انظر حولك

  •        بقلم  : د . ياسر بهاء

    هل تعلم أن هناك أشخاصا ناجحون وأشخاص فاشلون؟ هل تعلم أن من تراه ناجحاً قد يراه البعض فاشلاً؟ وهل تعلم أن من تراه فاشلاً قد يراه البعض ناجحاً؟ وأيضاً هناك من اتفق الجميع على فشلهم ولكنهم لا يرون ذلك، فهل تعلم لماذا؟

    بعد الكثير من البحث والتعرض لمختلف وجهات النظر، اكتشفت حقيقة تلك المعضلة الخطيرة ألا وهي أنه ليس هناك معيار واحد أو حتى معايير واحدة لتعريف النجاح! طبعاً لم آت بجديد :

    ولكن ليتسع لي صدرك بأن تستمر في القراءة لتتعرف على ما هو أعمق من ذلك؛ فكما أنه لا يوجد تعريف موحد للنجاح يتفق عليه الجميع فإن الوصف ينطبق تماماً على الفشل فقد ترى أحدهم فاشلاً وهو نفسه لا يرى ذلك! ولكن لماذا كل تلك الأسئلة؟

    بما إن النجاح نسبي ويخضع لأهواء وآراء مختلفة فيجب علينا إيجاد مفهوم نستند عليه في تقييم النجاح حتى نسعى لفهمه وتطبيقه إن أردنا تحقيق ما حققه الأخرون من نجاح، فماذا يمكن أن يكون هذا المفهوم؟

    ليس كل الأغنياء لصوص وليس كل أبطال كمال الأجسام ملتزمين بالغذاء الصحي دون اللجوء لمقويات ومكملات قد تضر بصحتهم فيما بعد وليس كل من يحصل على الدكتوراه فذ وعبقري وحصل عليها عن جدارة وليس كل قاضي شريف وليس كل حاكم عادل وليس كل ذي منصب عال مجتهد وليس كل زوجين يستعرضون صور سعادتهم على كل مواقع التواصل الاجتماعي فعلاً سُعداء وتستمر القائمة إلا ما لا نهاية ولكن!

    ألا تتفق معي أنه – بالرغم مما سبق – هناك أغنياء شرفاء وأبطال كمال أجسام وصلوا للعالمية دون أي منشطات وهناك دكاترة أفذاذ وقُضاة شرفاء وحكام عادلين وأزواج سعداء؟ إذن السؤال هنا ماذا فعل هؤلاء بالرغم من أنهم قد يكونوا تعرضوا لنفس الظروف – إن لم تكن أسوأ – مثلما تعرض لها غيرهم ممن لم يصلوا لما وصل هؤلاء إليه؟ قطعاً هناك من هم أقل منا ذكاءً وعلماً ولكنهم حققوا إنجازات لم نحققها وأيضاً هناك من هم أكثر منا ذكاءً وعلماً وفشلوا فشلاً ذريعاً؛ إذا لا توجد معادلة نستطيع من خلالها توفير وتبني عناصرها للحصول على النجاح المطلق في أي شيء، فما الحل إذاً؟

    هناك من يعترض على ثقافة وحياة الغرب برمتها وهناك من يقتدي بها من الألف إلى الياء وكلا الفريقين له منطقه ووجهة نظره ولكن هناك أيضاً من يتبع ما يتناسب مع ثقافته ودينه وقيمه وأخلاقه ويترك ما يتعارض معهم، إذاً إعمال العقل واجب في إيجاد ما هو مناسب وما هو غير ذلك. وكذلك لابد أن نفعل مع الناجحين!

    ليس كل الناجحين عصاميين ولكن منهم من بدأ من تحت الصفر وبالتالي علينا النظر إلى كل من حقق نجاح في مجاله بنظرة تحليلية للتعرف أولاً على الصفات التي يتحلى بها وكانت سبباً رئيسياً في التميز فيما وصل إليه مثل الانضباط والإصرار والإيجابية والتفاؤل والاستمرارية والتعاون والتركيز على الأهم ثم المهم واكتساب العادات الجيدة والتخلص من العادات السيئة وغيرها من الصفات والسلوكيات التي إن توفرت بشكل كافي تكون سبباً ذو قيمة في تحقيق ما لا يحققه ممن لا يتسمون بهذه الصفات ولكن يجب الأخذ في الاعتبار البيئة المحيطة والتي في أحيانٍ كثيرة تكون سبباً مهماً في الوصول إلى آفاق أبعد وأرقى.

    فمثلاً في حالة وجود قدرات وسلوكيات وصفات عادية مع بيئة محفزة تكون النتائج جيدة وفي حالة وجود قدرات وسلوكيات وصفات مميزة مع بيئة محفزة تكون النتائج مذهلة أما في حالة وجود قدرات وسلوكيات وصفات عادية مع بيئة محبطة تكون النتائج جداً سلبية وضعيفة وفي حالة وجود قدرات وسلوكيات وصفات مميزة مع بيئة محبطة تكون النتائج غير معروفة حيث تعتمد على قدرة الفرد وقوة إرادته على التعامل مع تلك البيئة فمنهم من يستسلم لما يحيط به فيخسر فرصة استغلال ما يمتلك من قدرات ومنهم من يخلق البيئة أو يبحث عن بيئة أخرى محفزة فيحقق ما يستحق أن يصل إليه من إنجازات.

    ومن هنا نستطيع القول بأنه لابد من النظر بعناية للناجحين لتحليل الأسباب ولا نغتر فقط بالنتائج فوراء كل إنجاز أسباب يمكن نسخها وتطبيقها في أي ظروف وهي التي يجب التركيز عليها واكتسابها وأيضاً هناك أسباب تتعلق بالظروف المحيطة والدعم الخارجي الذي قد يحصل عليه هؤلاء الناجحون والتي لا تتوافر للجميع فعلى سبيل المثال من أهم أسباب نجاح بيل جيتس مؤسس ميكروسوفت أنه نشأ في بيت مهتم بالحاسوب مما كان له دوراً رئيسياً في وجوده في نطاق اهتمامه وشغفه وعلى صعيد آخر قد تكون الظروف السيئة هي السبب وراء النجاح المميز مثل نيلسون مانديلا وغاندي وغيرهم ممن كان لهم دور وأثر كبير في تغيير مسار البشرية بالرغم مما أحاط بهم من ظروف غير مشجعة أو محفزة بالمرة.

    مما يجب علينا أيضاً البحث عنه بعد معرفة الصفات التي يتمتع بها الناجحون هو من يحيط بنا من أفراد حيث أنه كلما كان أقرب الناس لنا دافعين وداعمين لنا كلما كان الاستمرار أسهل مهما كانت الصعاب والعكس صحيح فكم من أفراد لم يحققوا إلا الفشل بسبب من يحيط بهم من أفراد يبعثون روح الانهزامية والسلبية والتشاؤم فإذا رأيت من يتهم الناجحون دائماً بأنهم لا يستحقون ما وصلوا إليه بحجة الواسطة والحظ والبيئة الداعمة والظروف المواتية فاعلم أنهم لم ولن يجدوا سبيل النجاح أبداً وعلينا الابتعاد عنهم كلما أمكن أو عدم التأثر بهم إن كانوا ممن لا نستطيع البعد عنهم فقد يكون الأب أو الأم – بدافع الحب والخوف على أولادهم – عنصر سلبي في طريق تحقيق أولادهم لما هو جديد وغير مألوف.

    وأخيراً فإن الوعي بما يجب البحث عنه من صفات وأشخاص ومواقف والأخذ بتلك الأسباب وتبنيها بما يتناسب مع ما نؤمن به من قيم وأخلاقيات وما نلتزم به من قوانين وعادات وتقاليد هي الخطوة الأولى والأهم في طريق النجاح والتميز فاحرص دائماً على أن تكون منتبهاً ومتيقظاً ولا تتكاسل في أن تنظر حولك (بوعي).

         



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن