عشرة مليارات دولار: المبلغ الذي توشك أمازون على استثماره في" OpenAI"

  • بقلم  :لطيفة زنينة

     خبير استشارية في استراتيجية الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات  والمتخصّصة في قطاع الفندقة الفاخرة  مكتب النُّخبة للاستشارات - باريس

    ما الذي يجري الآن ؟ هذا الأسبوع، انقلبت الموازين.

    تُجري أمازون مفاوضات للاستثمار بما يزيد عن عشرة مليارات دولار في شركة OpenAI. وإذا ما أُبرمت هذه الصفقة، فإنّها ستُعيد رسم خارطة القوى في سباق الذكاء الاصطناعي.

    مايكروسوفت، الشريك الحصري لـ OpenAI حتى اليوم، باتت تحت وطأة ضغوط متصاعدة. فعمالقة الحوسبة السحابية لم يعودوا يتنافسون على الخوادم وحدها، بل يخوضون صراعاً محتدماً للسيطرة على النماذج التي ستصوغ ملامح اقتصاد الغد. وما هذه إلّا البداية.

     

    خمسة إعلانات تُعيد رسم المشهد

    نجحت Databricks في جمع أربعة مليارات دولار. وبلغ تقييمها مئةً وأربعةً وثلاثين مليار دولار. وفي غضون أشهر معدودة، قفزت قيمة الشركة من مئة إلى مئة وأربعة وثلاثين مليار دولار. الرسالة جليّة: البنية التحتية للبيانات غدت الذهب الأسود الجديد في عصر الذكاء الاصطناعي.

     

    المفوضية الأوروبية تفتح تحقيقاً بحقّ غوغل. والتهمة: توظيف المحتوى الرقمي المنشور — من مقالات ومقاطع فيديو — في تدريب منظومات الذكاء الاصطناعي من دون الحصول على إذن مسبق. وقد انضمّت ديزني إلى هذه المواجهة، مُتّهمةً غوغل بانتهاك حقوق الملكية الفكرية "على نطاق هائل". والمعركة القضائية لم تضع أوزارها بعد.

     

    أطلقت IBM إطار عمل Cuga. وهو إطار مفتوح المصدر يُتيح إنشاء وكلاء ذكاء اصطناعي مُصمَّمين خصّيصاً وفق الاحتياجات. وقد ردّت Nvidia بإطلاق Nemotron 3، وهي مجموعة من النماذج الجاهزة لتطوير مساعدين افتراضيين مُتخصّصين بحسب كلّ قطاع مهني.

     

    كشفت OpenAI عن FrontierScience. معيار جديد لتقييم قدرة الذكاء الاصطناعي على إنجاز أبحاث علمية بمستوى الخبراء في ميادين الفيزياء والكيمياء والأحياء. والسباق نحو الذكاء الاصطناعي العلمي يتسارع بوتيرة غير مسبوقة.

     

    تكلفة الذكاء الاصطناعي تهوي بشكل حادّ. ففي عام 2022، كان استخدام روبوت المحادثة يُكلّف اثنتي عشرة ضعف تكلفة تحميل صفحة ويب عادية. أمّا في عام 2025، فقد أصبحت التكلفة أقلّ بنسبة ثمانية وتسعين بالمئة. وهذا التراجع الحادّ يفتح آفاقاً كانت ضرباً من المستحيل قبل ثلاث سنوات فحسب.

     

    حقيقة لا يودّ أحد الإصغاء إليها

    نشرت MIT Technology Review هذا الأسبوع تحليلاً مُثيراً للقلق.

    خمسة وتسعون بالمئة من مشاريع الذكاء الاصطناعي في المؤسسات لم تتخطَّ مرحلة التجريب بعد ستة أشهر.

    رقم صادم. غير أنّه يُخفي وراءه واقعاً أكثر تعقيداً.

    تسعون بالمئة من الشركات التي شملها الاستطلاع اكتشفت وجود "اقتصاد خفيّ": موظّفون يستخدمون روبوتات المحادثة من خلال حساباتهم الشخصية، بمعزل عن أيّ مشروع رسمي. التبنّي يحدث فعلاً، لكن ليس في المواضع التي يُركّز عليها المسؤولون.

    الإشكالية ليست في التقنية. الإشكالية في الاستراتيجية.

    الشركات الناجحة لا تسعى إلى قلب كلّ شيء رأساً على عقب دفعة واحدة. إنّها تُحدّد المهامّ المتكرّرة. وتُؤتمت ما يمكن أتمتته. وتُحرّر الوقت لِما يستحقّ فعلاً: التفكير الاستراتيجي، والإبداع، والعلاقات الإنسانية.

     

    ماذا يعني ذلك بالنسبة إليكم

    الإطار التنظيمي يزداد صرامة. أوروبا تفرض حالياً إجراء اختبارات على مجموعات بيانات متنوّعة للحدّ من التحيّز. والشفافية باتت إلزامية: يتعيّن على الشركات توضيح الآلية التي تتّخذ بها أنظمتها القرارات. والتدقيق الدوري أصبح هو القاعدة.

    الوكلاء الأذكياء على الأبواب. ليسوا أولئك الذين بشّرونا بهم — موظّفون افتراضيون مستقلّون يحلّون محلّ فِرَق بأكملها. بل أدوات ملموسة تتولّى إدارة التعقيد الخفيّ: تحليل البيانات في الوقت الفعلي، والتوصيات المُخصَّصة، وأتمتة المهامّ الإدارية.

    السوق يتّجه نحو التمركز. فالاستثمارات الضخمة — في Databricks وOpenAI والبنى التحتية السحابية — تُشيّد حواجز دخول أعلى فأعلى. والفائزون في الغد سيكونون أولئك الذين يُحسنون التعامل مع البيانات، لا مع النماذج فحسب.

     

    خطواتكم الثلاث المقبل

    أوّلاً: تدقيق الاستخدام الفعلي للذكاء الاصطناعي داخل مؤسّستكم. ليس المشاريع الرسمية، بل الاستخدام اليومي الذي يُفلت من الرقابة. فهناك تكمن القيمة الحقيقية.

    ثانياً: تحديد المهامّ ذات القيمة المضافة المتدنّية. إدخال البيانات، والجدولة، والتقارير النمطية. هذه هي المرشّحات الأولى للأتمتة.

    ثالثاً: تدريب فِرَقكم. ليس بهدف تحويلهم إلى خبراء تقنيين، بل لفهم الكيفية التي يمكن بها لهذه الأدوات تعزيز أدائهم. فالمهنيّون الذين يُتقنون توظيف الذكاء الاصطناعي سيغدون أكثر قيمة من أيّ وقت مضى.

     

    كلمة ختامية

    اعترف إيليا سوتسكيفر، المؤسّس المشارك لـ OpenAI وأحد أبرز الوجوه في عالم الذكاء الاصطناعي، هذا الأسبوع بمحدودية نماذج اللغات الكبرى. فهي تتفوّق في أداء مهامّ بعينها، لكنّها لا تستوعب المبادئ الكامنة خلف تلك المهامّ.

    الذكاء الاصطناعي العام لا يزال أفقاً بعيد المنال.

    وفي هذه الأثناء، نمتلك بين أيدينا أدوات فائقة القوّة. أدوات قادرة على إحداث تحوّل جذري في أساليب عملنا وتحليلنا واتّخاذنا للقرارات.

    لم يعد السؤال: هل سيُغيّر الذكاء الاصطناعي كلّ شيء؟

    السؤال الآن: كيف ستوظّفونه لخلق القيمة بدءاً من اليوم؟

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن