العالمية .. تداعب صناعة الكول سنتر

  • بقلم : خالد حسن

    من منا لا يحلم أن تكون مصر أحد اللاعبين الكبار في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ـ أو صناعة عقول المستقبل كما يحب أن يسميها أصحابها والعاملون فيها- . ولم لا؟ فهل كان أحد يتخيل أن تصل الهند إلى ما وصلت إليه الآن في مجال تكنولوجيا المعلومات وباتت رغم أنف الجميع أحد أبرز المؤثرين والمستفيدين عالميا في هذه الصناعة حيث يتجاوز حجم قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي نحو 100 مليار دولار كما تجاوزت صادراتها منه نحو  60 مليار دولار كما أنه يتيح ويستوعب اكثر من 4 ملايين موظف.

     

    وشكل مجال تقديم خدمات المعلومات للغير " التعهيد او الإسناد للخارج "  خلال العقود الثلاث الماضية، أحد أهم روافد عائدات قطاع التكنولوجيا الهندي إذ أسندت شركات أمريكية وغربية أعمال الصيانة لشركات صغيرة توفر خدمات تكنولوجيا المعلومات البسيطة بتكلفة منخفضة، بفضل رخص العمالة الهندية وانخفاض التكاليف التشغيلية. وعلى صعيد منفصل، بدأت الشركات الهندية أيضاً التوسع في مجال التعهيد وإسناد الأعمال، وخصوصاً المتعلق بإجراءات العمل، فتم افتتاح عشرات مراكز خدمة العملاء، التي توفر الخدمات نيابة عن معظم كبرى الشركات متعددة الجنسية في الولايات المتحدة وأوروبا، انطلاقاً من مدن هندية مثل دلهي وبنجالور، وحيدرآباد، موفرة فرص العمل لآلاف الشباب الهندي.

     

    ولكن الهند، التي استفادت بميزة السبق، تواجه في الوقت الراهن منافسة شرسة وتحديدا في عام 2012 -2013، إذ أقر عدد من الدراسات العالمية ، المتخصصة في هذا المجال ، بأن قطاع تقديم خدمات المعلومات للغير في الهند يواجه منافسة قوية من كثير من الدول النامية. وعلى وجه الخصوص إسناد إجراءات العمل، إذ خسرت الهند أكثر من 20 % من حصتها السوقية لصالح دول مثل مصر والمغرب في شمال أفريقيا، والفلبين وماليزيا والصين في آسيا، والبرازيل والمكسيك وتشيلي وكولومبيا في أمريكا اللاتينية. وعلاوة على ذلك، تواجه كبرى الشركات الهندية مثل «ويبرو» و«إنفوسيس» عدداً من التحديات الأخرى، فلم يعد الأمر يقتصر على مجرد أعمال تكنولوجيا المعلومات الأساسية، وإنما يريد العملاء مزيداً من المنتجات المعقدة، فيما يصفه أحد المطلعين بأنه «مرحلة نضوج» قطاع البرمجيات.

     

    ورغم التحديات التي واجهتها صناعة إسناد الأعمال التكنولوجية للخارج من تحديات بسبب الظروف التي مرت بها مصر بعد يناير 2011 إلا أنني أعتقد أنه على مدار الأعوام الثلاث الماضية أن نجحنا بصورة واضحة في جعل بلادنا قبلة للمستثمرين والشركات العالمية للمعلومات والاتصالات وهذا ما تؤكده أرقام تدفق الاستثمارات الأجنبية المتزايدة في هذا القطاع – علاوة على الاستثمارات المحلية وكان آخرها افتتاح الصديق العزيز الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات لفرع شركة أورنج مصر لتقديم خدمات العملاء في المنطقة التكنولوجية بأسيوط ، والذي يعد الرابع على المستوى المحلي ، بجانب افتتاح " أورنج لاب " وتأكيد الشركة على أنه سيقوم بتوظيف وتدريب وتأهيل نحو 2500 شاب على مدار السنوات الثلاثة القادمة وذلك وفقا لما أكده لى الصديق العزيز المهندس ياسر شاركة ـ العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة " أورنج " مصر .  

     

    وبات السؤال الذى يطرح نفسه على الجميع ماذا نريد من صناعة تكنولوجيا المعلومات ؟ أو بمعنى آخر أي مجال من هذه الصناعة سوف نتخصص فيه ونركز عليه ونعطيه الأولية على غيره من مجالات هذه الصناعة بهدف بناء براند نيم عالمي لصناعة المعلومات المحلية خاصة بعد أن أصبح لدينا بنية تكنولوجية على مستوى عالمي نحتاج إلى تعظيم الاستفادة منها والا تحولت إلى استثمارات مهدرة وغير مستغلة  وهل يجب أن ننظر الى مواردنا البشرية باعتبارها عنصرا معوقا للتنمية أم أنها تشكل ثروة كامنة لم نحسن استغلالها حتى الآن لاسيما في مجال تكنولوجيا المعلومات ؟

     

    وفي الحقيقة لا يمكن أن نصل إلى إجابة قاطعة  نعم أو لا  فمن واقع خبراتنا فى التعامل مع مجال تأهيل الموارد البشرية ، والاحتكاك بطلاب اكثر من 35 جامعة على مستوى المحافظات على مدار 15 عاما من خلال مبادرة "الابداع.. طريقك للنجاح "بالجامعات ، فأن هناك مجموعة من التحديات التى تواجه عملية تعظيم الاستفادة من مواردنا البشرية أولها تراجع مستوى التعليم بصورة كبيرة مقارنة بما يتم في الدول المتقدمة بالإضافة إلى مركزية اتخاذ القرار فى المؤسسات بما يحول العاملين بها لمجرد منفذين بجانب عدم توافر رؤية مستقبلية في الأجل الطويل علاوة على نقص المهارات التسويقية في بناء براند نيم عالمي لمواردنا البشرية .. ناهيك عن غياب ثقافة العمل الجماعي والبطء الشديد ـ مقارنة بسرعة دول العالم - في التحرك لمعالجة هذه التحديات يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتعقيدها أكثر .

     

    ونعتقد أننا بدأنا ـ منذ نحو عقد من الزمن - في توجيه الأنظار بقوة نحو قطار صناعة تقديم  خدمات المعلومات للغير ، وإتاحة فرص عمل حقيقية لأكثر من 70 ألف شاب مصري ، والذي كان في بداية تحركه العالمي حيث بدأت رحلة الترويج لامتلاكنا مقومات صناعة مراكز الاتصال ومراكز الدعم الفنى وأخذت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على عاتقها يد المبادرة وأنشأت بالفعل ما يمكن أن نطلق عليه النموذج " متمثلا فى شركة أكسيد لتقديم خدمات مركز الاتصالات " وبمرور الوقت أصبح لدينا الأن أكثر من 6 كيانات مصرية كبيرة متخصصة في تقديم خدمات الكول سنتر تعمل جميعها على تصدير خدماتها للخارج متيحة الالاف من فرص العمل لشبابنا بمرتبات مجزية جدا .

    فجميعنا يعرف أن التخصص والتميز بات أحد أهم متطلبات النجاح فى الأسواق بحيث نستطيع أن نقدم قيمة مضافة لا يستطيع غيرنا تقديمه . آمل أن ننجح في تكرار نماذج النجاح في مجال تقديم خدمات المعلومات للغير على غرار شركة " أكسيد "

    و" أورنج " و " راية " و" اتصال " على مستوى المحافظات لخلق الآلاف من فرص العمل الجديدة لأبنائنا المؤهلين للعمل بصناعة مراكز الاتصالات.

     

     

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن