بقلم : خالد حسن
استكمالا لحديثنا الذى بدأناه هنا ، فى نفس المكان الاسبوع الماضى ، عن اعتمد المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى ، برئاسة الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سياسة البيانات المفتوحة لجمهورية مصر العربية، والتى تم إعدادها وصياغتها من قبل وزارة الاتصالات ، لتدخل بذلك حيز التنفيذ اعتبارًا من أغسطس الماضى كمرحلة انتقالية حتى صدور قانون حوكمة البيانات ولائحته التنفيذية اكد لنا الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات اننا بالفعل لسنا فى حاجة الى اصدار تشريعى قانونى جديد فى الوقت الحالى حيث لدينا من التشريعات والقوانيين ما يمكن من تنظيم عملية ادارة البيانات وإتاحتها بصورة موثقة وامنة لكافة مؤسسات وتعظيم الاستفادة من هذه البيانات لتحسين خدماتها وتطوير منتجات وخدمات جديدة تتناسب مع عصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي و احتياجات المواطن وتساهم فى تعزيز مفهوم الاقتصاد الرقمي .
أكد وزير الاتصالات اننا ايضا نقوم بدرسة تجارب الدول التى سبقتنا ، على غرار الدول الاوروبية ، لاسيما فى مجال ادارة البيانات ، والمعرف باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) ، وهي قانون ينظم جمع ومعالجة البيانات الشخصية لجميع الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي حيث تهدف هذه اللائحة إلى منح الأفراد مزيدًا من السيطرة على بياناتهم الشخصية، بما في ذلك الحق في الوصول إليها وتصحيحها وحذفها، بالإضافة إلى فرض التزامات صارمة على المؤسسات بشأن حماية هذه البيانات .
فى البداية يجب أن نشير الى أن هناك خلط وتداخل كبير بين مفهوم كل من" حوكمة البيانات" و" إدارة البيانات " الا اننا يمكن ان نتفق ان " حوكمة البيانات " هي جزء من عملية " إدارة البيانات " ، وهي عملية تشمل جمع البيانات ومعالجتها واستخدامها بشكل آمن وفعال بهدف دعم عملية صناعة القرار الإستراتيجية وتحسين نتائج الأعمال.
فعلي حين أن إدارة البيانات تشمل حوكمة البيانات، فإنها تشمل أيضًا جوانب أخرى من دورة حياة البيانات، مثل معالجة البيانات وتخزين البيانات وتأمين البيانات. علاوة على ذلك، تؤثر جميع الجوانب المختلفة لعملية إدارة البيانات في بعضها.
ونظرًا إلى أن هذه الجوانب الأخرى لعملية إدارة البيانات يمكن أن تؤثر في حوكمة البيانات، ينبغي أن تتعاون الفرق المختلفة بهدف وضع إستراتيجية حوكمة البيانات واتباعها فعلى سبيل المثال، قد يحدد فريق حوكمة البيانات أوجه التشابه بين مجموعات البيانات المتباينة. وإذا أراد الفريق دمج تلك البيانات، فسيتعاون غالبًا مع فريق إدارة البيانات لتحديد نموذج البيانات ومنظومة البيانات من أجل تسهيل تلك الروابط.
ومن الأمثلة على ذلك أيضًا الوصول إلى البيانات، فقد يضع فريق حوكمة البيانات السياسات المتعلقة بالوصول إلى أنواع معينة من البيانات، مثل معلومات التعريف الشخصية. وسيعمل فريق إدارة البيانات على إتاحة إمكانية الوصول بشكل مباشر أو من خلال إنشاء آلية لتسهيل هذا الوصول، وغالبًا ما يكون ذلك من خلال ضوابط الوصول القائمة على الأدوار (RBAC).
يمكن أن تواجه مبادرات حوكمة البيانات العديد من العقبات في أثناء التنفيذ ونرصد هنا 5 أهم تحديات حيث تشمل غياب الرعاية المناسبة ، عدم اتساق منظومة البيانات ، رؤية البيانات والتحكم فيها ، زيادة طلبات الوصول ، متطلبات بيانات الذكاء الاصطناعي .
اولا بالنسبة ل" غياب الرعاية المناسبة " تتطلب برامج حوكمة البيانات الفعالة بشكل عام رعاية على مستويين: المسؤولين التنفيذيين والمساهمين الأفراد. ويُعد وجود كبار مسؤولي البيانات (CDOs) ومشرفي البيانات أمرًا ضروريًا في عملية التواصل وتحديد أولويات حوكمة البيانات داخل المؤسسات.
يمكن أن يتولى كبار مسؤولي البيانات (CDOs) مسؤولية الإشراف على فرق البيانات ومحاسبتها بهدف المساعدة على ضمان تطبيق سياسات حوكمة البيانات. ويمكن أن يساعد مشرفو البيانات على زيادة وعي منتجي البيانات ومستهلكيها بهذه السياسات من أجل تعزيز الامتثال عبر المؤسسة.
في غياب الرعاية المناسبة، قد لا يكون مستخدمو البيانات على دراية بسياسات الحوكمة أو غير مكترثين بها. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم الامتثال وتعريض سلامة البيانات وأمنها للخطر.
ويتمثل التحدي الثاني " عدم اتساق منظومة البيانات " من دون توفير الأدوات ومنظومة البيانات المناسبة، قد تواجه المؤسسات صعوبة في تنفيذ برنامج حوكمة بيانات فعال فعلى سبيل المثال، قد تكتشف الفرق بيانات متكررة عبر وظائف مختلفة. ولتمكين الحوكمة الفعالة، يحتاج مهندسو البيانات إلى تطوير نماذج بيانات ومنظومات بيانات مناسبة من أجل دمج البيانات وتكاملها عبر أنظمة التخزين.
قد تحتاج الفرق أيضًا إلى استخدام كتالوج بيانات لإنشاء قائمة جرد لأصول البيانات عبر المؤسسة. أما إذا كانت هناك قائمة بالفعل، فقد تحتاج المؤسسة إلى إنشاء عملية لإدارة البيانات الوصفية، ما يساعد على ضمان أن تكون البيانات الأساسية ذات صلة ومحدثة.
اما التحدي الثالث " رؤية البيانات والتحكم فيها " غالبًا ما تتضمن حوكمة البيانات، وخاصة في البيئات الهجينة و بيئات السحابة المتعددة، تخزين البيانات بتنسيقات متعددة لدى العديد من مقدمي الخدمات وفي العديد من المواقع. علاوة على ذلك، قد تُخزن البيانات في أنواع مختلفة من مخازن البيانات، مثل بحيرات البيانات، ومستودعات بحيرات البيانات، ومستودعات البيانات.
يمكن أن تؤدي تقنية المعلومات الظلية إلى زيادة تعقيد العملية. وفي دراسة أجرتها شركة TechTarget، تبين أن ثاني أكثر تحديات أمن البيانات شيوعًا هو أن الموظفين كانوا يشتركون في تطبيقات وخدمات السحابة من دون الحصول على موافقة قسم تكنولوجيا المعلومات كذلك يمكن أن يؤدي هذا التوزيع للبيانات إلى صعوبة تتبع ومراقبة تدفقات البيانات واستخدام البيانات. وتتطلب حوكمة البيانات معرفة واضحة بمصادر البيانات ووجهاتها وعمليات تحويلها وتبعياتها وملكيتها وحقوق الوصول إليها والمسؤوليات المتعلقة بها.
قد يتطلب تطبيق سياسات حوكمة البيانات عبر بيئات متعددة التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، مثل مالكي البيانات ومشرفي البيانات ومستهلكي البيانات ومنظمي البيانات.
على حين أن التحدي الرابع " زيادة طلبات الوصول " يطرح ظهور تحليلات الخدمة الذاتية وذكاء الأعمال تحديات جديدة أمام حوكمة البيانات حيث أصبحت طلبات الوصول الواردة من المزيد من المستخدمين تتدفق أسرع من ذي قبل، ولكن تحتاج فرق الحوكمة إلى تحقيق التوازن بين السرعة وتسهيل الوصول مع مراعاة الخصوصية والأمان. علاوة على ذلك، ينبغي ضبط أنظمة تدفق البيانات وإجراءاتها بدقة لتجنب تسرب البيانات.
والتحدى الأخير يتمثل فى " متطلبات بيانات الذكاء الاصطناعي " فعند توفير البيانات التي تدعم تدريب الذكاء الاصطناعي وعملياته، فإن العديد من أدوات تخزين البيانات وحوكمتها لا تفي بالغرض.
وذلك لأن الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدًا بطبيعته من العمليات والإمكانات القياسية التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات—ما يزيد من أهمية حوكمة البيانات الفعالة والمجدية. ويسلط تقرير شركة KPMG الضوء على غياب حوكمة الذكاء الاصطناعي كأحد أهم المخاطر التي تهدد الشركات حاليًا.3 على سبيل المثال، من دون توفير حواجز الحماية المناسبة، قد يكشف الذكاء الاصطناعي بالخطأ عن معلومات التعريف الشخصية الحساسة أو أسرار الشركات.
من أجل تقليل مخاطر الذكاء الاصطناعي وتعقيداته، يمكن أن تجمع المؤسسات بين إمكانات تخزين البيانات المحسّنة بالذكاء الاصطناعي وبرامج حوكمة البيانات المصممة مع وضع الذكاء الاصطناعي في الحسبان.