الذكاء الاصطناعي وشراكته لمستقبل البشرية

  • نبضات

     

    بقلم : خالد حسن

    لعل من أهم مزايا قطاع التكنولوجيا انه يمثل النواة الرئيسية لإحداث التغيرات في كل المجالات من خلال تطوير مجموعة من الحلول والتقنيات الابتكارية التي تستهدف تحسين نمط الإنتاجية والحياة للجنس البشري بما أدى إلى تغير كلي في الكثير من صور العمل والنقل والصحة والتعليم وحتى الترفيه والتسلية عبر من يعرف ببرمجيات الذكاء الاصطناعي " أرتيفيشال إنتليجانس "  والتطبيقات التشاركية .

    ويتوقع خبراء التكنولوجيا أن العقد القادم سيشهد تغييرات مرعبة في ظل تسارع الأبحاث المتعلقة ببرمجيات الذكاء الاصطناعي وأنها ستؤثر بصورة جدية على هيكل سوق العمل في المستقبل القريب وأن الكوادر البشرية والمؤسسات والدول التي لن تستطيع أن تتواكب مع هذه التغيرات ربما ستعمق الفجوة الرقمية للثورة الصناعية الرابعة والمعروفة بثورة الذكاء الاصطناعي . 

    وبالفعل حققت تطورات الذكاء الاصطناعي  تقدماً كبيراً وزاد استخدامه بشكل كبير، خاصة بعد أن أطلقت شركة “أوبن أيه آي” (OpenAI)  الواجهة البرمجية “تشات جي بي تي” (ChatGPT). وهو ما دفع نحو 1000 من خبراء قطاع التكنولوجيا ، على رأسهم الملياردير ايلون ماسك مؤسس العديد من شركات التكنولوجيا العالمية وأحد مؤسسي أوين أيه أي ، إلى غبطاء الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي حتى يستطيع العالم تنظيم هذه الثورة الجديدة والتي تحقق قفزة واسعة في فترات زمنية قصيرة جدا ربما لا تستطيع غالبية الموارد البشرية ومؤسسات الأعمال الحالي استيعابها بالصورة الصحيحة كما أن العالم حتى الآن لم يتفق على قواعد موحدة للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتنظيمها لتعظيم الاستفادة من إيجابياتها والعمل على تقليل سلبياتها على غرار ما حدث مثلا مع ثورة الإنترنت .

    وبالطبع فإن هناك العديد من المخاوف التي بدأت تطفو على السطح مع التوسع في استخدام تطبيق "تشات جي بي تي " وما يمكن أن يقدمه من خدمات فمثلا أعلن ، مؤخرا ، بسام الخراشي ـ الرئيس التنفيذي لمركز الابتكار وريادة الأعمال " I-Be "بالمملكة العربية السعودية أنه أنهى تأليف كتاب عن جذب رأس المال الجريء للشركات الناشئة باستخدام الذكاء الاصطناعي وذلك خلال يوم واحد فقط !

    فمن خلال توجيه بعض الأسئلة للتطبيق عن توليد عناوين الكتب والفصول والأقسام والمحتوى فمثلا لتوليد أفكار لعنوان الكتاب ، استخدم الاستنطاق التالي"  أحتاج منك إلى إعطائي قائمة بأفكار عناوين لكتاب حول جذب رأس المال الجريء للشركات الناشئة" ومن خلال هذا الاستنطاق ، حصل على قائمة من العناوين الجذابة والمثيرة للاهتمام وهكذا في كل محتوى الكتاب.

    ومن ثمة فإن هناك الكثير من المواد البشرية التي باتت تخشى من مستقبل غير مؤكد مع التوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي حيث يخاطرون بفقدان وظائفهم واستقرارهم وقيمتهم في المجتمع، حيث يصبح من السهل ميكنة مهاراتهم. لكن، سيظل الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى التعاون البشري، والتدخل في بعض الأحيان، ليعمل بشكل صحيح.

    وفي هذا الإطار ، مؤخرا ، كشف برنارد مار مؤلف كتاب  "مهارات المستقبل: المهارات والكفاءات العشرون التي يحتاجها الجميع للنجاح في عالم رقمي" ، وهو المؤلف المستقبلي والعالمي الأكثر مبيعاً، ليورونيوز نكست، لا نريد أن نعتمد تماماً على الذكاء الاصطناعي في المستقبل، لأنه ماذا لو حل محل كورونا فيروس حاسوبي هائل يُعطل جميع  الحواسيب ويدمرها أو يقفلها. أنظمة الكمبيوتر الخاصة بنا ؟

    مع ذلك، في حين أنه من غير المتوقع أن يحاكي الذكاء الاصطناعي قدرات البشر تماماً، فقد أصبح جيداً في أداء المهام الأساسية المتكررة أو المهام الآلية.

    يمكن أن يوفر ذلك الوقت ومساحة لاستكشاف استخدام القدرات البشرية الخاصة، مثل الإبداع والخيال.

    الآن، غالباً ما  يُثيرالتفكير بقدرات الذكاء الاصطناعي الخوف  بين الناس. فماذا يعني ذلك بالنسبة لعملي كشخص يكتب، على سبيل المثال، هل يعني هذا أنه في المستقبل ستكتب أدوات مثل “تشات جي بي تي” جميع مقالاتنا؟ الجواب هو لا. لكن ما سيفعله هو أنه سيزيد من وظائفنا “.

    اوضح المؤلف أن هناك 5 مهارات يمكنك تخطيها بفضل التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي أولها " الكتابة " حيث يمكن استخدام تقنية توليد اللغة الطبيعية للذكاء الاصطناعي لكتابة تقارير بسيطة ومقالات إخبارية ومحتويات أخرى سيعمل تقدم القدرات اللغوية للذكاء الاصطناعي على زيادة الوظائف البشرية في الكتابة من خلال تلخيص المعلومات وتقديم الاقتراحات وطرح الأفكار كما يستخدم العاملون روبوتات المحادثة مثل “تشات جي بي تي” لكتابة محتوى له علاقة بوظائفهم، مثل فرق الموارد البشرية ووصف هذه للوظائف بالإضافة إلى أن بعض الأشخاص سيحصل على أموال إضافية باستخدام الذكاء الاصطناعي، في كتابة وبيع أنواع مختلفة من الكتب والمحتويات على موقع أمازون.

    وتتمثل المهارة الثانية في " فن التصميم " حيث يمكن للأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تقلل من أعمال التصميم اليدوي من خلال المساعدة في مهام مثل توليد الصور وتصميم التخطيطات وتحسين مخططات الألوان على الرغم من أن البعض يجادل بأن استخدام الذكاء الاصطناعي في عالم الفنون ليس فناً، هناك رواد يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتطوير أسلوبهم وحرفهم.

    على سبيل المثال، اعترف مصور على إنستجرام  حصل على آلاف المتابعين من خلال إنشاء صور مذهلة باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي “ميدجورني” (Midjourney)، وقام بتحسينها في “فوتوشوب”(Photoshop)..

    في حين  أن المهارة الثالثة هي " إدخال البيانات " من المحتمل أتمتة إدخال البيانات ومعالجتها في غضون خمس و عشر سنوات. تقول إيمان عادل ـ نائبة الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في “باي موب ” (Paymob)، لمجلة فوربس  (Forbes)، إن خوارزميات التعلم الآلي يمكنها التقاط البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر اذ باستخدام خوارزميات التعلم الآلي مثل تقنية التعرف الضوئي على الأحرف (OCR)، يمكن للذكاء الاصطناعي الآن التعرف على النص المطبوع أو المكتوب وتحويله إلى بيانات رقمية، مما يقلل الأخطاء اليدوية ويوفر الوقت الثمين.

    والمهارة الرابعة هى " تحليل البيانات : إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة، وتحديد الأنماط والرؤى التي قد يُخطئ البشر في تفسيرها أو لا يتمكن، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل فحالياً، لدينا ذكاء اصطناعي يمكنه ببساطة الاطلاع على بياناتنا وتحليلها واكتشاف الأنماط وإجراء بعض التحليلات. بهذا يمكنه القيام بمهام المحاسبة المالية الأساسية.

    أما المهارة الأخيرة فهي " إنتاج الفيديو " فإنه يمكن لأدوات التحرير التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مساعدة الذين لا يمتلكون خبرة في الإنتاج عن طريق تحديد أفضل اللقطات، وتجميعها تلقائياً، وإضافة انتقالات، وضبط مستويات الصوت يمكن أن يساعد أيضاً في مهام مثل تنقيح الصورة وتثبيت الفيديو وتصحيح الألوان. ويمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي إنشاء معاينات أيضاً، مما يسهل على المستخدمين تصور منتجهم النهائي.

    فبفضل قدرته على ميكنة المهام المتكررة بسهولة، قد يكون الذكاء الاصطناعي هو الحل لأشخاص يخضعون لنظام يدفعهم إلى قتل إبداعهم للتركيز على أداء المهام الأساسية المملة على المدى الطويل، نأمل أن يكون (الذكاء الاصطناعي) شيئاً جيداً لأنه إذا نظرنا إلى الكثير من الوظائف، فإننا نهدر الكثير من إمكاناتنا البشرية المذهلة في القيام بأشياء لا تضيف قيمة كبيرة حقاً…إذا تمكنا من إعطاء هذا للآلات وتركيز وقتنا على الأشياء التي تضيف حقاً قيمة كبشر من حيث الإبداع والتفكير النقدي، وغيرها، سيؤدي ذلك إلى جعل العالم مكاناً أفضل.

    في النهاية اتفق مع المؤلف في انه يجب أن تكون العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبشر تعاونية إلى حد ما، وتشبه العلاقة بين الطيارين والطائرات الآلية بينما يمكن للطائرة أن تحلق بمفردها باستخدام وضع الطيار الآلي الخاص بها، لكن الطيار مطلوب دائماً على متن الطائرة في حالات الطوارئ.

    &

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن