تطبيقات توظيف الأموال ..و" Easy Money "

  • نبضات

     

    بقلم : خالد حسن

    نتفق أن هناك اتجاها عالميا قويا ، منذ عقد من الزمن ،  نحو مزيد من الاعتماد على التقنيات المحمولة والأدوات والأجهزة التكنولوجية المحمولة لضمان تحسين أداء الأفراد والمؤسسات بشكل عام وتحسين العلاقة التفاعلية بين المؤسسة وعملائها من جانب ، ومورديها من جانب آخر ، ولعل خدمت الدفع يعد واحدا من أهم الخدمات التي يمكن تطويرها بصورة كبيرة عبر استخدام الحلول التكنولوجية وتطبيقات وتقنيات الاتصالات المحمولة .

    اذ يمكنك الان إرسال تحويل مالي لاسرتك او أحد عملائك الذي يبعد عنك آلاف الكيلو مترات بدون أن تضطر للانتقال إلى البنك لتحويل الأموال المطلوبة أو استخدام كارت الائتمان ، التي لا يمتلكها الكثير ومن يمتلكها غالبا يخشى استخدامها على الإنترنت خوفا من تعرضها للسرقة ، إذ ستوفر شركات التكنولوجيا المالية " Fintech  " تشغيل شبكات المحمول البنية التكنولوجية المؤمنة تماما بما يتفادى حدوث أي عمليات هاكرز عند إجراء عملية التحويل أو الدفع باستخدام تطبيقات المحمول .

    وتشير الدراسات العالمية الى ان المدفوعات عبر الهاتف المحمول بلغت نحو 2 تريليون دولار فى عام 2020، وهو ما يمثل 15% من إجمالي معاملات نقاط البيع حيث  أصبحت المدفوعات عبر الهاتف المحمول جزءًا مهمًا من الاقتصاد الرقمي وطريقة جيدة لتسويق أعمالك الصغيرة، خاصة للمستهلكين الذين يقومون بعدد كبير من معاملاتهم على الأجهزة المحمولة.

    ولا نخفي سرا أن منصات أو تطبيقات الدفع الالكتروني ستشكل لحد كبير مستقبل ودور البنوك فى تطوير اليات المعاملات المالية سواء فيما بين الأفراد أو فيما بين المؤسسات أو بين المواطنين والشركات من جهة وبين الجهات الحكومية من جهة اخرى  وهذا ما يفسر الاستثمارات المالية الكبيرة التى تضخها كاف البنوك سواء فى تطوير بنيتها التكنولوجية واطلاق تطبيقاتها الخاصة لاتاحة كافة خدماتها لعملاءها أو الأستحواذ على تطبيقات الدفع الالكترونى والتى نجحت فى السنوات الثلاثة الماضة ، لاسيما مع ظهور فيروس كورونا  ، في أن تستحوذ على حصة كبيرة من المدفوعات الالكترونية وأصبحت تشكل مصدر ثقة للكثير من مستخدمى الهواتف الذكية والأجهز الالكترونية اللوحية ناهيك عن جذب فئات جديدة من المستخدم ، خاصة الشباب  والذين لا يفضلون التعامل مع اليات البنوك ويفضلون اليات التجارة الالكترونية والدفع الالكترونى نظرا لسهولته وسرعته وهو ما انعكس فى تجاوز حجم التجارة الالكترونية فى مصر لنحو 5 مليار دولار فى عام 2021 .

    الا انه مع كل تطور تكنولوجي فى مجال المعاملات المالية تجد أن هناك من يحاول استغلال هذا التطور من أجل إجراء ممارسات غير قانونية تستهدف الإحتيال او الاستيلاء أو حتى سرقة اموال الناس بخداعهم وتضليلهم سواء تحت شعار  " Easy  Money "يتيح لهم جني الأرباح الكثيرة فى فترات زمنية قصيرة او توظيف هذه الاموال فى مشروعات تدر عائد مادي كبير وهذا ما نشهده يتكرر سنويا منذ منتصف ثمانيات القرن الماضى، شركات الريان والسعد والشريف ، وحتى الان ممثلا فى منصة هوج بول " hoog Pool " والتى تاسست فى مصر فى اغسطس 2022 ، اى منذ 6 شهور تقريبا ، الا انها نجحت فى اقناع عشرات الالاف من المصريين فى ضخ أموالهم بهذه المنصة الناشئه والتى تتدع ممارسة عملية التعدين السحابية للعملات المشفرة ،حيث ان مصر والكثير من دول العالم تمنع تداول العملات المشفرة ،  عبر منحهم أرباح خيالية غير حقيقية ولا يوجد اى نشاط اقتصادي يمكن اى يحققها ، مهما أمتلك من امكانيات وقدرات ، خاصة وأن هذه الارباح تمنح فى فترات زمنية وجيزة جدا 20 يوم او 100 يوم او 180 يوم على الاكثر .

    الغريب فى كابوس منصة " هوج بول " أن القائمين عليها نجحوا فى استخراج كافة الأوراق الرسمية التى تضمن لهم المصداقية أمام المواطنين ، الباحثين عن استثمار اموالهم والحصول على عائد يساعدهم على ظروف المعيشة الصعية فى الوقت الراهن ، وذلك بداية من السجل التجارى مرورا بتطوير تطبيق الكترونى بمنتهى الحرفية ووضعه على " متجر جوجل " بجانب استخدام المحافظ الالكترونية التابعة لشركة " فودافون مصر " لاستقبال وإرسال التحويلات المالية وأرباحها للمستخدمين بالاضافة الى استخدم جروبات تطبيق " الواتساب " للتواصل بصورة يومية مع المواطنيين  واعتباره الوسيلة الوحيدة للتواصل معهم ، بعيدا عن الوكلاء او مديرى فرق العمل ، ناهيك عن استغلال منضات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك للاعلان عن التطبيق  لجذب ولفت انتباه الكثير من المستخدمين الراغبين فى توظيف أموالهم وأخيرا القيام بتنظيم عدد من الحفلات فى الاماكن العامة بالمحافظات لتكريم وتوزيع الجوائز المالية على بعض المواطنين ، الذين نجحوا فى تحقيق المستهدفات المالية المطلوبة منهم والترويج للتطبيق وادخال أقارابهم واصدقائهم ، مما أعطي مصداقية كبيرة لمنصة " هوج بول " وجعل الناس لا تتوقف كثير عند نوعية النشاط او التجارة التى تمارسها هذه الشركة لجني هذه الارباح الطائلة .

    الاكثر دهشة هو كيف سمحت الأجهزة الرقابية سواء الموجودة على السويشال ميديا ممثله فى مباحث الانترنت أو هيئة الرقابة المالية أو مباحث الأموال العامة وكذلك البنك المركزى المصري بتمرير كل هذه الأموال عبر تطبيق شركة فودافون مصر للدفع الالكترونى ، أو غيرها من شركات الاتصالات ،  دون ان تلتفت كل هذه الأجهزة الرقابية لكل هذه التحويلات المالية ، مع العلم أن أى شركة فى مصر ، مش أي شخص ، تريد تحويل مبلغ اكثر 50 الف جنيه فى اى بنك عليها تقديم الكثير من المستندات والاسباب للقيام بهذا التحويل كما أن هناك حدود قصوى " يومية وشهرية " لعمليات الدفع الرقمي عبر المحافظ الالكترونية لشبكات الاتصالات .

    فى تصورى أن هناك خطا جسيم من قبل المواطنين الذين وثقوا فى هذه المنصة " هوج بول " بدون التاكد من مقرها او طبيعة نشاطها او حتى الاخذ فى الاعتبار لحداثة نشاتها وعدم امتلاك اى سابقة اعمال تؤكد جديتها او انها تستطيع جنى كل هذه الارباح الباهظة فى هذه الفتات الزمنية القصيرة .

    ولكن فى اعتقادي ايضا أن الخطا الاكبر على جميع الاجهزة الرقابية المعنية بتنظيم التعاملات المالية وومتابعة تنفيذ قواعد المدفوعات الرقمية فليس المهم ان نطلق خدمات جديدة تستهدف تطوير أنظمة الدفع المالي لتحسين عملية تداول الأموال وتشجيع النشاط التجاري والمالي والاقتصادي وانما الأهم ان نضمن ان تعمل هذه المنظومة تعمل بكفاءة ولا يوجد بها اى خلل يمكن استغلاله من قبل بعض المحتالين او اللصوص لخداع المواطنيين وسرقة مدخراتهم تحت شعار توظيف الاموال .

    فى النهاية نحذر من وجود الكثير من أمثال هذه التطبيقات ولكن بصورة مختلفة ومنهم ما حدث لتطبيق " مانى ماستر " والذى كان يقم خدمات الجمعية الالمالية التقليدية تبدأ من 5 الاف جنيه وحتى مليون جنيه الا انه اعلان نهابة الشهر الماضى افلاس الشركة فمن المسؤول عن رد مستحقات المستخدمين لهذا التطبيق واين يتم وضع اموال المستخدمين هل فى حساب بنكي معروف لدى الجهات المالية والرقابية ان يتم توظيفه فى مجالات اخرى لا نعلم تحديدا .

    وربما سنسمع خلال الايام القادمة عن عدد من التطبيقات الأخرى التى تمارس أنشطة مماثلة لجمع وتوظيف الاموال من المواطنيين  تحت شعارات مختلفة  ومنها تطبيق   ثاندر " Thndr  " لشراء الأسهم  وتطبيق واكس بيت" 1Xbet"  للمقامرة وذلك على غرار ما حدث من تطبيق الرمال البيضاء " white sands " الذى كان يروج لربح الأموال عبر الانترنت عن طريق تنفيذ بعض المهام البسيطة مثل: مشاهدة الفيديو أو الاشتراك فى القنوات أو الإعجاب بالمنشورات أو متابعة الأشخاص والصفحات عبر موقعى يوتيوب وفيسبوك مقابل الحصول على أرباح.

     

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن