ثقة المواطن .. وتأهيل موظفي الحكومة تكنولوجيا

  • بقلم : خالد حسن

    "موت يا حمـار" ...

    مقولة نرددها عندما نشعر بأنه سيكون هناك تأخير في تنفيذ أي مهمة ويتم استخدامها من جانب من يعتمدون على عنصر الزمن في التملص من مسئولياتهم أو الهروب من التفكير فيما سيأتي أو المماطلة والتهرب من تنفيذ أي مهمة وعادة ما كانت هذه المقولة مرادفا لتعامل المواطن مع أي جهة حكومية للحصول منها على أي خدمة .

    ولكن من دخولنا عصر الحكومة الإلكترونية وتسريع عمليات التحول الرقمي لميكنة نظم العمل في كل الجهات الحكومية ربما يمكننا أن نقول إن هذه العبارة أصبحت من الماضي أو نأمل ذلك خاصة مع إعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى خلال الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار والذي عقد مؤخرا ، عن أنه سيتم إجراء تعديل لمواد موجودة في اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، والتي من شأنها أن تسهم وتشجع على التوسع في إنشاء المناطق الحرة الخاصة، وأيضًا تسهيل معاملة المستثمر الأجنبي مع البنوك خلال فترة تأسيس الشركة، موضحًا أنه كانت توجد عوائق تتمثل في ضرورة الانتظار حتى يتم تأسيس الشركة وإنهاء الإجراءات، ولكن في ظل ذلك التعديل يتسنى للمستثمر الأجنبي، بمجرد تقديم الطلب، التعامل مع البنوك على الفور، وسيكون الحد الأقصى للحصول على كل الموافقات اللازمة لتأسيس الشركات هو 10 أيام عمل، وعدم رد الجهة يكون بمثابة موافقة ضمنية، مع إنشاء منصة إلكترونية مُوحدة في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة؛ لتأسيس وتشغيل وتصفية الشركات والمشروعات، ويتم تجميع كل الجهات المعنية في تلك المنصة بحيث تستطيع الشركات أن تتقدم "أون لاين"، تماشيًا مع التطور العالمي، وتنفيذ كل الإجراءات من خلال المنصة".

     

    ومؤخرا في تجربة مع إحدى المؤسسات الحكومية، في أحد مكاتب التأمينات الاجتماعية ، لك أن تتخيل أن عملية استخراج شهادة بيانات من جهاز الكمبيوتر الخاصة بوزارة التضامن الاجتماعي عليك أن تذهب لمكتب محدد التابع له تأميناتك ، رغم أن هناك شبكة موحدة لمكاتب الوزارة ، بل الأدهى أن عليك أن تتعامل مع 7 موظفين بلا مبالغة، والوقوف في 7 طوابير متتالية ، إذ يوجد جهاز كمبيوتر واحد فقط تتعامل معه موظفة غير مؤهلة تكنولوجيا ، وحتى يمكنك الحصول على هذه الشهادة مختومة من رئيس المكتب .

    ويمكن القياس على ذلك العديد من الجهات الحكومية التي تمتلئ بمئات الآلاف من الموظفين الحكوميين غير المؤهلين تكنولوجيا والذين يفقدون بتصرفاتهم العشوائية جوهر عملية التحول الرقمي .

    في إطار جهود الدولة للتحول الرقمي  وتأهيل الموظفين وتطوير آليات تقديم الخدمات للمواطنين وتحديثها، بما يؤدي إلى زيادة رضا المواطنين، والاستفادة من أحدث البرامج الإدارية والتدريبية والتكنولوجية لدعم الخدمات الحكومية بالمحافظات كشف اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية عن استعداد الوزارة لتنظيم دورة تدريبية جديدة بمركز سقارة لأول مرة لتطبيقات الميتافيرس للعالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي في خدمات المحليات الأسبوع وذلك صمن خطة التوسع في برامج التدريب وبناء القدرات لكوادر الإدارة المحلية بالمحافظات، لإحداث تغيير نوعي وملموس في مستوى جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوطين أهداف التنمية المستدامة  2030 حيث يستفيد من التدريب 28 متدربا من العاملين بالمراكز التكنولوجية ووحدات التحول الرقمي بالوزارة والمحافظات.

    حيث تركز الدورة التدريبة علي تعريف الذكاء الاصطناعي وأنواعه وتطبيقاته وما هي ايجابياته وسلبياته، وتعريف ونشأة الميتافيرس ومميزاتها وعيوبها، والتعرف علي كيفية تحميل البرنامج وعمل حساب والتعرف على واجهة البرنامج، كما تتضمن الدورة تطبيق عملي على الدخول للعالم الافتراضي، وكيفية التنقل واستخدام الأدوات، والتعامل مع الشخصيات الافتراضية الاخرى والقوانين المنظمة لها، بالإضافة الي التعرف علي الخدمات التى ستقدم والفئة المستهدفة من الخدمات وكيفية تقديم تلك الخدمات، وكيفية استخدام خرائط التنقل داخل البرنامج، والتعرف علي القوانين المنظمة للإنترنت.

    كما ستقوم الوزارة بتنظيم دورتين تدريبيتين هما دورة تصميم الشبكات والأمن السيبراني، ودورة تطوير مهارات إدارة الموارد البشرية، فيما تستمر دورة تصميم الجرافيك والانفوجراف للأسبوع الثاني علي التوالي، ويستفيد من هذه الدورات 88 متدربا من جميع المحافظات وسيستفيد من دورة تصميم الشبكات والأمن السيبراني نحو 25 من متدربي الدورات الأساسية لتصميم الشبكات المنفذه بالخطة التدريبية الحالية، تتناول عدة موضوعات وهي التعرف علي المفاهيم العامة في الأمن السيبراني ومدي الحاجة للأمن السيبراني، والتعرف علي المفاهيم والتقنيات المستخدمة في الأمن السيبراني ومشاهدة برامج الاختراق، والعلاقة بين وسائل الاتصال الاجتماعي والأمن السيبراني، وكيفية حماية البيانات الشخصية والخصوصيات وتشفير الملفات المهمة علي الأجهزة وعمل نسخ احتياطية وحماية المنظمات من الهجمات السيبرانية والجدار الناري، بالإضافة إلى الاستخدام الآمن للشبكات اللا سلكية واستخدام كلمات المرور المناسبة، واختتمت الدورة بعدة مناقشات في قانون حماية البيانات الشخصية.

    وتسعي الوزارة لتنفيذ الإدارة المحلية الحديثة المتطورة في الجمهورية الجديدة، والتي تقوم بتوفير كل ما يدعم تنفيذ محور بناء قدرات العاملين بالإدارة المحلية باعتباره أحد أهم محاور خطة الإصلاح الإداري بالمحافظات، وهذا يتطلب استمرار تدريب كوادر المحافظات، وخلق جهاز إداري كفء وفعال يتسم بالنزاهة والشفافية ويواكب التطور التكنولوجي ويعزز من سهولة حصول المواطن على الخدمات المحلية ومواجهة الفساد.

    ونتصور أن نجاح مشروع الحكومة الإلكترونية في تحقيق أهدافه يعتمد في المقام الأول على مدى قدرة الموظف الحكومي على تغيير سلوكه تجاه المواطنين، والتعامل معهم على أساس أنهم عملاء له يجب أن يسعى لإرضائهم وليس كما يحدث الآن من ممارسات تشعر المواطن بعدم آدميته وإهدار كرامته .

    نريد أن يكون تكثيف برنامج التدريب التكنولوجي لموظفى الحكومة ومضاعفة أعداد المتدربين ، يهدف إلى تغيير اليات وثقافة الموظف الحكومي عند تعامله مع المواطنين " فليس هناك أحد فوق العقاب أو القانون " ومن ثمة فالمهم أن يكون لدى كل رئيس إدارة في أي جهة حكومية برنامج يسمح له بقياس مستوى أداء كل موظف، وتقييم سلوكه مع المواطنين، على أن يكون نظام الحوافز والترقيات وفقا لإنتاجية هذا الموظف بما يدفع الجميع إلى تلبية احتياجات المواطن بنفس طيبة .

    نعتقد أن أحد أهم الخطوات للقضاء على البيروقراطية الحكومية، وتحسين أداء الموظفين الحكوميين، هو وضع نظام متابعة ورقابة صارمة تساعد على معرفة مستوى أداء الموظفين لواجبات وظيفتهم، كذلك فإن إتاحة الفرصة للمواطنين للتقدم بشكاواهم عبر خدمة تطبيق الواتساب او بوابة إلكترونية أو من خلال كول سنتر، بما يمكن القيادات في الهيئات والجهات الحكومية من معرفة مدى جدية الموظفين الذين يعملون مع الجماهير وبما يساهم بالتأكيد في تغيير الصورة القاتمة الراسخة لدى المواطن من عدم كفاءة، وسوء معاملة الموظف الحكومي، وإعادة الثقة المفقودة للمواطن في كل ما هو حكومي تدريجيا .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن