نبضات الحرب السيبرانية .. ومستقبل العالم

  • بقلم : خالد حسن

     

    استمرارا لحديثنا الذى بدأناه في نفس هذا المكان ، الأسبوع الماضي ، عن دور الحرب السيبرانية في تصاعد الأزمة بين " موسكو وكييف " وأنها باتت احد موازين القوى الاستراتيجية التي يمكن أن تحكم الصراع سريعا لصالح أحد الطرفين فإننا سنركز في الكلمات التالية عن مستقيل العالم في ظل ما نشهده اليوم من حرب إلكترونية بكل الصور، وهل نحن في معزل عنها ؟ أم أننا نعاني بالفعل منها ؟

    في البداية يجب التنويه بأن الحروب السيبرانية أو المعلوماتية بدأت في الظهور ، كفكرة ، في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي وفي العقد التاسع من القرن العشرين بدأنا نرى محاولات حقيقية لبعض الشباب المهووس ، والمدفوع بإثبات الذات واستخلاص قدراته التكنولوجية وامكانياته والتفوق فى التعامل مع الكمبيوتر ، حيث قام شباب باختراق شبكة المعلومات لوزارة الدفاع الأمريكية ومن هنا بدأت تظهر خطورة عمليات الاختراق لشبكات المعلومات واستغلال البيانات التي تتيحها ضد مصلحة الدولة وأصبحت بيانات شبكات المعلومات بمثابة قضية أمن قومي للدول التي اعتمدت استراتيجية مستقبلية لاستخدام شبكات المعلومات فى كل المجالات والقطاعات .

    ومع دخولنا إلى القرن الحادي والعشرين تحولت عملية اختراق شبكات المعلومات والتجسس عليها إلى أكبر تهديد للدول ولاسيما الدول المتقدمة تكنولوجيا إذ يمكن أن تحصل أي دولة معادية لها على الكثير من المعلومات عن كل شىء بدون تجنيد الآلاف من الجواسيس والعملاء ولكن من خلال الاعتماد على خبراء في الكمبيوتر وأمن المعلومات لاختراق شبكات المعلومات وسرقة ملفات البيانات التي تتضمنها بل ويمكن ايضا التحكم في الكثير من الخدمات والمرافق ، التي تعتمد على البنية التكنولوجية ، بل ويمكن محو هذه البيانات أو بث معلومات مضللة داخل هذه الملفات الالكترونية لتحوير وجهتها أو تخريبها أو عرقلة عملها .

     

    وبالطالع الحروب السيبرانية باتت واقعا ملموسا وأنها تطول الأفراد والمؤسسات والحكومات ولذلك فإن كل الحكومات ، لاسيما  المتصادمة ، تعمل على مواجهتها بجيوش إلكترونية سيبرانية وبأجهزة الاستخبارات ووكالات حكومية خاصة بمنع وقوع الهجمات وأخرى خاصة بالرد عليها وهذا ما تجده تتاسبق فيه كل من حكومات الولايات المتحدة الأمريكية والصينية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وكل منها لديه استراتيجية  تستهدف البحث عن الثغرات بشكل مستمر ومهاجمة الشبكات حول العالم وبات التجسس الإلكتروني والحروب السيبرانية هو بمثابة واقع الحياة في القرن الـ 21  وعلى الجميع التعامل معه وإلا سيكون عرضة لخسائر ولايمكن تقييمها أو تتحمل فاتورتها أي حكومة ستقصر ولا تتعامل بجدية مع الأمن السيبراني .

     

    في اعتقادي أن أخطر ما تتصف به الحر وب السيبرانية أن الجهة التي تقوم بالهجوم الإلكتروني في كثير من الأحيان لا يمكن الوصول إليها أو تحديد مصدرها ، نظرا لأساليب التخفى ، الذي يطبقه هؤلاء القراصنة أو الجيوش الإلكترونية فلا يمكن لأحد القول من المسئول عن شن هذه الحرب ، كما يحدث في الحروب التقليدية ، والتي يتم فيها تحريك المعدات العسكرية والجنود والأسلحة وبالتالي يمكن للجهة المعتدي عليها اتخاذ ما تراه لصد هذا الهجوم ومن ثمة فإن الحروب السيبرانية تثير الكثير  من الجدل المتبادل بين الدول فيمن يقوم بهذه الهجمات وشن هذه الحروب الالكترونية خاصة  مع تزايد هجمات القراصنة على قطاعات الطاقة والنفط والغاز والصناعة والنقل وشركات الطيران المدني، فضلاً عن المنشآت النووية والبنى التحتية الكهربائية والبنوك ناهيك عن التاثير فى الرأى العام ، من خلال السويشال ميديا ومنصات التواصل الاجتماعي ، والانتخابات والتلاعب بها .

    فى تصوري ايضا ان مع تزايد متوسط تكلفة الضرر الناتج من اختراق البيانات التي تتحملها أي مؤسسة أعمال من 1.9 مليون دولار فى السنوات الخمسة الماضية الى 3.6 مليون دولار ، وتوقع ان تهدد اصول رقمية تتجاوز قيمتها نحو 10.5 تريليون دولار فى عام 2025 ، فان الحروب السيبرانية تسير بلا عوائق، وتضع دولاً في مواجهة دول، ومجرمين في مواجهة شركات، ويجب ان تضع أجهزة الاستخبارات في قمة الاستعداد الدائم لمنع أي هجوم الكترونى متوقع أو حصر نتائجه إذا أمكن، وتفعّل التنافس بين الشركات المنتجة للبرامج الإلكترونية لسد الثغرات الأمنية في برامجها والعمل على تطويرها بشكل دائم، وبالطبع فإن المدنيين سيكونون ضحايا لهذه الحرب سواء عبر استهدافهم مباشرة في سبيل الابتزاز وطلب الفدية مثلاً، أو سيلحق بهم ضرراً جانبياً في عوالم العصر الرقمي مثل وقف العمل في المستشفيات أو محطات الكهرباء أو البنوك وهو ما سيشكل ضررا مباشرا على الاشخاص .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن