أطفال اليوم يكبرون في بيئة مالية رقمية، حيث يشكل الأمن السيبراني ركناً أساسياً من التوعية المالية، بخلاف الأجيال السابقة التي كانت تجاربها الأولى مع المال تبدأ من الحصالات. لم يعد تعلم الأطفال عن المال يتوقف عند الحصالات فقط، بل اصبح يشمل الشراء داخل التطبيقات، وصناديق الغنائم في الألعاب الإلكترونية، والبطاقات المسبقة الدفع المربوطة بالمحافظ الرقمية. لأجل ذلك تقدم كاسبرسكي «الحقيبة المدرسية الرقمية: دليل الأهالي للعام الدراسي»، بمشاركة خبرائها الذين يقدمون نصائح عملية لتعليم الأطفال إدارة الأموال بمسؤولية وأمان في العالم الرقمي.
موسم العودة إلى المدارس لا ينحصر في شراء الكتب والأزياء المدرسية الجديدة، وإنما بات فرصة ذهبية أمام الأهالي لتعليم أطفالهم عادات سليمة تلازمهم طوال أعمارهم، وتجنبهم الوقوع في مشكلات كثيرة. والحقّ أنّ هذه المشكلات والمخاطر ملموسة؛ إذ أقرّ 27% من الأهالي في مصر المشاركين في استطلاع «النشأة في العصر الرقمي» بخسارتهم للأموال من تصرفات أطفالهم على شبكة الإنترنت، وأشار 19% من المشاركون إلى إصابة أجهزة أطفالهم بالبرامج الضارة جراءها.
إذا غاب الوعي بالمخاطر الرقمية العديدة عن الأطفال، فلن ينفعهم الوعي المالي كثيراً، ولن يحميهم من عمليات التصيد الاحتيالي المتخفية على هيئة هدايا مجانية، أو صفقات وهمية في الألعاب الإلكترونية، أو تجديدات الاشتراك المخادعة، أو سرقة الهوية. لذلك ينبغي الجمع بين التوعية المالية والحماية الرقمية، وبذلك يتسنى للأهالي تهيئة أطفالهم لإدارة أموالهم بوعي وذكاء، وحماية أنفسهم من المخاطر السيبرانية المصاحبة لهذه العملية.
فيما يلي توصيات مفيدة من خبراء كاسبرسكي للأهالي لتعليم أطفالهم إدارة أموالهم بمسؤولية وأمان:
1. ضبط الإنفاق بسقف واضح
إن مساعدة الأطفال على فهم الحدود هي الخطوة الأولى في بناء الانضباط المالي والوعي الرقمي. ابدأ بوضع هيكل ميزانية أساسي لنفقات طفلك المعتادة:
اللوازم المدرسية.
مصروف الطعام أو الغداء.
المشتريات المتعلقة بالرياضة أو الهوايات.
مشتريات الترفيه (التطبيقات، والألعاب الإلكترونية، والاشتراكات).
لا حاجة بك إلى التدقيق في عمليات الشراء ومراقبتها، وإنما عليك توزيع النفقات بنسب مئوية واضحة، فتخصص، مثلاً، 70% للنفقات المدرسية، و20% لنفقات الترفيه، و10% للادخار. اغتنم هذه الفرصة لتعريف أطفالك بأهمية التعامل مع الأموال الرقمية، واشرح لهم عن عمليات الشراء داخل التطبيقات، والمعاملات الصغيرة، والرسوم الخفية التي تستنزف رصيدهم تدريجياً إذا لم يحذروا.
2. استخدام طرق الدفع الآمنة
يبدو إعطاء الأموال النقدية للأطفال أمراً بسيطاً، لكنه يأتي بمخاطر كثيرة؛ فقد يضيع الطفل المال، أو يسرق منه، أو ينفقه دون معرفة أوجه الإنفاق. لذلك يكون البديل الآمن والعملي استخدام البطاقات المصرفية أو المحافظ الرقمية المخصصة للأطفال، لا سيما أنها مزودة بأدوات تحكم ورقابة أبوية مدمجة. وتتيح لك هذه الأدوات ضبط حدود الإنفاق، واستلام إشعارات فورية عند عمليات الشراء، وتتبع العمليات، وحظر بعض المواقع مثل الأسواق الإلكترونية أو منصات الألعاب. وبهذا يتصرف الأطفال بأموالهم باستقلالية، أما الأهالي فيظلون مطمئنين لأنهم يراقبون أطفالهم، ويتدخلون إذا لاحظوا سلوكاً مريباً أو غير اعتيادي.
ولا تكتمل إدارة الأموال والمدفوعات إلا بتأمين البيئة الرقمية التي تجري فيها. فتطبيقات الخدمات المصرفية والمتاجر الإلكترونية أهداف محتملة للمجرمين السيبرانيين، لذلك ينبغي تثبيت حل أمن سيبراني يحمي عمليات التصفح والدفع من تلك المخاطر، فهذا الأمر شديد الأهمية حقاً.
3. تأمين الأجهزة والحسابات المالية
لا يدرك الأطفال الأهمية البالغة لأمن الحسابات؛ فكلمة مرور ضعيفة أو جهاز مسروق يعرض جميع حساباتهم وأدواتهم المالية لمخاطر كثيرة.
كآباء يمكنكم حماية أطفالكم من هذه المخاطر باتباع الخطوات التالية:
تفعيل خيار المصادقة الثنائية (2FA) لكل تطبيق يُستخدم للشراء عبر الإنترنت.
استخدام مدير كلمات المرور، الذي يخزن بيانات تسجيل الدخول إلى الحسابات ويحفظها بأمان، ويتيح للعائلة الوصول إليها إذا وقعت مشكلة.
تعليم الأطفال أساسيات كلمات المرور القوية، ومنها استخدام 12 حرفاً ورقماً بالحد الأدنى، وتجنب استخدام الأسماء وتواريخ الميلاد، وعدم استخدام الكلمة نفسها في حسابات ومنصات مختلفة.
عندما تصبح هذه الممارسات جزءاً من الحياة اليومية للأطفال، فإنها تزودهم بالأدوات الضرورية لحماية أموالهم وبياناتهم الشخصية.
4. مراقبة الاشتراكات والرسوم المتكررة
الاشتراكات من أسهل أنواع النفقات المالية التي يفقد بها الأطفال القدرة على مراقبة نفقاتهم. فمعظم الألعاب الإلكترونية وأدوات التعلم وخدمات البث تعتمد نموذج الدفع المتكرر بدلاً من عمليات الشراء لمرة واحدة. فقد يشترك الطفل، مثلاً، في «اشتراك تجريبي مجاني» دون إدراك بأنّه سيصبح تلقائياً رسوماً شهرية دورية عند انتهاء المدة التجريبية. وتكون هذه الرسوم صغيرة ومتكررة، فربما يغفل عنها الأهل ولا ينتبهون إليها إلا وقت نفاد الرصيد، أو عند تحقق أحدهما من الحساب.
لذلك علّم طفلك الأمور التالية:
يستفسر دوماً عن الاشتراك قبل التسجيل في أي فترة تجريبية مجانية.
يبحث عن إعدادات التجديد التلقائي في التطبيقات، ويتعلم طريقة إلغائها.
يضبط تنبيهات في التقويم لتذكيره بتواريخ انتهاء المدة التجريبية للاشتراكات.
ينبغي للأهالي مراجعة سجل مشتريات متجر التطبيقات دورياً، وفحص بريدهم الإلكتروني بحثاً عن إشعارات التجديد التي فاتتهم. وتستطيع تطبيقات الخدمات المصرفية وأدوات الأمان تحديد الرسوم المتكررة، أو إرسال تنبيهات فورية لكل معاملة مالية، فيسهل على الأهالي مراقبة المشتريات والنفقات. وهكذا عندما تكون إدارة الاشتراكات مسؤولية مشتركة مع الطفل، فسيدرك أنّ هذه الرسوم «الخفية» هي نفقات حقيقية تتطلب الاهتمام والمتابعة.
يعلق على هذه المسألة «أندريه سيدنكو»، كبير محللي محتوى الويب في كاسبرسكي: «لا يسعنا عند الحديث عن التوعية المالية للأطفال الاكتفاء بتعليمهم طريقة تحديد الميزانية أو الادخار. فأموالهم رقمية في واقع الحال، وتصرفاتهم المالية الأولى تتم عبر الإنترنت عند تعاملهم مع الألعاب الإلكترونية، والتطبيقات، والمحافظ الرقمية. فلا تكتمل هذه التوعية إلا بامتلاكهم وعياً كافياً بالأمن السيبراني. لذلك ينبغي تعليمهم عن عمليات الاحتيال، وطريقة حماية حساباتهم، واستخدام أدوات الدفع الآمنة، فهذه الأمور تعادل في أهميتها تعليمهم قيمة المال نفسه».
للإطلاع على معلومات إضافية، وتحميل «الحقيبة المدرسية الرقمية: دليل الأهالي للعام الدراسي» المتاح بصيغة PDF: من هنا. --