الذهب يصحح مع انتعاش عوائد السندات وسط بقاء عوامل الخطورة قصيرة وطويلة الأجل

  • بقلم : سامر حسن

     محلل أسواق أول في XS.com

     

    يتجه سعر الذهب للتراجع اليوم في التعاملات الصباحية الباكرة فيما يفشل في الاحتفاظ بمستوى 3370 دولاراً للأونصة وذلك بعد أربعة أيام من المكاسب المتتالية.

    تراجع الذهب اليوم يأتي بالتزامن مع انتعاش عوائد سندات الخزانة التي كانت قد بلغت الأمس أدنى قاع لها منذ أبريل الفائت وذلك بعد تصاعد الأمل بالخفض المتعدد لسعر الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

    في حين أن عوامل الخطورة المحيطة تشير إلى فرضية أن هذا التراجع في سعر الذهب هو بمثابة تصحيح يسبق الانطلاق نحو استعادة المزيد من المكاسب السابقة.

    فعلى الجانب التجاري، فقد شهد هذا الملف تحولاً بما يجمعه مع ملف الحرب الروسية-الأوكرانية في نفس المسار. حيث لجئ الرئيس دونالد ترامب إلى تهديد الهند بفرض تعرفات جمركية ضخمة جراء استيراد النفط الروسي على أن يتم البت في هذا القرار اليوم الأربعاء. في حين يرى خبراء بأن تهديد ترامب للهند بشأن هذه التعرفات المرتفعة ليس سوا ورقة ضغط تفاوضية يستخدمها في معساه للتوصل إلى اتفاق يقضي بفتح الهند سوقها أمام الولايات المتحدة وتقليل اعتمادها على روسيا، وفق ما نقلته وول ستريت جورنال.

    كما أن ترامب هدد روسيا بفرض عقوبات جديدة مباشرة أو ثانوية على شركائها التجاريين ما لم يتم الالتجاء إلى وقف إطلاق النار مع ‘طاء مهلة تنتهي يوم الجمعة. في حين يزور المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف روسيا اليوم للتباحث مع القيادة في روسيا، وفق ما أفادت به رويترز.

    علاوة على ذلك وكله، ولعله الأهم بالنسبة إلى السوق، تقترب مهلة تعليق التعرفات الجمركية على الصين من الانتهاء في الأيام المقبلة فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق إلى الأن.

     

    عليه، فإن الساعات والأيام القادمة قد مساهماً رئيسياً في تحركات السوق. فيما أن تعثر المفاوضات مع الصين والهند وعدم القدرة على التوصل إلى هدنة في أوكرانيا قد يقودان إلى المزيد من التصعيد الجيوسياسي بما قد يتجاوز مسألة التعرفات وهذا ما قد ينعش علاوة المخاطر لأصول الملاذ الآمن وأبرزها الذهب.

    هذا بما يخص الأمد القصير والذي يبدو فيه الاقتصاد الأمريكي متماسكاً عند إلقاء النظرة الأولى على بعض البيانات الأخيرة وخصوصاً الناتج المحلي الإجمالي الذي تسارع نموه بوتيرة غير متوقعة. إلا أن الأصوات تتعالى حتى في المنابر المحافظة والتي تحذر من العواقب بعيدة الأجل والأمل الزائف التي تبثه بعض الأرقام الاقتصادية. فيما أن بقاء هذه المخاطر في أذهان المستثمرين من شأنه أن يعزز من الطلب على الذهب كملاذ آمن على المدى الطويل ويحفظ له قدرته على متابعة اتجاهه الصاعد.

    حيث تحدث المحرر في وول ستريت جورنال ماثيو هينيسي عن أن الأثر الخفي لرسوم ترامب الجمركية يتمثل في الأنشطة الاقتصادية التي لم ولن تحدث بسبب السياسات الحمائية، مثل الاستثمارات التي لم تُنجز والوظائف التي لم تُخلق نتيجة لحالة عدم اليقين في الأسواق. فعلى الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن هذا لا يعكس ما تم فقدانه في الخفاء، مثل قرارات التوسع المؤجلة وإنفاق المستهلكين الذي لم يتم. وكما استشهد هينيسي بالعالم فريدريك باستيا، بالقول بأن الاقتصادي السيئ يرى فقط النتائج المباشرة، بينما الجيد ينظر إلى ما وراء ذلك، مضيفًا أن "العواقب الفورية إذا كانت إيجابية، فالعواقب اللاحقة غالبًا ما تكون كارثية".

    كما سبق وانتقدت هيئة التحرير في المجلة التعرفات الجمركية وحذرت من آثارها على المدى البعيد المتمثلة بإضعاف ثقة المستثمرين والمستهلكين وتباطؤ النمو، كما أشارت إلى أن النمو في قراءة الناتج المحلي كان بفعل تراجع الواردات بينما انكمش الاستثمار المحلي الخاص.

    في حين لا يبدو أن ضعف الثقة بالولايات المتحدة واقتصادها يأتي بفعل التعرفات الجمركية وعدم اليقين تجاهها، بل قد يأتي مع المخاطر المتصاعدة نتيجة محاولة التدخل المتزايد لترامب في الجوانب الحيوية. حيث أثارت خطوة ترامب الأسبوع الفائت بإقالة رئيس مكتب إحصائيات العمل مخاوف من نوع مختلق هذه المرة.

    حيث أشارت هيئة التحرير في نيويورك تايمز في مقال للرأي إلى أن لهذه الإقالة مخاطر عميقة تهدد نزاهة الدولة وقدرتها على اتخاذ قرارات مستندة إلى الحقائق. فهذه الخطوة تقوض الثقة في مصداقية البيانات الحكومية، وترهب الموظفين العموميين الذين قد يمتنعون عن قول الحقيقة خشية فقدان وظائفهم، كما تضعف استعداد الأفراد والشركات للتعاون مع عمليات جمع البيانات. الأخطر من ذلك أن التلاعب بالبيانات يفتح الباب أمام "واقع بديل" تصوغه السلطة السياسية، لا الحقائق. كما استشهد المحررون بما قد أفضى إليه هذا النهج في دول مثل الأرجنتين واليونان من كوارث حقيقية؛ إذ كانت الحكومات تضلل الجمهور والمستثمرين ببيانات زائفة عن الاقتصاد، حتى انهارت الثقة وتفاقمت الأزمات.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن