الأرباح يا عزيزي ..شعار شبكات التواصل

  • بقلم : خالد حسن

    من المهم ان نعترف ان شبكات التواصل الاجتماعي العالمية نجحت فى التغلل بل وأقتحام حياتنا بصورة كبيرة فأحدث تغيرات جذرية فى نمط حياتنا وسلوكيات ابنائنا واصبحت الاستخدام السيىء لهذه المنصات يشكل تهديد كبير لاستقرار مجتمعنا على كافة المستويات ، وليس السياسى والاجتماعى فقط ، وباتت للاسف منصات للاستغلال السب والقذف وإفضاء الأسرار وتشويه الشخصيات ونشر الاشاعات وتداول الاكاذيب الامر الذى اخرج هذه الشبكات من دورها الاساسى كوسيلة للتواصل والتقارب وتبادل المعرفة بين البشر .

    وعلى مدار العقدين الماضين نجحت شبكات التواصل الاجتعى فى غرس ثقافة وشعار "الخوف ألا يفوتك شىء" هو شعار الذى يرفعه الغالبية العظمى من مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى العالمية " وعلى راسها الفيسيوك وتوتير واليوتيوب و.." ، والذين يتجاوز عددهم 4.6 مليار مستخدم حول العالم فى الوقت الحالى ،  وبالطبع مصر والدول العربية ليست استثناء من الهوس الذى أجتاج العالم والاتجاه نحو مزيد من الافراط فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى واستقطاع جزء اكبر من وقت الانسان وحياته ليقضيها فى تصفحها وتصفحها والتقاعل معها خاصة ما تزايد فاعدة مستخدمى الهواتف المحمولة الذكية وتوافر الانترنت المحمول فى اى مكان واى وقت .

     

    وبالطبع كان كيفية تعظيم استفاد ومكاسب الشركات المالكة لهذه المنصات للاستخدام المفرط لشبكات التواصل الاجتماعى من جانب المستخدمين هو محور اهتمام هذه الشركات لجنى المزيد من الاعلانات التجارية والارباح المالية خاصة مع تزايد قاعدة المستخدمين فى ظل ازمة جائجة كوفيد – 19 ، والتى ضربت العالم لمدة عامين تقريبا ، حيث أشار موقع (Influencer Marketing Hub) إلى مسح  أجراه موقع  (Global Web Index)، وجاء فيه أن  السبب الأكثر شيوعًا وراء استخدام الأفراد لوسائل التواصل الاجتماعي حتى الآن في الربع الأول من عام 2021 هو الاتصال مع الأصدقاء والعائلة بنسبة (48.6%)، بينما أشار (36.3%) إلى أنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لملء وقت الفراغ، و(35.2%) لقراءة الأخبار، و(30.9%) يستخدمونها للبحث عن محتوى مضحك أو ترفيهي، و(29.3%) يستخدمونها لرؤية ما يتم الحديث عنه، و(27.5%) يبحثون عن مصدر إلهام لأشياء يمكن القيام بها أو شرائها، (26.1%) يقومون بالبحث عن منتجات للشراء، و(24.9%) يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بهدف المشاركة ومناقشة الآراء مع الآخرين .

    كما كان تأثير وسائل التواصل الاجتماعي واضحًا في حياتنا الرقمية اليومية على مدار السنوات الماضية؛ حيث وفقًا لبيانات " Statista "، يبلغ متوسط  الوقت العالمي الذي يقضيه مستخدم الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًّا نحو 142 دقيقة في عام 2021، وهو أعلى بكثير مقارنة بـالـ 90 دقيقة المسجلة في عام 2012 وانخفض نمو متوسط الوقت العالمي الذي يقضيه مستخدم الإنترنت على وسائل التواصل الاجتماعي يوميًّا بنحو ثلاث دقائق خلال النصف الأول من عام 2021، ويمثل هذا أول انخفاض منذ 17 عامًا وهو وقت ظهور "فيسبوك"  .

    وفى الحقيقة ، وفى ظل الظروف الاقتصادية العالمية ، فان غالبية منصات التواصل الاجماعي بات همها هو كيفي  تعظيم عائداتها،  للحفاظ على نفس مستويات الأرباح ، وبدات تفكر فى حلول فى كيفية البحث جيوب مستخدميها تارة من خلال الاشتراك الشهرى وتارة ن خلال الموثوقية " العلامة الزرقاء ،  و تارة من خلال التشجيع على عمل حملة اعلانية  ، حتى ولو بمبالغة رمزية لتسويق المحتوى والحصول على الليكات والاعجابات والمتابعين ، وبات هذا هو شعار غالبية منصات التواصل الاجتماعي العالمية بمختلف خدماتها وأنوعها ...

    ونظرًا لأن 75 ٪ من الجيل " Gen Zers " وما يقرب من نصف جيل الألفية يتخذون قرارات شراء متأثرة بإعلانات الوسائط الاجتماعية ، فلا عجب أن تواصل العلامات التجارية والشركات ضخ الأموال في هذا النوع من الإعلانات وفقًا للبيانات التي قدمتها OnlyAccounts.io ، أنفقت العلامات التجارية في جميع أنحاء العالم 673 مليار دولار على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الخمس الماضية ، ويستمر هذا الرقم في الارتفاع.

    على مدى العقد الماضي ، نمت وسائل التواصل الاجتماعي لتصبح أداة تسويق ممتازة توفر طريقة بديلة للشركات للإعلان والوصول إلى جمهورها المستهدف والعملاء المحتملين. على الرغم من كونها باهظة الثمن وتستغرق وقتًا طويلاً وتتعرض للمراجعات السلبية ، إلا أن العلامات التجارية تواصل ضخ الأموال في إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أنفقت بالفعل مئات المليارات عليها.

    وفقًا لمسح أجرته "  Statista " ، أنفقت العلامات التجارية 73.2 مليار دولار على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2018. وبعد ذلك بعامين ، تضاعف هذا الرقم عمليًا إلى 132.7 مليار دولار. تشير الإحصاءات إلى أن عام 2021 شهد أكبر نمو على أساس سنوي ، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 36٪ أو ما يقرب من 50 مليار دولار في عام لتصل إلى 180.9 مليار دولار. على الرغم من أن 2022 و 2023 شهدتا معدلات نمو أقل بكثير ، إلا أن الإنفاق العالمي على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي لا يزال يصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.

    وتتوقع "  Statista " أن تنفق العلامات التجارية أكثر من 207 مليار دولار على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي هذا العام ، أو ما يقرب من ثلاثة أضعاف الرقم الذي تم الإبلاغ عنه في عام 2018. علاوة على ذلك ، من المتوقع أن ينمو إجمالي الإنفاق الإعلاني في سوق إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.5٪ بين عامي 2023 و 2027 ، مما أدى إلى حجم سوق قدره 207.1 مليار دولار وسيتم إنشاء أكثر من 80 ٪ من إجمالي الإنفاق الإعلاني هذا العام ، أو 170.3 مليار دولار ، من خلال الهاتف المحمول ، بزيادة من 53.5 مليار دولار قبل خمس سنوات. ستشكل إعلانات سطح المكتب الباقي من إجمالي الإنفاق الإعلاني البالغ 36.7 مليار دولار ، أي ضعف الرقم الذي شوهد في عام 2018 تقريبًا.

    وبالمقارنة العالمية ، فإن معظم الإنفاق الإعلاني ، أو 72.3 مليار دولار ، سيأتي من الولايات المتحدة. تقترب العلامات التجارية الصينية من إجمالي الإنفاق الإعلاني البالغ 71.3 مليار دولار هذا العام. تليها المملكة المتحدة ، واليابان ، وألمانيا ، بـ 9.7 مليار دولار ، و 7.7 مليار دولار ، و 3.8 مليار دولار ، على التوالي وهيمنت "  ميتا " على مشهد إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي بحصة سوقية ضخمة تبلغ 55٪ .

    على الرغم من أن " فيسبوك  " كان يواجه نموًا أبطأ بكثير في عدد المستخدمين النشطين شهريًا ، إلا أن " ميتا " لا تزال أكبر علامة تجارية في مشهد إعلانات الوسائط الاجتماعية العالمية. وفقًا لـ Statista Advertising and Media Outlook ، حصلت " ميتا " على حصة سوقية ضخمة بلغت 55٪ العام الماضي ، أي ما يقرب من أربعة أضعاف لينكد إن ، ثاني أكبر علامة تجارية للإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي. كان لكل من Snapchat و Reddit و Pinterest و Twitter و ByteDance حوالي 5 ٪ من عائدات إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي العالمية.

    فى النهاية نؤكد ان الصورة البريئة لشبكات التواصل الاجتماعى العالمية باعتباره واحة للحريات بلا مقابل هى صورة خاطئه بنسبة كبيرة ، اذا اخذنا فى الاعتابار عن وراءة شركات تهف الى تحقيق الارباح واستمرار قدراتها على تطوير خدماتها الابتكارية لاسيما مع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ،  وبالتالى فأن نظرتنا  كمستخدمين لهذه المنصات  الاجتماعية العالمية يجب الا تتوقف دورها عند مجرد تبادل الأفكار والتعرف بين المستخدمين والتواصل بين الاصدقاء وإنما يجب انن نبحث فى كيفية الاستفادة منها لتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة إذ كشفت دراسة أجراها مكتب" ديلويت " البريطاني أن موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حقق مئات الالاف من فرص العمل بشكل غير مباشر في دول الاتحاد الأوروبي كما أن فرص العمل التي حققها فيس بوك تجاوزت قيمة أنشطتها الاقتصادية نحو عشرات المليارات من الدولارات الأمر الذي يؤكد أهمية صناعة المحتوى الرقمي يمكن ان تفتح الآلاف من فرص العمل الجديدة ومكافحة البطالة وكذلك التنمية الاقتصادية ودخولنا ما يعرف باقتصاد المعرفة .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن