المواطن الرقمي ومهارات المستقبل

  •  

          بقلم : د/ غادة عامر

     

    الطبيعي ان الاجيال المختلفة تمتلك قيم، و اساليب، و طرق تعامل و مصطلحات مختلفة، فما بالك بالجيل التكنولوجي الذي ولد في عصر الانترنت بعد عام 1990 ، هذا الجيل الذي نمى و هو يستخدم الانترنت و الهواتف الذكية بكل سلاسه، الجيل الذي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لاغراض الاتصال و التعارف و احيانا لمعرفة المعلومات و لبناء توجهاته. هذا الجيل الطموح الذي اصبح عنده ثقة بنفسه بسبب انفتاحة علي العالم وبسبب قدرته على الحصول علي المعرفة و المعلومات بسهوله وبسرعه، هذا الجيل الذي نتيجة لجرأته في التعامل ينظر اليه الجيل القديم علي انه جيل متغطرس و مغرور، بدلا من ان يستفيد منه و من قدراته التكنولوجية المهوله!

    أن جيل التكنولوجيا لديه توقعات عاليه و دائما يسعى الي كل التحديات الجديدة، يكفي ان هذا الجيل لا يخشى ان يطرح سؤال لاي شخص ايا ما كان منصبة اذا وجد اي شيء غير واضح بالنسبه له (اي ليس لدية العقده النفسية "انا اعرف كل شيئ" ). كما أنه طموح و في احيان كثيره يكون موجهه نحو تحقيق أهدافه، و اصبحت ادوات تطوير نفسة و تحسينها متاحة بين يديه، هذا الجيل لديه القدره علي التعلم لذلك تجده يميل الي العمل في الامور التي يحبها و يشعر انها ممتعه بالنسبه له، حتي لو لم يكن درس عنها او كانت تخصصه في مجال ما تعلمه في مراحل التعليم التقليديه، كأن تجد شخص مثلا خريج معهد تجاري و متميز في مجال تصميم المواقع الالكترونية و صيانه الحاسب الالي.

     هذا الجيل يبحث عن الوظيفة المرضية لكن لابد ان تكون بيئة العمل التي يعمل فيها  ايجابية و مرنه و محفزة علي الابداع و تعطيه فرصة للتعلم و النمو . هذا الجيل يحب الحرية في تنفيذ ما يسند الي من اعمال بطريقته، لذلك فهو يكره البروقراطية و التعقيدات السابقة، و أكثر ما يميزه أنه يبدع عندما يحصل علي التقدير المناسب.

    لكن في النفس الوقت، يفتقد جيل التكنولوجيا مهارة التعامل مع الاشخاص التقليدين و المعقدين و البطيئين في أتخاذ القرارت، لانهم جيل "اريده الان" ، لذلك تجدهم قليلي الصبر ، يميلوا للبحث عن الإشباع الفوري بدلا من الاستثمار على المدى الطويل من الوقت والجهد، كما انهم يغيروا العمل بسرعه عندما لا يحصلون علي التقدير الذين يريدونه ، لذلك تجدهم يتنقلون من عمل الي عمل بجرأه لم نعهدها في الجيل القديم.

    لذلك مهم جدا أن يأخذ المسؤولين و واضعوا السياسات بعين الاعتبار طبيعة هذا الجيل الذي خلق ما يسمى بالمواطن الرقمي، عند التفكير في المهارات المستقبلية المطلوبة لنهضة و تقدم و استقرار المجتمع، لكي يستطيعوا تحديد المهارات التي سوف تكون ذات صلة في المستقبل بناء علي مطلبات و مهارات جيل التكنولوجيا. ان فهم المواطن الرقمي و الاتجاهات الجديدة التي خلقها، تمكن واضعي السياسات من رسم استراتيجيات ووضع سياسات تعالج الظروف المتغيرة التي أحدثتها بسبب الابتكار المجتمعي والتغير التكنولوجي و استغلال التطور العقلي الذي حدث بنجاح.

    ان المهارات التي يحتاجها المواطن الرقمي الان و في المستقبل، لم تعد تلك التي كانت تدرس لمعظم الناس في المدرسة أو الجامعة. أن التعليم لابد يأخذ كحالة مستمرة لا توقف فيها، بمعني توفير فرص التطوير و اعادة التأهيل المستمره لكل فرد و موظف و مسؤول في الدوله (لا أحد كبير علي التعلم في العصر الرقمي). كذلك لابد من تزويد الأفراد بالمهارات التي يتطلبها السوق في كل فتره، اي يكون تطوير التعليم بشكل سنوي بناء علي التغيرات التي تحدث في المجتمع سواء اقتصادية او تكنولوجية ، كما يجب ان يدعم التعليم عقلية ريادة الأعمال حتي يتكمن كل فرد من التعرف على الفرص ويتم إعداد الأفراد لتحمل المخاطر.

    و بدل من ان يهتم واضعوا السياسات بتقيد ابداعات و حرية المواطن الرقمي، عليهم دعمة عن طريق معالجة بعض القضايا المستجدة مثل القيم و المفاهيم الدخيلة علي مجتمعاتنا، ووضع قواعد للامن على شبكة الإنترنت، والخصوصية، و محاربة الجرائم الإلكترونية، والإدمان، والانحرافات، و وضع سياسات لتقييم العمل عن بعد، و دعم فكرة التعلم الإلكتروني. و كما قال جورج باتون " القائد لا يخطط ثم يحاول عبثا تغير الظروف، بل عليه ان يجعل خططه تتوافق و تنسجم مع الظروف" هذا هو القائد الذي يبنى امه و هذا ما نحتاجه فعلا الان!

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن