المستقبل .. وثقافة " العمل اللا مركزي "

  •     بقلم : فريد شوقي

     

    تؤكد تقارير الدراسات المتخصصة أن سوق العمل العالمي ستشهد تغيرا هيكليا كبيرا جدا خلال العقد القادم وذلك نتيجة تبني غالبية مؤسسات الأعمال ، خاصة بالقطاع الصناعي ، سياسية ميكنة كل أعمال التشغيل بها والاعتماد على الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء مشيرة أن عشرات الملايين من العمالة الحالية ستفقد  وظائفها مع التوسع في تبني الحكومات والشركات لمفهوم التحول الرقمي وفي نفس الوقت هناك فرص عمل حقيقية تناهز نحو 60 مليون فرصة عمل سنويا في التخصصات الحديثة بقطاع تكنولوجيا المعلومات .

    وفي المقابل كشف معهد الإحصاء الأوروبي "يوروستات" أن أكثر من 8 ملايين شخص من المتخصصين في العمل بمجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الاتحاد الأوروبي، جرى توظيفهم عام 2016، وكان العدد الأكبر منهم من الرجال، خاصة من أصحاب المؤهلات العليا وهو ما يمثل 3.7 % من إجمالي العمالة في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد توظيف أعداد كبيرة من المتخصصين في هذه المجالات لتلبية احتياجات العالم الرقمي.

    وأشارت المفوضية الأوروبية ببروكسل إلى أن من بين كل عشرة من المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الاتحاد الأوروبي هناك 8 من الرجال، وبالتحديد بنسبة تزيد على 83 %، وأن 62 % منهم من الحاصلين على المؤهلات العليا في هذه التخصصات يجدون عملا جديدا بسهولة مقابل صعوبة الحصول أو الحفاظ على الوظيفة للعمالة غير المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات .

    واتساقا مع ذلك التوجه ، وخلال مشاركتي مؤخرا في فعاليات قمة تكني 2019 لريادة الأعمال ، والتي استضافتها مكتبة الإسكندرية مؤخرا ، قالت رامة الصفتي ـ المدير التنفيذي لمؤسسة "أنديلا " مصر للتكنولوجيا ، المتخصصة فى هندسة البرمجيات والتي افتتحت نحو 6 مكاتب لها بالقارة الأفريقية ومنها القاهرة لاستضافة المطورين والعقول النابغة بالقارة السمراء ، أن التغير الكبير والسريع في سوق العمل جعل الشركات العالمية تغير من سياساتها التوظيفية لتعتمد بشكل أكبر على قوى العمل الموزعة أو اللامركزية للوصول إلى أفضل المواهب التقنية في أي مكان بالعالم، وهذا التحول التقني سيفتح مساحة كبيرة للنوابغ في إفريقيا لسد فجوة قوى العمل في الدول المتقدمة لتصبح أفريقيا مصدرة للتكنولوجيا إلى العالم ولكن هذا يحتاج إلى استثمارات كبيرة وإعداد لتلك المواهب التقنية التي لدينا .

    مؤكدة أن جوهر الدور الذي تؤديه "أنديلا" لدعم مطوري البرمجيات في إفريقيا أنها استطاعت في السنوات الخمسة الماضية أن تعرف في نيجيريا بأنها أفضل مكان للعمل في إفريقيا، كما أستطاعت تعيين 1300 مطور برمجيات، وما زال الطريق طويلا لتحقيق الحلم بأن تكون أفريقيا مركزًا للتكنولوجيا في العالم، غالبًا ما تكون الفرص محدودة بسبب العرق والجنس والجنسية، ونحن نعمل على تغيير هذا من خلال وضع مطوري برمجيات أفارقة في فرق التكنولوجيا العالمية، وفي هذه الحالة، نغير نظرة العالم إلى المواهب التقنية .

    وبالتالي فإن ثقافة " العمل عن بعد " يمكن ان تكون الحل الأمثل لمطوري البرمجيات وأصحاب المهارات الخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، لاسيما التخصصات الجديدة كالذكاء الاصطناعي والروبوتات والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء وأمن المعلومات وتحليل البيانات ، وادارة قواعد البيانات الكبيرة ، وتطبيقات المحمول ، والتي تسمح لهم بدخول سوق العمل مبكرا بغض النظر عن كونهم طلابا في المدارس أو الجامعات .. المهم أنها البوابة أو الحل الأمثل لاستغلال مهاراتهم التقنية وتطويرها والتعامل مع متطلبات سوق العمل المستقبلي بطريقة عادلة وبعيدا عن أي تحيزات عنصرية ، بسبب العرق والجنس والجنسية ، بما سيعد بتشكيل نظرة العالم للمواهب التقنية الموجودة بدول القارة الأفريقية وعلى رأسها مصر .

    في النهاية نؤكد أنه مع التغيرات الكبيرة التي تشهدها سوق العمل يجب على كل الجهات المعنية بإعداد العمالة ، المدارس والجامعات ، بأن تكون تعلم مهارات البرمجة والتخصصات الحديثة لتكنولوجيا المعلومات كمكون أساسي  لمناهج التعليم حتى نساهم فى بناء عقول طلاب المستقبل بما يتاسب مع احتياجات عمليات التنمية ومتطليات سوق العمل المحلى والعالمى وتعظيم الاستفاد من القوة البشرية التي نمتلكها وتحويلها إلى قوة دافعة نحو مواكبة قطار الثورة الصناعية الرابعة والتي يطلق عليها ثورة " الذكاء الاصطناعي " .

     

    عن أنديلا:

    أنديلا (Andela) هي شركة عالمية للتكنولوجيا تم تأسيسها في عام 2014، وهي متخصصة في خدمات هندسة البرمجيات، تمكن الشركات من تسريع خارطة طريق منتجاتها، وللقيام بذلك تبني إنديلا فرقًا موزعة من أفضل مطوري البرمجيات الأفارقة، من خلال مراكزها التقنية العالمية في لاجوس، ونيروبي، وكمبالا، وكيجالي، والقاهرة، وأكرا، وللشركة ثلاثة مكاتب أخرى في نيويورك، وسان فرانسيسكو، وأوستن.

    وتعمل أنديلا مع شركات سريعة النمو متنوعة منها الشركات العالمية مثل  IBM، وViacom، والشركات الناشئة مثل Gusto، وGithub، وهي تتعاون الآن مع 170 شريكا منتشرين في 55 مدينة حول العالم.

    وخلال السنوات الخمسة الماضية عينت أنديلا أكثر من 1300 مطور برمجيات، وأصبحت تعرف في نيجيريا بإسم "أفضل مكان للعمل في أفريقيا"، فلقد استطاعت أنديلا أن تقرأ إحتياجات سوق العمل العالمي للسنوات القادمة وها هي تصنع بوابة للعقول الأفريقية النابهة للعمل مع كبرى الشركات العالمية.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن