآداب والفضائل والأخلاق، وأن الله عصمهم من الوقوع في الرذائل وما تكرهه النفوس الطاهرة المستقيمة.

    أكد الأزهر " ما قاله هذا الجاهل المستهتر بعظماء الإنسانية سخفًا من القول الذي يُردِّدُه بين الحين والآخر كل حاقد على الإسلام والمسلمين، فإنه يؤكد في الوقت نفسه أن مثل هذا التصرف هو "الإرهاب" الحقيقي بعينه، الذي يمكن أن يُدخل العالم بأسره في أزمات قاتلة وحروب طاحنة، ومن هنا فإن على المجتمع الدولي أن يتصدَّى بكل حزمٍ وبأس وقوَّة لإيقاف مخاطر هؤلاء العابثين موضحا أن ما يلجأ إليه بعض المسئولين السياسيين مؤخرًا من إساءة للإسلام وإلى نبيه الكريم، نبيِّ العفة والأدب والطهارة، لكسب تأييدِ أصوات في انتخابات الأحزاب، وتهييج مشاعر أتباعهم ضد المسلمين - هو دعوة صريحة للتطرف وبث الكراهية والفتنة بين أتباع الأديان والعقائد المختلفة، وهو أمر لا يصدر إلا من دعاة التطرف وأنصار الكراهية والفتنة؛ وأعداء سياسة الحوار بين أتباع العقائد والحضارات والثقافات المختلفة.

    ومع اعتراضنا التام على محتوى هذه التصريحات للمتحدث باسم الحزب الحاكم الهندي، وأنه لن ينال من مكانة وقدر وحبنا لنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الا انه يجب ننفخ فى النار لنجعل من مطلقي هذه التصريحات شهداء للحرية على غرار سليمان رشدى فى الثمانينيات من القرن الماضي ، عندما أهدرت الثورة الإيرانية دمه ، فمثلا يمكن اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه من قاموا بمثل هذا العمل المسيء وملاحقتهم دوليا وبحث تفعيل قانون ازدراء الاديان وما يقتضيه من عقوبات بعيدا عن المساس بحرية التعبير والرأي .

    نتفق تماما مع حكوماتنا فى اتخاذ كل الإجراءات التي تعبر عن غضبنا من هذه الاعمال ضد رسولنا الكريم وديننا الحنيف ولكن نأمل أيضا ألا يؤدي الانفعال العصبي الى ضياع حقنا أو إضعاف موقف حكوماتنا وعلينا من الآن أن نرسل رسائل إلكترونية تعبر عن أعتراضنا للحكومة الهندية عن هذه التصرفات وكذلك العمل على نشر السيرة العطرة لرسولنا الكريم والتي تعبر عن كرمه وأخلاقه وانسانيته ليس مع البشر فقط ولكل مع الجماد والحيوان والطيور وكل مخلوقات الله .

    وبعيدا عن الحديث الذي يتبناه البعض بأن هناك حربا ثقافية منظمة ضد الإسلام فإننا نتصور أن نشر مثل هذه التصريحات غير المنطقية تثير لغطا كبيرا وتخلط الأوراق بين حرية التعبير واحترام الأديان والبحث عن كيفية تحقيق الموازنة بينهما إلا أن سياسة المقاطعة ليست هى الحل الجذري لضمان عدم تكرار مثل هذه المواقف المعادية للإسلام فى المستقبل. أما تطبيق مبدأ وجادلهم بالتي هى أحسن بمعنى لابد من الاستفادة من هذا الوضع العام داخل الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الأوروبية لإلقاء المزيد من الضوء على الدين الإسلامي وسماحته والمكانة الرفيعة لرسولنا الكريم محمد " صلى الله علية وسلم ".

    حان الوقت لإيجاد مشروع " اسلامى - عربى " لإقامة بوابة إلكترونية ضخمة تتولى ترجمة العديد من أمهات الكتب الإسلامية الشهرية والموثوق فيها والمتفق عليها إلى العديد من لغات العالم وسيكون هذا ابلغ رد عملى وايجابى لمن يريد ويبحث عن الحقيقة . نأمل أن يكون شرف إطلاق مثل هذا المشروع من نصيب الأزهر الشريف بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعديد من المواقع الالكترونية العربية والإسلامية التي تسعى بصدق لتطبيق مبادئ المحبة والسماحة في الدين الإسلامي ورفع شعار التآخي في الله بين جميع البشر وذلك بدلا من أن نترك من يبحث عنا وعن إسلامنا ليعرف عنه المزيد ليقع صيدا سهلا لمقاله صهيونية أو مؤلف يهودي أو مستشرق متعصب .

    في اعتقادي من إحدى الجهود المهتمة بضرورة فتح قنوات للتحاور الإنساني والعقلاني لتوضيح الصورة الحقيقة لأخلاق سيدنا محمد ـ صلى الله علية وسلم ـ الموقع الإلكتروني " www.islamway.com/mohammad " والذي يروي ويحلل سيرة الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعشر لغات عالمية " الناطقة بالفرنسية وباللغه الإيطالية والإسبانية والهولندية والنرويجية والروسية والسويدية الدنماركية وللناطقين باللغة الالمانية  " وسيتم إضافة مجموعة من اللغات فى المستقبل القريب كما يتضمن كتاب يسرد سيرهة رسولنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ   .

    في تصوري أن الحوار مع من ينادى بحرية التعبير  " حتى لو وصل الأمر بالتطاول والاستهزاء بكل المقدسات الدينية والسماوية والتعدي على مشاعر مئات الملايين من المؤمنين بالديانات السماوية وأنبياء الله " هو أفضل وسيلة لكشف الحقائق أمام الرأى العام العالمى لاسيما أننا ننطلق من موقف قوة وإيمان راسخ بالدور العظيم الذى قام به سيدنا محمد ـ صلى الله علية وسلم ـ لإنارة طريق الحق والإيمان للبشرية جميعها ومن ثمة فإن القدرة على مخاطبة الآخرين بلغاتهم  هو أمر بالغ الأهمية لضمان وصول المعلومات بصورتها الصحيحة ومن مصادرها الحقيقية .

    كذلك لماذا لم نفكر فىي إرسال مجموعة من الكتب الإسلامية " باللغة الانجليزية أو الفرنسية" عن شخصية رسولنا الكريم لكل الجرائد والقنوات الأمريكية والأوروبية التى تورطت في هذه القضية لنرى موقفها ونضعها على المحك أمام حرية الرأي والتعبير ونرى ماذا سيكون رد فعلها بعد معرفة الحقيقة.

    في النهاية نؤكد أن فتح قنوات التحاور الإنساني والعقلاني مع الغير ربما يكون في أحيان كثيرة أفضل من بناء الجدران الفاصلة التي لن نجنى من ورائها إلا إشعال وتنامي حالة الكراهية المكتومة في القلوب والمعرضة في أى وقت للانفجار .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن